المنهج الحركي للسيرة النبوية
المنهج الحركي للسيرة النبوية
Editorial
مكتبة المنار-الأردن
Número de edición
السادسة
Año de publicación
١٤١١ هـ - ١٩٩٠ م
Ubicación del editor
الزرقاء
Géneros
والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يطهره الله أو أهلك فيه ما تركته!. ثم استعبر رسول الله ﷺ فبكى ثم قام، فلما ولى ناداه أبو طالب فقال: أقبل يا ابن أخي. فأقبل عليه رسول الله ﷺ - فقال: اذهب يابن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشيء أبدا (١».
ونلاحظ هذه الملاحظات الثلاث على هذه الإجارة:
١ - إن قريشا حاولت مع أبي طالب أن يدعو ابن أخيه للكف عن الدعوة لهذا الدين الجديد، وقد فشلت هذه المحاولة وهذا ما نتوقعه ونحن نستفيد من قوانين المجتمع الجاهلي، وهي محاولة استصدار قوانين جديدة تحول دون حرية الدعوة.
٢ - لجأت قريش إلى التهديد في المرة الثانية، ونجحت في التأثير على أعصاب أبي طالب، فدعا محمدا رسول الله ﷺ إلى الكف عن الدعوة لهذا الدين، لعجزه عن حمايته وهو في هذه الصورة. لكن ثبات رسول الله ﷺ على الحق، مهما كانت عقباته. ثبت أبا طالب ثانية في حمايته.
ونفقه من هذا التصرف أن فشل الجاهلية في المرة الأولى - من بعض فئاتها - لضرب الدعوة لا يثنيها عن هذا الطريق، فقد تعيد الكرة ثانية وثالثة، ويقظة الحركة الإسلامية من جهة، وصلابتها من جهة ثانية هما الكفيلان بإحباط محاولات هذه الفئة المعادية، والحركة الإسلامية بحاجة لأن يستفيد من كل تناقضات المجتمع الجاهلي لتجعل بعضه ضد بعض فتستفيد هي من هذه التناقضات.
٣ - والاستفادة من العصبية الجاهلية في حماية شباب الدعوة أمر شرعي، فابن العائلة الكبيرة والقبيلة الضخمة الذي يستطيع أن يوظف زعيم هذه العائلة لحمايته لا يعني أنه قد تخلى عن دينه بذلك. واستفادة بعض الدعاة من ضابط كبير في الجيش أو المخابرات، أو وزير متنفذ في دولة،
_________
(١) السيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٢٨٤ - ٢٨٥.
1 / 70