The Phonetic Aspects in the Books of Qira'at Apologetics
الجوانب الصوتية في كتب الاحتجاج للقراءات
Editorial
دار الغوثانى
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
Ubicación del editor
دمشق
Géneros
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- وبعد، فإن للقراءات القرآنية شأنا في علوم العربية، فقد أثمرت تراثا غنيا، تأتي في مقدمته كتب الاحتجاج، وهي تعنى ببيان وجه كل قارئ فيما اختاره من قراءة، وأكثر هذه الوجوه لغوية، فكانت مجلى نظرات بارعة في درس العربية من جوانبها كافة: الصوتية، والصرفية، والنحوية، والدلالية.
على أن اختلاف القراءات القرآنية، وهو أدائي في غالب الأمر «١»، جعل للجوانب الصوتية الكفّة الراجحة في تلك الكتب.
- ويأتي هذا البحث ليسهم مع بحوث أخرى قدّمت في التأريخ للدراسات الصوتية في تراثنا العربي، فقد تعددت فيه ضروب الكتب التي عنيت بالجوانب الصوتية، من مثل كتب: النحو، والصرف، واللغة، والبلاغة، والقراءات، والتجويد، والطب، والموسيقا.
وتتبوّأ كتب الاحتجاج منزلة سامقة بين هذه الضروب، ولها طابع فريد يجعل منها اتجاها واضح المعالم والقسمات. فحقّ لها أن تحظى- كما حظي قرناؤها من قبل- بدراسة تستخرج ما حفلت به، وتعيد فيه النظر على ضوء ما جدّ من علم الأصوات، وهي الغاية التي يصدر عنها هذا البحث.
_________
(١) كنت وضعت قبل الشروع في هذا البحث تصنيفا لاختلاف القراءات القرآنية صحيحها وضعيفها، لم أشأ أن أضمّه إلى الكتاب لئلا يثقل بكثرة الملحقات.
1 / 5
- وكنت وقفت على أحد عشر كتابا في الاحتجاج للقراءات، تخذتها مصادري في هذا البحث، وهي:
١ - (معاني القراءات) لأبي منصور الأزهري (ت ٣٧٠ هـ).
٢ - (إعراب القراءات السبع وعللها) لابن خالويه (ت ٣٧٠ هـ).
٣ - (الحجة في القراءات السبع) له أيضا.
٤ - (الحجة للقراء السبعة) لأبي علي الفارسي (ت ٣٧٧ هـ).
٥ - (المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها) لابن جني (ت ٣٩٢ هـ).
٦ - (حجة القراءات) لابن زنجلة (ت نحو ٤٠٣ هـ).
٧ - (الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها) لمكي بن أبي طالب القيسي (ت ٤٣٧ هـ).
٨ - (شرح الهداية) لأبي العباس أحمد بن عمار المهدوي (ت نحو ٤٤٠ هـ).
٩ - (مفاتيح الأغاني في القراءات والمعاني) لأبي العلاء الكرماني (ت بعد ٥٦٣ هـ).
١٠ - (الموضح في وجوه القراءات وعللها) لنصر بن علي الشيرازي، المعروف بابن أبي مريم (ت بعد ٥٦٥ هـ).
١١ - (إعراب القراءات الشواذ) لأبي البقاء العكبري (ت ٦١٦ هـ).
- وقد جاء البحث في تمهيد وثلاثة فصول، فضلا عن المقدمة والخاتمة، مشفوعا بثلاثة ملحقات:
عقدت التمهيد للاحتجاج للقراءات القرآنية، فذكرت معنى (الاحتجاج) لغة واصطلاحا، وعرضت تسميات أخرى لهذا الفن، وتقريت دوافع التأليف
1 / 6
فيه، وتتبعت تاريخه، وسقت طرفا من أشهر كتبه، وفصّلت في أنماطها، وتقصيت أنواع الاحتجاج فيها.
