ونسلمه حتى نصرّع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل «١»
وينهض قوم في الحديد إليكم ... نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل «٢»
ومنها:
وما ترك قوم- لا أبا لك- سيدا ... يحوط الذمار غير ذرب مواكل «٣»
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل «٤»
وهي قصيدة طويلة جدا قال فيها ابن كثير: هذه قصيدة بليغة جدا، لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه، وهي أفحل من المعلقات السبع، وأبلغ في تأدية المعنى منها جميعها «٥» .
الإغراء بدل الإيذاء (قصة عتبة بن ربيعة مع الرسول)
ورأت قريش- وقد عزّ عليها أن يكف النبي عما يقول بالإيذاء والفتنة والسعي إلى عمه أبي طالب، بل والإيذان بالحرب والمنابذة- أن تلجأ إلى سياسة الملاينة، والإغراء بالمال، أو الجاه، أو الملك والسلطان ظنا منهم أنه ربما يغريه بريق هذه العروض.
روى ابن إسحاق في سيرته عن محمد بن كعب القرظي قال: حدّثت أن عتبة بن ربيعة- وكان سيدا حليما- قال ذات يوم، وهو جالس في نادي قريش ورسول الله جالس واحده في المسجد الحرام: يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا
(١) الحلائل: الزوجات.
(٢) الروايا: جمع راوية، وهي البعير الذي يحمل الماء، الصلاصل: المزادات التي لها صلصلة بالماء.
(٣) الذمار: ما يلزم حمايته، الذرب بسكون الراء: الفاحش المنطق، المواكل: الذي لا جد عنده.
(٤) يستسقى: يستنزل المطر بسبب دعائه، وقيل: إن أهل مكة كانوا أجدبوا بسبب عدم نزول الماء، فقام عبد المطلب يحمل رسول الله ﷺ وهو صغير على عاتقه، ودعا الله فما لبثوا أن تفجرت السماء، وامتلأ الوادي بالماء.
(٥) السيرة لابن هشام ج ١ ص ٢٧٢- ٢٨٠؛ البداية والنهاية ج ٣ ص ٥٣- ٥٧.