الظاهرة القرآنية

Malek Bennabi d. 1393 AH
83

الظاهرة القرآنية

الظاهرة القرآنية

Investigador

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Editorial

دار الفكر

Número de edición

الرابعة

Año de publicación

١٤٢٠ هـ -٢٠٠٠م

Ubicación del editor

دمشق سورية

Géneros

مبدأ النبوة إن مبدأ النبوة يعرض نفسه بفضل شاهده الوحيد- النبي- بوصفه ظاهرة موضوعية مستقلة عن الذات الإنسانية التي تعبر عنه. والمشكلة على وجه التحديد هي معرفة ما إذا كان الأمر يتعلق بأشياء ذاتية محضة، أو بظاهرة موضوعية كالمغناطيسية مثلًا؛ إن وجود المغناطيسية ينكشف لنا بواسطة الإبرة الممغنطة التي تجسم لنا كمًا وكيفًا الحقائق النوعية؛ لكننا لا نستطيع ملاحظة ظاهرة النبوة إلا من خلال شهادة النبي، وفي محتويات رسالته المتواترة المنزلة، فالأمر يتعلق إذن بمشكلة نفسية من ناحية وتاريخية من ناحية أخرى، ولنا أن نلاحظ أولًا وقبل كل شيء أن بعث نبي ما ليس حدثًا فردًا، ليكون غريبًا نادرًا، بل هو على العكس من ذلك ظاهرة مستمرة تتكرر بانتظام بين قطبين من التاريخ، منذ إبراهيم إلى محمد ﷺ. واستمرار ظاهرة تتكرر (١) بالكيفية نفسها، يعدّ شاهدًا علميًا يمكن استخدامه لتقرير مبدأ وجودها؛ بشرط التثبت من صحة هذا الوجود بالوقائع المتفقة مع العقل، ومع طبيعة المبدأ. ومن المعلوم بناء على وجهة نظر (هيجل) - التي تعتمد على ملاحظة الظواهر- أننا إذا وجدنا حالة نبوية خاصة لا تفسر شيئًا ولا تثبته، فإن تكررها في ضل بعض الشروط يبرهن على الوجود العام للظاهرة بطريقة علمية، ويبقى علينا أن نبحث في ماهية هذا التكرار، لكي نستخلص من صفاته الخاصة القانون العام الذي يمكن أن يسيطر على الظاهرة في جملتها. فليس هناك من

(١) يتصل بهذا المعنى الآية الكريمة: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف ٩/ ٤٦].

1 / 87