وعقدت الفصل الأول للجوانب النطقية، وهي النظر إلى الأصوات في الإفراد، فتحدثت عن الحروف عدّتها وأنواعها، وألممت بأعضاء النطق، وحددت مخارج الحروف، وأشرت إلى ألقاب الحروف ونسبتها إلى مخارجها، وأفضت في صفات الحروف، وانتظمت في زمرتين:
الأولى- صفات متضادة، وهي: الهمس والجهر، والشدة والرخاوة، والإطباق والانفتاح، والاستعلاء والاستفال، والذلاقة والإصمات.
والأخرى- صفات مفردة، وهي: القلقلة، والصفير، والتفشي، والانحراف، والغنة، والتكرير، والهتّ، والخفاء، والهوي.
وتكلمت على القوة والضعف في الصفات، وأوضحت العلاقة الكمية بين حروف المدّ والحركات، وبينت مكان الحركات من الحروف، وبحثت دلالة الأصوات.
وكان الفصلان الثاني والثالث للجوانب التشكيلية، وهي النظر إلى الأصوات في التركيب.
عقدت الفصل الثاني لأشكال التغيرات الصوتية، وجعلته في مبحثين:
وقفت المبحث الأول على التغيرات الصوتية في الصوامت، وهي ضربان:
تغيرات عامة، ودرست فيه: الإدغام، والإبدال، والقلب المكاني، والحذف.
وتغيرات خاصة، ودرست فيه: الهمزة، والتاءات، والراءات، واللامات، والنون الساكنة والتنوين.
ووقفت المبحث الثاني على التغيرات الصوتية في الصوائت، عكفت فيه على دراسة نوع الصوائت، ومدّها، وإضافتها، وحذفها، وقلبها.
1 / 7
وعقدت الفصل الثالث للقوانين الصوتية، فوطأت له بالحديث عن (الأصل)، الذي جاءت تلك القوانين تفسّر ما خرج عنه، ثم تناولت ما وقفت عليه منها، وهي:
المماثلة، والمخالفة، والسهولة والتخفيف، وكثرة الاستعمال، وأمن اللبس، وطرد الباب، والتعويض، وضعف الطرف.
وعقدت الخاتمة للتقويم والنقد، فرسمت الخطوط العامة للجوانب الصوتية في كتب الاحتجاج للقراءات: في المناهج، والمصادر، والسمات.
وأوردت في الملحق الأول أسماء القراء العشرة ورواتهم متبوعة بسني وفياتهم.
وترجمت في الملحق الثاني لأصحاب كتب الاحتجاج للقراءات.
وناقشت في الملحق الثالث الجهر والهمس في أصوات العربية.
- وأوليت النصوص في هذا البحث فضل عناية بتحقيقها والعودة بالأقوال والمذاهب إلى مظانّها من كتب المتقدمين، على أني أعتذر عما وقع في بعضها من طول أو تكرار لغايات لا تخفى على الناظر.
واعتمدت في القراءات المتواترة على كتاب (النشر في القراءات العشر) لابن الجزري (ت ٨٣٣ هـ) خاتمة المحققين من القراء، غير أني أغفلت الإحالة عليه لئلا أثقل الحواشي، واكتفاء بنسبة القراءة إلى أصحابها.
- ورجعت إلى طائفة من الكتب الحديثة: العربية والمترجمة، وكان من أبعدها أثرا في نفسي (الدراسات الصوتية عند علماء التجويد) للدكتور غانم قدوري الحمد، فقد أفدت منه مرتين:
الأولى: حينما أوحى إليّ بإنشاء نحو من دراسته في كتب الاحتجاج للقراءات.
والأخرى: بكثرة المواضع التي عدت فيها إليه.
1 / 8
- وبعد فهذا جهد المقلّ، إن فاته التوفيق في العمل، لم يفته صدق النية فيه.
- وفي الختام أتوجه بوافر الشكر وخالصه إلى السادة:
الأستاذ الدكتور مصطفى جطل الذي كان معي في هذا البحث خطوة بخطوة منذ تولّى الإشراف عليه حتى استوى في صورته التي هو عليها الآن، أفزع إليه كلما ضاقت بي السّبل، فأجدها بعد إرشاده لا حبة سهلا حزنها.
