The Preferred Opinion with Evidence - Prayer
مذكرة القول الراجح مع الدليل - الصلاة
Géneros
﴿مذكرة﴾
القول الراجح مع الدليل
لكتاب الصلاة من شرح منار السبيل
(الجزء الأول)
من باب الأذان والإقامة إلى سنن الصلاة
لفضيلة الشيخ
خالد بن ابراهيم الصقعبي
مدير الدورات العلمية
أحمد بن عبدالله الغفيص
للاستفسار جوال (رجال ٠٥٠٣٨٣١٤١٤ نساء٠٥٠٥٢٣٧٤٧٧)
دار أم المؤمنين خديجة بنت خويلد
النسائية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ببريدة
ترخيص رقم (٢٣/ ١٥)
1 / 1
﴿باب الأذان والإقامة﴾
الأذان في اللغة: الإعلام، وفي الإصطلاح: هو التعبد لله بالإعلام بدخول وقت الصلاة بذكر مخصوص.
أما الإقامة فهي في اللغة: مصدر أقام من أقام الشيء إذا جعله مستقيمًا، وفي الشرع هي التعبد لله بالقيام للصلاة بذكر مخصوص.
* وقد اختلف في السَنة التي شرع فيها الأذان: والراجح انه شرع في السَنة الأولى من الهجرة، كما رجح ذلك ابن حجر رحمه الله تعالى.
س١: ما سبب مشروعية الأذان؟
ج/ سبب مشروعية الأذان هو: ما رواه ابن عمر قال: (كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة ليس ينادى لهم فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم بل بوقًا مثل بوق اليهود، فقال عمر: أولا تبعثون رجلًا ينادي للصلاة، فقال رسول الله ﴿ﷺ يا بلال، قم فنادِ بالصلاة﴾ (١).
س٢: أيهما أفضل الأذان أم الإقامة؟
ج/ الراجح أن الأذان أفضل لورود الأحاديث الدالة على فضله كحديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال ﴿لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (٢)﴾.
_________
(١) متفق عليه واللفظ للبخاري.
(٢) رواه البخاري ومسلم.
1 / 2
وإنما كان الأذان أفضل من الإمامة، لما فيه من إعلان ذكر الله وتنبيه الناس على سبيل العموم، ولأن الأذان أشق من الإمامة، ولكن قاعدة وهي: ﴿أن المفضول أحيانًا يكون أفضل من الفاضل﴾ كما لو كان الشخص حسن الصوت بالقراءة مثلًا، فهذا يقال الأفضل في حقك الإمامة، ولكن الأصل أن الأذان أفضل لما تقدم.
س٣: ما حكم الأذان والإقامة
ج/ بالنسبة للرجال حكمهما فرض كفاية، أما كونهما فرض، فلأن النبي ﷺ أمر بهما في عدة أحاديث منها حديث مالك بن الحويرث وفيه قول النبي ﷺ ﴿إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم (١)﴾ ولملازمته ﵊ لهما في الحضر والسفر، ولأنه لا يتم العلم بالوقت إلا بهما غالبًا، ولتعين المصلحة بهما لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة.
أما كونهما على الكفاية، فلحديث مالك بن الحويرث المتقدم، يدل على أنه يكتفي بأذان واحد ولا يجب الأذان على كل وأحد.
أما حكمها بالنسبة للنساء فالظاهر أن الأقرب سنية الإقامة في حقهن دون الأذان، لأجل إجتماعهن على الصلاة.
الراجح أيضًا أن الأذان والأقامة واجبتان حتى على المسافرين خلافًا لمن قال بسنيتهما، بدليل قول النبي ﷺ لمالك بن الحويرث وصحبه ﴿إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم﴾، وهم وافدون على الرسول ﷺ مسافرون إلى أهليهم ومع ذلك أمر النبي ﷺ أن يؤذن لهم أحدهم، ولأن النبي ﷺ لم يدع الأذان والإقامة حضرًا ولا سفرًا، فكان يؤذن في أسفاره ويأمر بلالً أن يؤذن، وبناء على هذا فالراجح وجوبه على المقيمين والمسافرين.
الراجح أيضًا وجوب الأذان للصلوات الخمس المؤداة والمقضية، ودليلة أن ﷺ ﴿لما نام عن صلاة الفجر في سفره ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس أمر
_________
(١) رواه البخاري ومسلم.
1 / 3
بلالً أن يؤذن ويقيم﴾ (١)، ولعموم قول النبي ﷺ ﴿إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم﴾.
وهذا يشمل حضورهما بعد الوقت، وفي الوقت، ولكن إذا كانوا داخل البلد ولم يصلوا حتى خرج الوقت لنوم أو نسيان، فإنه يكتفي بأذان البلد ويقيموا الصلاة.
