المنهج الحركي للسيرة النبوية
المنهج الحركي للسيرة النبوية
Editorial
مكتبة المنار-الأردن
Número de edición
السادسة
Año de publicación
١٤١١ هـ - ١٩٩٠ م
Ubicación del editor
الزرقاء
Géneros
خلق الله إسلاما امرأة، وأول شهيد في الإسلام امرأة فلم تكن المرأة المسلمة إذن بعيدة عن الساحة. بل تلقت بصبر وبطولة آلام العذاب في سبيل الله حتى الجواري والإماء، فالنهدية تلقت العذاب حتى عميت، وسمية تلقت العذاب حتى استشهدت. وفاطمة بنت الخطاب قامت تدفع عن زوجها فلطمت حتى نفر الدم من وجهها، هذا جانب. والجانب الثاني قدرة الوعي والمحافظة على السرية عندها. فعندما أصيب أبو بكر ﵁ وصحا بعد غيبوبة طويلة، دفع أمه إلى أم جميل بنت الخطاب تسألها عن رسول الله. فأنكرت أنها تعرفه أو تعرف أبا بكر. لكنها تصرفت بلباقة من جانب آخر. فهي تريد أن تنقذ الموقف دون أن تفشي سرا. فعرضت على أم أبي بكر أن تمضي معها إلى ابنها فوافقت. وهناك استأذنت أبا بكر ﵁ في الأمر فأذن لها في الجواب، وأشارت إلى أمه الكافرة فأذن لها في الجواب فأجابت، ولا ننسى أنها بقيت محافظة على سرية إسلامها حتى اضطرت لإعلانه يوم صفعها أخوها على إسلامها، واستطاعت بهذا الموقف الشجاع أن تدفع بأخيها إلى الندم ثم إلى الإسلام.
ولئن ذكرنا كل نسوة الأرض، فلا بد أن تكون خديجة ﵂ في القمة. فهي التي احتضنت الدعوة والداعية منذ اللحظات الأولى، ووضعت كل ثروتها ومالها تحت تصرف زوجها رسول الله ﷺ، وصبرت على المقاطعة والفقر وهي سليلة الغنى والثراء، وكان لها فوق هذه الأدوار جميعا موقف المواسي لرسول الله ﷺ، وموقف المشجع والمثبت. وبقيت ذكراها ماثلة في ذهن رسول الله ﷺ. حتى ليقفز فرحا حين يسمع صوت أختها هالة، أو صوت صديقات كن يزرنها في حياتها. وحق لرسول الله ﵊ وللمسلمين أن يطلقوا على العام الذي توفيت فيه خديجة رضوان الله عليها، وتوفي فيه أبو طالب عام الحزن.
ما أحوجنا إلى هذه النماذج، وإلى تربية أمثالها في صفوفنا، وإلى دعوة المرأة المسلمة أن تأخذ مكانها الصحيح، وموقعها المناسب من المعركة. وإن
1 / 122