والأستاذ الدكتور صلاح كزارة، الذي كان للبحث نصيب من إشرافه في مرحلة منه، وبقي يغمر صاحبه بفيض رعايته.
والأستاذ الدكتور أحمد قدور، الذي أورثتني التلمذة له شغفا بهذا الجانب من البحث اللغوي.
والمقرئ محمد حمزة عطار الجامع للقراءات العشر، الذي ما فتئ يتحفني بنفائس مكتبته العامرة بكتب القراءات.
وإلى الله القصد، وهو الهادي إلى سواء الصراط.
حلب في ١٦/ ٤/ ١٤٢٦ هـ ٢٥/ ٥/ ٢٠٠٥ م
عبد البديع النيرباني
******
1 / 9
- اختصارات-- (معاني القراءات للأزهري): المعاني.
- (إعراب القراءات السبع وعللها لابن خالويه): إعراب السبع.
- (الحجة في القراءات السبع لابن خالويه): الحجة (خ).
- (الحجة للقراء لأبي السبعة لأبي علي): الحجة (ع).
- (المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها لابن جني):
المحتسب.
- (حجة القراءات لابن زنجلة): الحجة (ز).
- (الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها لمكي): الكشف.
- (شرح الهداية للمهدوي): الهداية.
- (مفاتيح الأغاني في القراءات والمعاني لأبي العلاء الكرماني): المفاتيح.
- (الموضح في وجوه القراءات وعللها لابن أبي مريم): الموضح.
- (إعراب القراءات الشواذ لأبي البقاء العكبري): إعراب الشواذ.
1 / 10
التمهيد الاحتجاج للقراءات القرآنية
١ - معنى الاحتجاج.
٢ - تسميات أخرى.
٣ - دوافع التأليف في الاحتجاج.
٤ - تاريخ التأليف في الاحتجاج.
٥ - من كتب الاحتجاج.
٦ - أنماط كتب الاحتجاج.
٧ - أنواع الاحتجاج.
1 / 11
الاحتجاج للقراءات القرآنية
١ - معنى الاحتجاج:
- جاء في اللسان: «الحجّة: البرهان، وقيل: الحجة: ما دوفع به الخصم، وقال الأزهري: الحجة: الوجه الذي يكون به الظّفر عند الخصومة.» «١»
وفي التعريفات للشريف الجرجاني (ت ٨١٦ هـ): «الحجة: ما دلّ به على صحة الدعوى.» «٢»
وعلى هذا فالاحتجاج هو: إقامة الحجة «٣».
- وأما ما يستخلص من كتب الاحتجاج من معناه فهو أنه: بيان وجه كل قارئ فيما اختاره من قراءة. وأكثر هذه الوجوه لغوية، ومنها ما ليس كذلك، مما سيأتي الحديث عنه في (أنواع الاحتجاج) «٤».
- وسمّي هذا الضرب من التأليف احتجاجا، لأن أكثر من ألّف فيه كان يفتتح بيان وجوه القراء بقوله: (وحجّة من قرأ بكذا ....).
٢ - تسميات أخرى:
- عرفت كتب الاحتجاج تسميات أخرى، نحو:
_________
(١) لسان العرب: ابن منظور، دار إحياء التراث العربي ومؤسسة التاريخ العربي، بيروت، ط ٣، ١٩٩٣ م، مادة (ح ج ج)، ص ٣/ ٥٣.
(٢) التعريفات: الشريف الجرجاني، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ٣، ١٩٨٨ م، ص ٨٢.
(٣) انظر المعجم الوسيط: مجمع اللغة العربية بالقاهرة، دار الدعوة، استنبول، ط ٢، مادة (ح ج ج)، ص ١٥٦.
(٤) انظر ص ٢٥ من هذا البحث.
1 / 13
(وجوه القراءات) و(علل القراءات) و(معاني القراءات) و(إعراب القراءات) و(توجيه القراءات) «١».