س٤: كيف يؤذن ويقيم من جمع بين صلاتين؟
ج/ من جمع بين الصلاتين أذان للأولى وأقام لكل فريضة، هذا إذا لم يكن في البلد، أما إذا كان في البلد فإن أذان البلد يكفي وحينئذٍ يقيم لكل فريضة، ودليل ذلك ما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر ﵁ ﴿أن النبي ﷺ في عرفة أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر، وكذلك في مزدلفة أذن وأقام وصلى المغرب ثم أقام وصلى العشاء﴾ وإنما اكتفى بأذان واحد، لأن وقت المجموعتين صار وقتًا واحدًا، ولم يكتفِ بإقامة واحدة، لأن لكل صلاة إقامة.
س٥: وكيف يؤذن ويقيم من يريد قضاء فوائت؟
ج/ من قضى فوائت فإنه يؤذن مرة واحدة ويقيم لكل فريضة، بدليل حديث أبي سعيد الخدري ﵁ ﴿لما فاته ﷺ بعض صلوات يوم الخندق، قال: فدعا رسول الله ﷺ بلالً فأقام الظهر فصلاها ثم أمره فأقام المغرب (٢)﴾، ولما ورد أن النبي ﷺ ﴿لما نام عن صلاة الفجر في سفره ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس أمر بلالً أن يؤذن وأن يقيم (٣)﴾.
وكذلك قياسًا على الصلوات المجموعة التي ثبت أن النبي ﷺ يؤذن لها مرة واحدة ويقيم بعدد الصلوات، وهذا إذا لم يكن في البلد، فإن كان في البلد فإن أذان البلد يكفي، وحينئذٍ يقيم لكل فريضة.
_________
(١) أخرجه البخاري في التيمم (باب الصعيد الطيب)، ومسلم في المساجد (باب قضاء الصلاة الفائته).
(٢) رواه أحمد، والنسائي، وابن أبي شيبة، وابن خزيمة، وصححه في تحفة الأحوذي١/ ٥٣٢، والنيل٢/ ٣٠.
(٣) سبق تخريجه صـ٤.
1 / 4
س٦: ما حكم أذان وإقامة المنفرد؟
ج/ بالنسبة للمنفرد يشرع له الأذان والإقامة لكن لو اقتصر على الإقامة دون الأذان صح ذلك، والجمع بينهما أحسن، قال شيخ الإسلام في الإختيارات (١) " وإذا صلى وحده أداء أو قضاء وأذن وأقام فقد أحسن، وإن اكتفى بالإقامة أجزاه " أ-هـ.
وقد ورد في حديث عقبة ﵁ ما يدل على ذلك قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ﴿يعجب ربك من راعي غنم على رأس الشظية للجبل يؤذن للصلاة ويصلي، فيقول الله: أنظروا إلى عبدي هذا، يؤذن ويقيم للصلاة، يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة (٢)﴾.
س٧: ما حكم الترتيب والتوالي بين جمل الأذان؟
ج/ لابد أن يكون الأذان والإقامة مرتبين، فلو نكس جمل الأذان أو الإقامة لم يصح ذلك، لأنهما عبادتان وردتا على هذه الصفة التكبير أولًا ثم التشهد ثم الحيعلة ثم التكبير ثم التوحيد، وعلى هذا فلو نكس فلا يصح كما تقدم، لقول النبي ﷺ ﴿من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد (٣)﴾.
كذلك لابد أن يكونا متواليين وليس المقصود من التوالي التوالي بين الأذان والإقامة وإنما المقصود التوالي بين جمل الأذان، وكذلك بين جمل الإقامة.
وعلى هذا لو أتى بالتكبير في الأذان مثلًا ثم ذهب ليتوضأ، وأراد أن يكمل، فإنه لا يجزئ، لوجود الفاصل، وعدم التوالي بين جمل الأذان فلابد أن يعيده من جديد.
والفاصل لا يخلو من أمور:
أ) أن يكون كلامًا يسيرًا محرمًا فهذا يبطل الأذان والإقامة، إذا حصل فيهما.
ب) أن يكون كلامًا يسيرًا مباحًا فهذا لا يبطل الأذان والإقامة ولكن الفقهاء ﵏ كرهوا ذلك.
ج) أن يكون كلامًا طويلًا مباحًا أو سكوتًا طويلًا فهذا يبطل الأذان والإقامة.
_________
(١) الاختيارات الفقهية صـ٣٦.
(٢) رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والطبراني، وهو صحيح.
(٣) رواه البخاري ومسلم.
