168

The Relief of the Distressed in Traps of the Devil

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان - ط عطاءات العلم

Investigador

محمد عزير شمس

Editorial

دار عطاءات العلم (الرياض)

Número de edición

الثالثة

Año de publicación

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Ubicación del editor

دار ابن حزم (بيروت)

Géneros

على أن النفس قاطعة بين القلب وبين الوصول إلى الرب، وأنه لا يُدخَلُ عليه سبحانه ولا يُوصل إليه إلا بعد تركها، وإماتتها بمخالفتها، والظفر بها. فإن الناس على قسمين: قسم ظفرت به نفسه؛ فملكتْه وأهلكتْه، وصار طوعًا لها تحت أوامرها. وقسم ظفروا بنفوسهم؛ فقهروها، فصارت طوعًا لهم، مُنقادةً لأوامرهم. كما قال بعض العارفين: انتهى سفر الطالبين إلى الظفر بأنفسهم، فمن ظَفِر بنفسه أفلح وأنجح، ومن ظفرت به نفسه خسر وهلك، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٣٧ - ٤١]. فالنفس تدعو إلى الطغيان وإيثار الحياة الدنيا، والرب تعالى يدعو العبد إلى خوفه ونهي النفس عن الهوى، والقلب بين الداعيين، يميل إلى هذا الداعي مرة والى هذا مرة، وهذا موضع المحنة والابتلاء. وقد وصف سبحانه النفسَ في القرآن بثلاث صفات: المطمئنة، والأمّارة بالسوء، واللوامة. فاختلف الناس: هل النفس واحدة، وهذه أوصاف لها؟ أم للعبد ثلاثة أنفس: نفس مطمئنة، ونفس لوامة، ونفس أمارة؟ والأول: قول الفقهاء والمتكلمين، وجمهور أهل التفسير، وقول مُحقِّقي الصوفية. والثاني: قول كثير من أهل التصوف.

1 / 126