٣ - دوافع التأليف في الاحتجاج:
- يكاد الباحثون يتفقون على أن دوافع التأليف في الاحتجاج أمران:
آ- توضيح الأركان الثلاثة للقراءة الصحيحة:
- صحة السند.
- موافقة العربية ولو بوجه.
- موافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا.
ب- الدفاع عن القراءات، ولا سيما المتواترة، ضد من توهّم أن فيها لحنا «٢».
- وفي كليهما نظر:
أما الأول فإن كتب الاحتجاج لم تعن بنقد أسانيد القراءات التي تعرض لها، وهي حينما تحتج برسم المصحف لا تفعل ذلك لتوضيح موافقة القراءات لمرسوم الخط، بل لترجّح قراءة على أخرى «٣».
وأما الآخر فهو لا يفسر سوى الاحتجاج لمشكل القراءات، مما تكلم فيه بعض اللغويين وغيرهم، وهو نزر إذا قيس بما وراءه، مما لم يختلف على صحته لفظا ومعنى «٤».
_________
(١) انظر مقدمة محقق الهداية: ١/ ٢١، وتوجيه مشكل القراءات العشرية الفرشية لغة وتفسيرا وإعرابا: د. عبد العزيز بن علي الحربي، دار ابن حزم، الرياض، ط ١، ٢٠٠٣ م، ص ٦٧؛ وزاد فيه (تخريج القراءات)، وهي تسمية محدثة.
(٢) وهو رأي د. عبد الفتاح شلبي في بحثه (الاحتجاج للقراءات)، ولم أقف عليه، وتابعه عليه د. عمر حمدان الكبيسي محقق الموضح: ١/ ١٩ - ٢٠، ود. حازم سعيد حيدر محقق الهداية: ١/ ٢٢، ود. عبد
العزيز الحربي في كتابه توجيه مشكل القراءات: ٦٨ - ٦٩.
(٣) انظر ص ٢٦ من هذا البحث.
(٤) انظر المعاني: ٢/ ٣١٧ - ٣١٨، وإعراب السبع: ١/ ١٠١، ١٩٨ - ١٩٩.
1 / 14
على أن ممن ألف في الاحتجاج من ضعّف وردّأ وخطّأ ولحّن ووهّم وردّ بعض القراءات المتواترة، وكان أجرأهم على هذا أبو منصور الأزهري «١».
فكيف يقال عن هؤلاء: إن دافعهم للتأليف في الاحتجاج للقراءات هو الدفاع عنها؟
- وكل ما في الأمر أن كتب القراءات لما كانت كتب رواية يراعى فيها الاختصار تمكينا للطلبة من حفظها، كان أكثرها يخلو من المعاني والعلل.
فجاءت كتب الاحتجاج، وهي كتب دراية، تشرح ما اختصر فيها.
قال مكي في مقدمة كتابه (الكشف): «كنت قد ألفت بالمشرق كتابا مختصرا في القراءات السبع ... وسميته (كتاب التبصرة)، وهو فيما اختلف فيه القراء السبعة المشهورون، وأضربت فيه عن الحجج والعلل ومقاييس النحو في القراءات واللغات، طلبا للتسهيل وحرصا على التخفيف؛ وو عدت في صدره أني سأؤلف كتابا في علل القراءات التي ذكرتها في ذلك الكتاب (كتاب التبصرة)، أذكر فيه حجج القراءات ووجوهها، وأسميه (كتاب الكشف عن وجوه القراءات) ...» «٢»
ثم قال موازنا بين الكتابين: «فهذا الكتاب كتاب فهم وعلم ودراية، والكتاب الأول كتاب نقل ورواية.» «٣»
- ومما يشهد أن الدافع للتأليف في الاحتجاج إنما كان شرح كتب القراءات لما انطوت عليه من إيجاز، أن أكثر كتب الاحتجاج بني على كتاب في القراءات جعل متنا له:
ف (معاني القراءات) للأزهري، و(إعراب السبع) و(الحجة) لابن خالويه،
_________
(١) انظر المعاني: ١/ ١٤٧، ٣٩٩، ٤١٩، ٢/ ٦٢ - ٦٣، ٧٨، ١٢٧، ٢٤١، ٣٢٧، ٣/ ٢٣، ٣٤.