1 / 5
س٨: ما حكم الموالاة بين الإقامة والصلاة؟
ج/ لا يشترط الموالاة بين الإقامة والصلاة، فلو أقام ثم حصل له حاجة فذهب وقضاها، ثم رجع وأراد أن يصلي، فلا يلزم من ذلك إعادة الإقامة، لأن النبي ﷺ ﴿أمر بلالًا بالإقامة فلما أقام ذكر النبي ﷺ أنه جنب فذهب واغتسل وصلى، ولم يعد الإقامة (١)﴾، وظاهر هذا طول الفصل.
س٩:ما الحكم فيما لو بدأ بالأذان شخص وأكمله آخر؟
ج/ لا بد أن يكون الأذان من واحد فلو أنه أذن ثم انتصف في الأذان فحصل له عذر فمنعه من الإكمال فجاء أخر فإنه لا يبدأ الأذان من حيث انتهى الأول، وإنما يستأنف من جديد، وكذلك الحكم بالنسبة للإقامة.
س١٠: هل يشترط أن يقيم الذي أذن أم يصح أن يكون الأذان من شخص والإقامة من آخر؟
ج/السنة أن من تولى الأذان أن يتولى الإقامة، لأن بلالًا كان هو الذي يؤذن، وهو الذي يقيم كما في حديث أبي سعيد السابق في قصة الخندق وغيره، ويدل لذلك من النظر، فإنه ينبغي لمن تولى الأذان وهو الإعلام أولًا، أن يتولى الإعلام ثانيًا، حتى لا يحصل التباس بين الناس في هذا الأمر، وحتى يعلم المؤذن أنه مسئول عن هذا الإعلامين جميعًا.
س١١: هل للأذان شروط؟
ج/ نعم، له شروط تتعلق بالأذان نفسه، وشروط تتعلق بالمؤذن، وشروط تتعلق بوقته.
أما التي تتعلق به فيشترط فيه ما يلي:
_________
(١) رواه البخاري.
1 / 6
١ - أن يكون مرتبًا.
٢ - أن يكون متواليًا.
٣ - أن يكون بعد الوقت.
٤ - ألا يكون فيه لحن يحيل المعنى سواء عاد هذا اللحن إلى علم النحو أو علم التصريف.
٥ - أن يكون على العدد الذي جاءت به السنة.
أما المؤذن فلابد أن يكون:
١ - مسلمًا.
٢ - عاقلًا.
٣ - ذكرًا.
٤ - واحدًا.
٥ - عدلًا.
٦ - مميزًا.
أما الوقت فلا بد أن يكون: الأذان بعد دخول الوقت فلا يجزئ قبله مطلقًا على القول الراجح، ويستثني من ذلك أذان الفجر الأول.
س١٢: ما هي شروط إقامة الأذان؟
ج/ شروط إقامة الأذان هي:
١ - أن يكونوا رجالًا فخرج بذلك الصغار والإناث والخنثى المشكل وقد تقدم بيان ذلك.
٢ - أن يكونوا مقيمين والراجح خلاف ذلك وتقدم أن الأذان والإقامة واجبتان حتى على المسافرين.
٣ - أن يكون الأذان للصلوات الخمس ويخرج بذلك ما عداها، فالوتر لا يؤذن لها وكذلك لو كسفت الشمس وصلاة العيد كذلك والصلاة المنذورة وهكذا.
1 / 7
٤ - أن تكون الصلاة التي يؤذن لها موداة والصواب وجوبها للصلوات الخمس والمقضية قد تقدم بيان ذلك.
٥ - أن يكونوا جماعة بخلاف المنفرد فإن الأذان سنة في حقه.
س ١٣: كم عدد جمل الأذان والإقامة؟
ج/ الخلاصة في عدد جمل الأذان والإقامة ما يلي:
* أما الأذان، فالإمام أحمد ﵀ ومذهب أبو حنيفة: أن عدد جمل الأذان ١٥ جملة، وهو الأذان المعروف الآن، وهو أذان بلال.
* والشافعية: عدد جمل الأذان ١٩جملة، وهو نفس أذان بلال مع الترجيع (والترجيع أن يقول الشهادتين سرًا في نفسه ثم يقولها جهرًا).
* أما الإقامة فعند الإمام أحمد والشافعي: أن عدد جمل الإقامة ١١جملة، وهي الإقامة المعروفة الآن وهي إقامة بلال.
الأحناف قالوا: أن عدد جمل الإقامة ١٧،جملة، وهي نفس أذان بلال مع زيادة قد قامت الصلاة.
وهناك أقوال أخرى لكن هذا هو ما صحت به السنة.
