118

The Safe Interpretation According to the Methodology of Revelation and Authentic Sunna

التفسير المأمون على منهج التنزيل والصحيح المسنون

Editorial

(المؤلف)

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Géneros

أيكم سمع رسول الله ﷺ يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه. فقال: لعلكم تَعْنون فتنةَ الرجل في أهله وماله وجاره؟ قالوا: أجل. قال: تِلك تُكفِّرها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيكم سمع رسول الله ﷺ يذكر التي تمُوج موج البحر؟ قال حذيفة: فأسْكَتَ القومُ، فقلتُ: أنا. قال: أنت لله أبوك؟ قال حذيفة: سمعت رسول الله ﷺ يقول: تُعرض الفِتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا فأي قلب أُشْرِبَها (١) نُكت فيه نكتةٌ سوداء، وأي قلب أنكرها نُكِتَ فيه نكتةٌ بيضاء، حتى يصيرَ على قلبين: على أبيض مثل الصفا فلا تضرّه فتنة ما دامت السماوات والأرضُ، والآخر أسودُ مُرْبادًا (٢) كالكوز مُجَخِّيًا (٣)، لا يعرف معروفًا ولا يُنكر مُنكرًا، إلا ما أُشرِبَ من هواه] (٤). ٢ - تشبيه القلوب بالأوعية والظروف والغلف. قال ابن جرير: (فإن قلوب العباد أوعية لما أُودعت من العلوم، وظروفٌ لما جُعل فيها من المعارف بالأمور. فمعنى الختم عليها وعلى الأسماع - التي بها تُدرَك المسموعات، ومن قِبَلها يوصل إلى معرفة حقائق الأنباء من المُغَيَّبات - نظيرُ معنى الختم على سائر الأوعية والظروف). ٣ - قوله ﴿عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ فيه دليل على فضل القلب على جميع الجوارح. قال القرطبي: (والقلب للإنسان وغيرِه. وخالص كل شيء وأشرفه قلبه، فالقلب موضع الفكر. وهو في الأصل مصدر قَلبْتُ الشيء أقلِبه قلبا إذا رددته على بداءته. وقلبت الإناء: رددته على وجهه. ثم نقل هذا اللفظ فسمي به هذا العضو الذي هو أشرف الحيوان، لسرعة الخواطر إليه، ولترددها عليه، كما قيل: ما سُمِّيَ القلب إلا من تقلُّبِه ... فاحذر على القلب من قَلْبٍ وتحويل قلت: وقد حفلت السنة الصحيحة بهذا المعنى.

(١) أي دخلت فيه دخولًا تامًّا وكأنها حلت محل الشراب، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ﴾ أي حب العجل. (٢) شدة البياض في سواد، أي الذي اختلط سواده بكدرة. (٣) مُجَخِّيًا: أي منكوسًا مائلًا. (٤) حديث صحيح. انظر مختصر صحيح مسلم (١٩٩٠)، ورواه البخاري في الصحيح (٦٤٩٧).

1 / 120