(٢) الكشف: ١/ ٣ - ٤.
(٣) الكشف: ١/ ٦.
1 / 15
و(الحجة) لأبي علي: وضعت على (كتاب السبعة في القراءات) لابن مجاهد «١».
و(الكشف) لمكي وضع على (التبصرة) له «٢».
و(شرح الهداية) للمهدوي وضع على (الهداية) له «٣».
و(الموضح) لابن أبي مريم وضع على (تبصرة البيان في القراءات الثمان) لأبي الحسن علي بن جعفر السعيدي الرازي «٤» «٥».
- وهذا مما يفسّر تكاثر كتب الاحتجاج بعد تأليف ابن مجاهد كتابه، قال محققو كتاب المحتسب: «فكأنما كان تأليف القراء الكتب في جمع القراءات ونسبتها والبحث عن إسنادها داعيا لعلماء اللغة أن يؤلفوا الكتب في الاحتجاج لها، فقد مهدت أمامهم السبيل، ومدت لهم الأسباب، فكان جمع القراءات الخطوة الأولى والاحتجاج لها الخطوة التالية.» «٦»
٤ - تاريخ التأليف في الاحتجاج:
- ارتقى التأليف في الاحتجاج للقراءات من نظرات متناثرة رويت لنا عن بعض الصحابة وأئمة القراء إلى وضع مؤلفات استوعبت القراءات أجمع.
_________
(١) انظر على الترتيب المعاني: ١/ ٧٤، وإعراب السبع: ١/ ٣، والحجة (خ): ٦١ - ٦٢ (وليس فيهما تصريح بالاعتماد على كتاب السبعة لابن مجاهد، غير أن القرائن على ذلك كثيرة، منها تلمذة ابن خالويه لابن مجاهد، وأن أسانيده التي ذكرها إلى القراء السبعة تمرّ به)، والحجة (ع): ١/ ٥ - ٦.
(٢) انظر الكشف: ١/ ٣ - ٤.
(٣) انظر الهداية: ١/ ٣.
(٤) انظر الموضح: ١/ ١٠٢.
(٥) من أجل ذلك أخذ ابن جني على شيخه أبي علي أنه أغمض (الحجة) على كثير من اللغويين، فضلا عن القراء الذين ألف الكتاب لهم. انظر المحتسب: ١/ ٣٤، ١٩٧، ٢٣٦.
(٦) المحتسب: ١/ ١٠.
1 / 16
- وأكثر الصحابة ممن روي عنهم هذا الضرب من النظر: ابن عباس (ت ٦٨ هـ)، ومنه قوله تعالى: قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة ٢٥٩]، قال ابن زنجلة:
«قرأ حمزة والكسائي: (قال اعلم أن الله على كل شيء قدير) جزما على الأمر من الله، وحجتهما قراءة ابن مسعود: (قيل اعلم أن الله على كل شيء قدير). وكان ابن عباس يقرؤها أيضا: (قال اعلم) ويقول: أهو خير أم إبراهيم إذ قيل له: وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة ٢٦٠]؟» «١»
ومنه قوله تعالى: كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ [البقرة ٢٨٥]، قرأ حمزة والكسائي وخلف: (وكتابه) بالإفراد، وقرأ الباقون: (وكتبه) بالجمع، «قال أبو منصور:
عن ابن عباس أنه قرأ: (كتابه)، وقيل له في قراءته فقال: (كتاب) أكثر من (كتب).
قال أبو منصور: ذهب به إلى الجنس، كما يقال: كثر الدرهم والدينار في أيدي الناس.