* والعبادة إذا جاءت على وجوه متعددة يسن للإنسان أن يأتي بهذه مرة بهذه مرة، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه اله لذلك أربع فؤائد هي:
١) إحياء السنة.
٢) حفظ العلم الإنسان إذا تعلم شيئًا وطبقه أدى ذلك إلى حفظه.
٣) أنه أخشع لقلبه.
٤) نقل العبادة من كونها عادة إلى كونها عبادة.
س١٤:ما السنة في طهارة المؤذن؟
ج/ السنة أن يكون المؤذن متطهرًا من الحدث الأكبر والأصغر، ولكن الفقهاء ﵏ قالوا: يكره أذان الجنب دون أذان المحدث حدثًا أصغر، هذا إذا لم تكن المنارة
1 / 8
في المسجد فإن كانت في المسجد فإنه لا يجوز أذا المحدث حدثًا أكبر إلا بوضوء، لعدم جواز دخوله المسجد حتى يتوضأ، فالمراتب ثلاث:
١) أن يكون متطهرًا من الحدثين وهذا هو الأفضل.
٢) أن يكون محدثًا حدثًا أصغر وهذا مباح.
٣) أن يكون محدثًا حدثًا أكبر وهذا هو مكروه.
لكن الأفضل أن يكون متطهرًا من الحدثين، لما ورد عن الأعرج قال سمعت عميرًا مولى ابن عباس قال: ﴿أقبلت أنا وعبدالله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي ﷺ حتى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري، فقال أبو جهيم: أقبل النبي ﷺ من حو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي ﷺ حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم ردَّ ﵇ (١)﴾، فهذا ذكر والأذان من باب أولى.
س١٥: هل يجب استقبال القبلة للمؤذن حال آدائه للأذان؟
ج/ السنة أن يكون المؤذن مستقبلًا القبلة، لحديث عبدالله بن زيد الأنصاري في المنام قال: اسحاق بن راهويه في مسنده ﴿قال جاء عبدالله بن زيد فقال: يا رسول الله إني رأيت رجلًا نزل من السماء فقان على جذم حائط، فاستقبل القبلة .. فذكر الحديث﴾ (٢)، ولو أذن إلى غير جهة القبلة صح ذلك.
س١٦: ما حكم التفات المؤذن أثناء الحيعلتين؟ وما هي صور الالتفات؟
ج/ إلتفات المؤذن أثناء الحيعلتين سنة، لحديث أبي جحيفة ﴿رأيت بلالًا يؤذن فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا يقول يمينًا وشمالًا حي على الصلاة حي على الفلاح (٣)﴾.
* والإلتفات له ثلاثة صور:
١ - أن يجعل حي على الصلاة في اليمين كلها، وحي على الفلاح في الشمال كلها.
_________
(١) رواه البخاري ومسلم.
(٢) قال الألباني في أرواء الغليل: وهذا الحديث رجاله كلهم ثقلا وهو وقد ورد موصولًا.
(٣) متفق عليه.
1 / 9
٢ - أن يقول حي علي الصلاة في اليمين، ثم يعود إلى القبلة ثم يمينًا مرة أخرى حي على الصلاة، ثم حي على الفلاح جهة الشمال، ثم يعود إلى القبلة، ثم يعود مرة أخرى إلى الشمال لحي على الفلاح،) وهي الصيغة المعروفة الآن) وهي ظاهر السنة.
٣ - أن يلتفت يمينًا ويقول حي على الصلاة، ثم يلتفت شمالًا ويقول حي على الصلاة، ثم يلتفت يمينًا ويقول حي على الفلاح، ثم شمالًا ويقول حي على الفلاح.
ملاحظة: يلتفت في جميع الحيعلة أي أنه إذا التفت شرع في ذكر الحيعلة، لا أن يذكرها وهو ملتفت فهذا لا أصل له، ومثل ذلك التسليم من الصلاة.
﴿مسائل في متابعة المؤذن﴾
بعيدًا عن الخلاف في وجوب متابعة المؤذن أو سنية ذلك فإن هذه السنة كادت أن تندثر عند كثير من الناس إلا من رحم الله تعالى، فأصبح نسمع الأذان يدوي ومع ذلك نحن في مجالسنا التي يكثر فيها القيل والقال لا نتوقف لدقائق معدودة نتابع فيها المؤذن حتى ننال على أثر ذلك الأجر العظيم.
ويكفي في ذلك حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي ﷺ يقول ﴿إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن اكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (١)﴾.
س١٧: ما حكم متابعة المؤذن؟
_________
(١) رواه مسلم.
