واعْلَمْ أنَّ مِنَ السَّمْع ما هو معقولٌ يمكنُ للعباد أن يُحيطوا به عِلمًا، ومنه ما ليس بمَعقول لا يمكنُهم أن يُحيطوا به عِلمًا، والاتِّباع والتسليمُ في جميعهِ واجبٌ؛ لأنَّهُ العلْمُ الذي لا يَرِدُ عليه الباطلٌ، وليسَ للشيطانِ عليه من سَبيل.
عن عَبْد الله بن عَمْرو ﵄؛ قال: لقد جلَسْتُ أنا وأخي مجلسًا ما أحِبُّ أنَّ لي به حُمْرَ النَّعمِ، أقبلتُ أنا وأخي، وإذا مشيخَةٌ من صَحابةِ رَسولِ اللهِ ﷺ جلوسٌ عند بابٍ من أبوابه، فكَرِهْنا أنْ نُفَرِّقَ بينَهم، فجلَسْنا حَجْرَةً؛ إذْ ذكَروا آيةً من القرآنِ، فتمارَوْا فيها، حتى ارتفعَتْ أصواتُهم، فخرجَ رسولُ الله ﷺ مُغْضَبًا، قدِ احمرَّ وَجْهُهُ، يَرْميهم بالتُّرابِ، ويقولُ: "مَهْلًا يا قوم! بهذا أهْلِكَتِ الأمَمُ من قَبْلِكم، باختِلافهم على أنْبيائِهم، وضَرْبِهم الكتُبَ بعضَها بِبَعْضٍ، إنَّ القرآنَ لَمْ يَنْزِلْ يُكَذِّب بعضُه بَعْضًا، بَلْ يُصَدِّقُ بعضُه بَعْضًا، فَما عَرَفْتُم منه؛ فاعمَلوا به، وَما جَهِلْتم منه؛ فرُدُّوهُ إلى عالِمِهِ" (١٢).
قال الإِمام أحمدُ: "ونردُّ القرآنَ إلى عالِمِه ﵎، إلى الله، فهو أعلَمُ به" (١٣).