ومن قرأ: (وكتبه) فهو مثل: حمار وحمر، وغلاف وغلف.» «٢»
ومنه قوله تعالى: قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ [الإسراء ١٠٢]، قرأ الكسائي: (لقد علمت) بالضم، وقرأ الباقون: (لقد علمت) بالفتح، قال ابن خالويه: «وبلغ ابن عباس وابن مسعود أن عليا قرأ: (لقد علمت) فقالا: (لقد علمت) بالفتح، لأن الله تعالى قال:
وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا [النمل ١٤].» «٣» «٤»
_________
(١) الحجة (ز) ١٤٤، وانظر الكشف: ١/ ٣١٢.
(٢) المعاني: ١/ ٢٣٨ - ٢٣٩، وانظر الحجة (ز): ١٥٢ - ١٥٣.
(٣) إعراب السبع: ١/ ٣٨٤.
(٤) انظر فيما روي من احتجاج بعض الصحابة للقراءات الحجة (ع): ٣/ ٩٦ - ٩٧، والكشف:
١/ ٣٦٣.
1 / 17
- وأكثر أئمة القراء ممن روي عنه هذا الضرب من النظر: أبو عمرو بن العلاء (ت ١٥٤ هـ)، ومنه قوله تعالى: قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ [آل عمران ١٥]، قال ابن زنجلة: «ذكر أبو بكر بن مجاهد في كتابه عن أبي عبد الرحمن اليزيدي عن أبيه قال: لقيني الخليل بن أحمد في حياة أبي عمرو، قال لي: لم قرأ:
آؤلقي الذّكر [القمر ٢٥] وآؤنزل [ص ٨]، ولم يقرأ: (آؤنبئكم)؟ قال: فلم أدر ما أقول له، فرحت إلى أبي عمرو فذكرت له ما قال الخليل، فقال: فإذا لقيته فأخبره أن هذا من (نبّأت) وليس من (أنبأت)، قال: فلقيته فأخبرته بقول أبي عمرو فسكت.» «١»
ومنه قوله تعالى: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا [نوح ٢٥]، قرأ أبو عمرو:
(خطاياهم)، وقرأ الباقون: (خطيئاتهم)، قال ابن خالويه: «فأما قراءة أبي عمرو فإن ابن مجاهد حدثني عن ابن عياش عن ابن أخي الأصمعي عن عمه قال: قال أبو عمرو: إن قوما كفروا ألف سنة: كانت لهم خطيئات؟ لا بل خطايا!
يذهب أبو عمرو إلى أن التاء والألف للجمع القليل، وهو جمع السلامة في المؤنث، و(خطايا) جمع التكسير، وهو الكثير «٢» ...» «٣» «٤»
ومنه قوله تعالى: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ [المرسلات ٢٣]، قرأ نافع
_________
(١) الحجة (ز): ١٥٥، وانظر الهداية: ١/ ٤٨. ومعنى هذا الاحتجاج أن الهمزة في (أؤنبئكم) عارضة في المضارع، وليست ثابتة في الماضي والمصدر؛ والهمزة في (أؤنزل) ثابتة في الماضي والمصدر لفظا، وفي المضارع تقديرا، لأن (أنزل) أصله: (أؤنزل)، فلما لزمت كانت أثقل، وكان الفصل معها أوجب إذا دخلت عليها همزة استفهام.
(٢) كذا، ولعل الصواب: للكثير.
(٣) إعراب السبع: ٢/ ٣٩٧، وانظر الحجة (خ): ٣٥٣، والحجة (ز): ٧٢٦.
(٤) قال سيبويه: «وقد يجمعون بالتاء وهم يريدون الكثير». الكتاب، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت، ط ١، ١٩٩١ م، ص ٣/ ٥٧٨.