1 / 10
ج/ الصحيح أن متابعة المؤذن سنة وهو رأي جمهور العلماء، والدليل على ذلك ما ورد عن أنس بن مالك وفيه ﴿أن النبي ﷺ سمع مؤذنًا، فلما كبّر قال: على الفطرة، فلما تشهد قال خرج من النار .. الحديث (١)﴾، فلو كانت المتابعة واجبة، لما تركها النبي ﷺ.
واصرح منه قول النبي ﷺ لمالك بن الحويرث ومن معه ﴿إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم﴾ (٢)، فالمقام مقام تعليم وتدعو الحاجة إلى بيان كل ما يحتاج إليه، وهؤلا وفد قد لا يكون عندهم علم بما قاله النبي ﷺ في متابعة الأذان، فلما ترك النبي ﷺ التنبيه على ذلك مع دعاء الحاجة إليه، وكون هؤلا وفد لبثوا عنده عشرين يومًا ثم غادروا، يدل على أن الإجابة ليست واجبة.
س١٨: ما كيفية متابعة المؤذن؟
ج/ متابعة المؤذن تكون سرًا، لكن لابد من تحريك اللسان بذلك، حتى لو كان يطوف، فإنه يتابع وهو يطوف، وكذلك لو كان يقرأ القرآن فإنه يتابع، لأن الأذان يفوت والقراءة لا تفوت.
س١٩: إذا سمع المؤذن وهو يصلي فهل يتابعه أم لا؟
ج/ إذا كان في الصلاة، فالصحيح أنه لا يتابع المؤذن وهو يصلي، خلافًا لشيخ الإسلام حيث يرى ذلك، لقول النبي ﷺ في حديث عبدالله بن مسعود ﴿إن في الصلاة لشغلًا (٣)﴾، ولأنه لو تابع المؤذن وهو في الصلاة لأدى ذلك إلى خروج الصلاة عن مقصودها، لكن لا بأس إذا كان الذكر قصيرًا ووُجد سببه في الصلاة فلا بأس من ذكره كما لو عطس فحمد الله فلا بأس بذلك.
_________
(١) رواه مسلم.
(٢) رواه البخاري ومسلم.
(٣) رواه البخاري ومسلم.
1 / 11
س٢٠: إذا سمع المؤذن وهو يقضي حاجته فهل يتابعه أم لا؟
ج/ إذا سمع المؤذن وهو يقضي حاجته، من أهل العلم من قال أنه يتابعه بقلبه، ومنهم من قال أنه إذا خرج يقضيه وهذا هو الأحسن، والله تعالى أعلم.
س٢١: ماذا يقول من سمع المؤذن؟
ج/ من سمع المؤذن فإنه يقول مثل مايقول المؤذن، لما ورد من حديث أبي سعيد الخدري ﵁ قال قال رسول الله ﷺ ﴿﴿ذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن﴾ (١)، إلا عند الحيعلتين فإنه يقول لا حول ولا قوة إلا بالله، بدليل حديث عمر قال: قال رسول الله ﷺ ﴿إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ..﴾ وفيه ﴿ثم قال حي على الصلاة لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ...﴾ (٢) الحديث.
س٢٢: هل يستحب للمؤذن والمقيم إجابة أنفسهما ليجمعا بين ثواب الأذان والإقامة؟
ج/ على خلاف بين أهل العلم، قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى في فتأويه (٣) "والقول الآخر عدم استحبابه وهو أولى".
س٢٣: ما الحكم لو سمع مؤذنًا ثانيًا وثالثًا؟
ج/ إذا سمع مؤذنًا ثانيًا وثالثًا قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ السنة أنه يجيب، فقال رحمه الله تعالى كما في الاختبارات: "ويجيب مؤذنًا ثانيًا وأكثر حيث يستحب ذلك كما كان المؤذنان على عهد رسول الله ﷺ " أ. هـ (٤).
_________
(١) متفق عليه.
(٢) رواه مسلم.
(٣) ٤/ ١٣٦.
(٤) انظر (الاختيارات الفقهية من فتأوى شيخ الإسلام ابن تيمية) صـ٣٩.
1 / 12
س٢٤: إذا صلى الإنسان فرضه وسمع مؤذنًا يؤذن فهل يتابعه أم لا؟
ج/على خلاف بين أهل العلم وظاهر حديث ابن عمر ﴿إذا سمعتم﴾ أنه يجيب لعموم الحديث، وقال بعضهم أنه لا يجيب لأنه غير مدعو بهذا الأذان فلا يتابعه، لكن لو أخذ أحد مفهوم الحديث وقال: " أنه ذكر، وما دام أن الحديث عام، فلا مانع من أن أذكر الله ﷿ " فلا بأس بذلك، والله أعلم.
س٢٥: هل يتابع المؤذن إذا أقام للصلاة (أي في الإقامة)؟
ج/ سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى عن ذلك فقال "المتابعة في الإقامة فيها حديث أخرجه أبو داود، لكنه ضعيف لا تقوم به الحجة، وعلى هذا فالأقرب أنه لا يتابع الإقامة" أ. هـ، وحديث أبي دأوود هو عن بعض أصحاب النبي ﷺ ﴿أن بلالًا أخذ في الإقامة، فلما أن قال: قد قامت الصلاة قال النبي ﷺ أقامها الله وأدامها﴾.
س٢٦: ماذا يقول من يتابع المؤذن أثناء المتابعة، وبعد الإنتهاء من المتابعة؟
ج/ أما أثناء المتابعة: إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله وأجابه من يتابعه فإنه يقول بعد ذلك: رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمدًا رسولًا، كما هو ظاهر رواية مسلم حيث قال ﴿من قال حين يسمع النداء أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمدًا رسولًا﴾، وفي رواية ابن رمح أحد رجال الإسناد ﴿من قال وأنا أشهد﴾ وفي هذا دليل أنه يقولها عقب المؤذن.
أما ما يقوله بعد الأذان: ينبغي أولًا أن يصلي على النبي ﷺ، لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي ﷺ يقول ﴿إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى
1 / 13
الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة﴾ (١).ثم يقول ما ورد في حديث جابر بن عبدالله ﴿اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة أت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته﴾ (٢)، أما زيادة ﴿إنك لا تخلف الميعاد﴾، فهذه اختلف المحدثون في ثبوتها وممن يذهب إلى تصحيحها الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى وقال "بإن سندها صحيح أخرجها البيهقي بسند صحيح﴾.
س٢٧: كيف تكون المتابعة لمن سمع بعض الأذان؟
ج/ إذا سمع بعض الأذان، كما لو مر بطريق والمؤذن في نصف الأذان وأراد المستمع أن يتابعه، فإنه يتابعه فيما بقي ولا يبدأ من جديد.
س٢٨: بماذا يُجاب المؤذن عندما يقول: الصلاة خير من النوم؟
ج/الصحيح أنه يجيبه بمثل ما قال، فيقول "الصلاة خير من النوم" لعموم حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي ﷺ ﴿إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ... الحديث﴾ (٣)، وهذا لم يُستثنَ منه في السنة إلا: حي على الصلاة وحي على الفلاح، فيقال "لا حول ولا قوة إلا بالله" كما دل على ذلك حديث عمر وقد تقدم (٤)، فيكون العموم باقيًا فيما عدا هاتين الجملتين.
س٢٩: الأذان في المذياع هل يُجاب أم لا؟
ج/ سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى عن ذلك فأجاب بقوله: الأذان لا يخلو من حالتين:
_________
(١) رواه مسلم.
(٢) رواه البخاري، وأبو دأوود، والنسائي، وأحمد، وغيرهم.
(٣) رواه مسلم.
(٤) انظر صـ ٦.
1 / 14
١ - أن يكون الأذان على الهواء، أي أن الأذان لوقت الصلاة من المؤذن، فهذا يجاب، لعموم قول النبي ﷺ ﴿إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن﴾.
٢ - إذا كان الأذان مسجلًا، ليس أذانًا على الوقت، فإنه لا يجيبه، لأن هذا ليس أذانًا حقيقيًا، أي أن هذا المؤذن لم يرفعه حين أُمر برفعه، وإنما هو شيء مسموع لأذن سابق.
س٣٠: إذا كان المؤذن يؤذن عبر مكبر الصوت فهل يلتفت عند حي على الصلاة، حي على الفلاح، أم لا؟
ج/ أجاب الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى حيث قال: "إذا كان المؤذن يؤذن عبر مكبر الصوت فإنه لا يلتفت للحيعلتين، لأنه يضعف الصوت".
س٣١: ما حكم تلحين الأذان؟
ج/ قال الشيخ محمد بن إبراهيم في فتأويه (١): ثم التمديد الزائد عن المطلوب في الأذان ما ينبغي، فإن أحال المعنى فإنه يبطل الأذان، حروف المد إذا أعطيت أكثر من اللازم فلا ينبغي حتى الحركات إذا مدت إن أحالت المعنى لم يصح وإلا كره .. وكان يوجد في مكة تلحين كثير وهذا سببه الجهل وعوائد، وكونه لا يختار من هو أفضل، أ. هـ.
﴿باب شروط الصلاة﴾
_________
(١) ٢/ ١٢٥.
1 / 15
الشروط: جمع شرط وهي في اللغة: العلامة.
أما في إصلاح الأصوليين: فهم يقولون ﴿ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود﴾، فإذا لم توجد الطهارة لم تصح الصلاة، ولكن لا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة فقد يتطهر ولا يصلي، ولا صحتها، فقد يتوضأ ويصلي قبل دخول الوقت فلا تصح صلاته، ليس لعدم الطهارة ولكن لكونه صلى قبل دخول الوقت.
س١: ما الفرق بين الشروط والأركان؟
ج/ الفرق بين الشروط والأركان ما يلي:
١ - أن الشرط قبل الصلاة والركن داخلها.
٢ - أن الشروط يجب استصحابها من أول الصلاة إلى آخرها بخلاف الركن فإنه ينقضي ويأتي غيره.
٣ - أن الأركان تتركب منها ماهية الصلاة بخلاف الشروط، مثلًا ستر العورة وهو من الشروط لا تتركب منه ماهية الصلاة لكن لا بد منه في الصلاة مع القدرة عليه، لكن الأركان هي التي تتركب منها ماهية الصلاة كا الركوع والرفع من الركوع والسجود .... الخ.
س٢: ماهي شروط الصلاة (من الشرط الأول إلى الشرط الخامس)؟
ج/ شروط الصلاة هي: الشرط الأول: الإسلام. الشرط الثاني: العقل. الشرط الثالث: التمييز وهذه شروط في كل عبادة إلا الزكاة فإنها لا تلزم المجنون والصغير على القول الراجح، وكذا الحج فإنه يصح من الصغير ولو كان عمره ساعة واحدة، ولكنها لا تجزئه عن حجة الإسلام، فإذا بلغ وجب عليه الحج مرة أخرى.
1 / 16
الشرط الرابع: الطهارة مع القدرة، لقول النبي ﷺ ﴿لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ﴾ (١).
الشرط الخامس: دخول الوقت، ومعنى كون الوقت شرطًا للصلاة أي أنها لا تصح قبله، وأما من أخرها عنه عمدا لغير عذر ففي صحتها خلاف سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
قال شيخ الإسلام ﵀: الوقت المذكور هنا هو شرط للصلوات المكتوبات خاصة، فأما سواها فمنها ما يصح في كل وقت كركعتي الطواف والفوائت، ومنها ما يصح في غير أوقات النهار كالنوافل المطلقة، ومنها ما هو مؤقت أيضًا كالرواتب والضحى، ومنها ما هو معلق بأسباب كصلاة الكسوف والاستسقاء (٢).
والدليل على اشتراط الوقت:
* من الكتاب قوله تعالى ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (٣)﴾ أي مؤقتًا بوقته.
* ومن السنة الأدلة على هذا كثيرة منها قول النبي ﷺ ﴿وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر ووقت العصر﴾ (٤) الحديث.
س٣: ما هي أوقات الصلوات المفروضة وأدلة ذلك؟
ج/ أوقات الصلوات هي:
أولًا وقت الظهر: وهي تسمى الظهر، والهجير، والأولى، ووقتها من الزوال إلى مسأواة الشيء فيئه بعد فيء الزوال "أي أن آخر وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله" وقولنا: من بعد فيء الزوال، أي أن الظل الذي زالت عليه الشمس لا يحسب،
_________
(١) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة ﵁.
(٢) شرح العمدة٢/ ١٤٦.
(٣) (النساء: من الآية١٠٣)
(٤) رواه مسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ﵄.
1 / 17
لأن الشمس حتى ولو كانت في كبد السماء يبقى للشاخص ظل فهذا يسمى فيء الزوال، فهذا لا يحسب.
والدليل على هذا: ما ورد في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص السابق أن النبي ﷺ قال ﴿وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر﴾ الحديث.
والسنة تعجيل الظهر في أول وقتها إلا في شدة الحر فيستحب تأخيرها حتى ينكسر الحر، الحديث ﴿أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم﴾ (١)، حتى ولو صلى لوحده في البيت امرض ونحوه، وكذلك المرأة فيستحب تأخيرها إلى قرب وقت العصر، بحيث يصلي الإنسان السنة الراتبة القبلية وصلاة الظهر والسنة البعدية، إلا إذا كانت المرأة تنتظر الحيض فإنها تبادر في أدائها في أول الوقت، حتى لا تترتب الصلاة في ذمتها.
ثانيًا وقت العصر: أوله إذا صار ظل كل شيء مثله سوى فيء الزوال.
ودليله: حديث عبدالله بن عمرو بن العاص السابق.
أما آخر وقتها فلها وقتان:
أ) وقت اختيار وهو إلى اصفرار الشمس، لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص السابق وفيه ﴿ووقت العصر ما لم تصفر الشمس﴾.
ب) وقت ضرورة، إلى غروب الشمس، لحديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال ﴿من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر (٢)﴾.
ثالثًا وقت المغرب: أول وقته غروب الشمس، وهذا بلإجماع بلا خلاف.
_________
(١) رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري ﵁.
(٢) رواه البخاري ومسلم.
1 / 18
والدليل على هذا: ما رواه سلمة بن الأكوع قال ﴿كان رسول الله ﷺ يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب﴾ (١).
أما آخر وقتها: فهو مغيب الحمرة، أي الشفق الأحمر، بدليل حديث عبدالله بن عمرو وفيه قول النبي ﷺ ﴿ووقت المغرب ما لم يغب الشفق﴾، والمراد بالشفق هي الحمرة المعترضة في الأفق على القول الراجح، فمتى رأى الإنسان الحمرة قد زالت، فهذا دليل على أن وقت المغرب قد انقضى وهو يترأوح ما بين ساعة وربع إلى ساعة ونصف بعد المغرب.
ولكن السنة تعجيلها، لأن النبي ﷺ ﴿كان يصليها إذا وجبت (٢)﴾، لكن ليس معنى ذلك أنه يقيم بعد الأذان مباشرة، لأن النبي ﷺ قال ﴿صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب .. وقال في الثالثة لمن شاء﴾ (٣)، وهذا يدل على أن معنى التعجيل أن يبادر الإنسان بها من حين الأذان، ولكن يتأخر بمقدار الوضوء وصلاة ركعتين مثلًا، وما أشبه ذلك.
رابعًا وقت العشاء: أوله إذا غاب الشفق بلا خلاف، بيان المراد بالشفق.
أما آخر وقتها: فالراجح أن آخر وقت العشاء وهو منتصف الليل، لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص ﵄ وفيه ﴿ووقت العشاء إلى منتصف الليل﴾ (٤)، وطريقة حساب نصف الليل يحسب من غروب الشمس إلى أذان الفجر، ثم يقسم على إثنين.
وصلاة العشاء السنة تأخيرها، ولذلك كلما أخرها الإنسان كان أفضل، لكن يشترط أن يصليهما قبل خروج الوقت، وكذلك بشرط ألا يؤدي ذلك إلى ترك واجب كترك صلاة الجماعة بحجة سنية تأخيرها كذلك المرأة إذا كانت تنتظر حيضًا فالأولى المبادرة بالصلاة، حتى لا تترتب الصلاة في ذمتها لو حاضت وهي لم تؤدِ الصلاة.
_________
(١) متفق عليه.
(٢) رواه البخاري من حديث جابر بن عبدالله ﵄.
(٣) رواه البخاري عن عبدالله بن مغفل المزني.
(٤) رواه مسلم.
1 / 19
ومما يدل على استحباب تأخير صلاة العشاء حديث عبدالله بن عباس ﵄ قال ﴿أعتم النبي ﷺ بالعشاء فخرج عمر، فقال: الصلاة يا رسول الله رقد النساء والصبيان، فخرج النبي ﷺ ورأسه يقطر ماءً يقول: لولا أن أشق على أمتي، أو على الناس، لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة (١)﴾.
خامسًا وقت الفجر: أول وقتها من طلوع الفجر بلا خلاف، والمقصود به الفجر الثاني.
وآخر وقتها: هو طلوع الشمس، والدليل على ذلك حديث عبدالله بن عمرو بن العاص وفيه قول النبي ﷺ ﴿ووقت الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس﴾ (٢).
والسنة تعجيل صلاة الفجر، بدليل حديث عائشة ﵂ قالت ﴿كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله ﷺ الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الناس﴾ (٣).
س٤: بم يدرك الوقت؟ وما دليل ذلك؟
ج/ يدرك الوقت بإدراك ركعة على الصحيح، وعلى هذا لو دخل الوقت ومضى وقت بمقدار صلاة ركعة ثم حاضت المرأة، فإن هذه الصلاة تحسب في ذمتها، فإذا طهرت فإنها تقضيها، وكذلك لو طهرت المرأة من الحيض أو أسلم الكافر قبل خروج الوقت بمقدار ركعة، لزمتهما هذه الصلاة، حتى ولو دخلت المرأة تغتسل وخروج الوقت.
ودليل ذلك: حديث أبي هريرة ﵁ ﴿من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة﴾ (٤).
_________
(١) رواه البخاري ومسلم.
(٢) رواه مسلم.
(٣) رواه البخاري ومسلم.
(٤) رواه البخاري ومسلم.
1 / 20