1 / 18
والكسائي وأبو جعفر: (فقدّرنا) بالتشديد، وقرأ الباقون: (فقدرنا) بالتخفيف، قال ابن زنجلة:
«وقيل للكسائي: لم اخترت التشديد واسم الفاعل ليس مبنيا على هذا الفعل؟ فقال: هذا بمنزلة قوله: فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ [الطارق ١٧]، ثم قال:
أَمْهِلْهُمْ ولم يقل: (مهّلهم)، فجمع بين اللغتين. ومثله: فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا [المائدة ١١٥] ولم يقل: (تعذيبا).» «١» «٢»
٥ - من كتب الاحتجاج:
- تتبع بعض الباحثين ما ألّف في الاحتجاج للقراءات، فأحصوا بضعة وسبعين كتابا «٣»، على ندرة المطبوع منها، وأشهرها:
١ - كتاب في (وجوه القراءات) لهارون بن موسى الأعور (ت ١٧٠ هـ)، قال أبو حاتم السجستاني:
«كان أول من سمع بالبصرة وجوه القراءات وألفها، وتتبع الشاذ منها فبحث عن إسناده: هارون بن موسى الأعور.» «٤»
_________
(١) الحجة (ز): ٧٤٤.
(٢) انظر فيما روي من احتجاج بعض أئمة القراء للقراءات المعاني: ١/ ٣٧١، ٤٤٥، ٢/ ٢٣٦، ٢٨١؛ وإعراب السبع: ١/ ١١١، ٢/ ٦، ١٤٧، ١٧٤، ١٩٨؛ والحجة (خ):
١٠٥، ٢٧٠، ٢٧٧؛ والحجة (ع): ١/ ١٠، ٣/ ٦١، ٢٧٢، ٢٩٣ - ٢٩٤؛ والمحتسب:
٢/ ٢٥١؛ والحجة (ز): ٧٧، ١٥٢، ٢٤٠، ٢٥٩ - ٢٦٠، ٣٤٤، ٣٤٥، ٣٥٥ - ٣٥٦، ٣٦٩، ٤٠٣، ٤٣٥، ٤٣٧، ٤٧٩، ٥٤٣، ٥٤٧، ٥٧٥، ٦٦٨، ٦٨٦، ٦٩٣، ٧٠١؛ والكشف: ١/ ٢٦ - ٢٧، ٨٨، ٢٢٩، ٤٠١، ٤٢١، ٤٢٨، ٢/ ٣٠٢؛ والهداية: ١/ ٩٧، ١٥٣، ١٦٥، ٢/ ٢٧١، ٥٢٥.
(٣) انظر مقدمة محقق الهداية: ١/ ٢٨ - ٣٨، وتوجيه مشكل القراءات: ٧٨ - ٩٣.
(٤) انظر غاية النهاية في طبقات القراء: ابن الجزري، عني بنشره: برجستراسر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ٣، ١٩٨٢ م، ص ٢/ ٣٤٨.
1 / 19
٢ - (القراءات) لأبي عبيد القاسم بن سلّام (ت ٢٢٤ هـ)، جمع فيه قراءات خمسة وعشرين قارئا مع الأئمة السبعة «١»، بعللها «٢».
٣ - (وجوه القراءات) لابن قتيبة (ت ٢٧٦ هـ) «٣».
٤ - (احتجاج القرّاء) لأبي العباس محمد بن يزيد المبرّد (ت ٢٨٥ هـ) «٤».
٥ - (قراءة ابن عامر بالعلل) لهارون بن موسى الأخفش (ت ٢٩٢ هـ) «٥».
٦ - (الفصل بين القراءة) لمحمد بن جرير الطبري (ت ٣١٠ هـ) «٦».
٧ - (احتجاج القرّاء في القراءة) لأبي بكر بن السرّاج (ت ٣١٦ هـ) «٧».
٨ - (الاحتجاج للقرّاء) لابن درستويه (ت ٣٤٧ هـ) «٨».
٩ - (معاني القراءات) لأبي منصور الأزهري (ت ٣٧٠ هـ).
١٠ - (إعراب القراءات السبع وعللها) لابن خالويه (ت ٣٧٠ هـ).
_________
(١) انظر النشر في القراءات العشر: ابن الجزري، تصحيح: علي محمد الضباع، دار الكتاب العربي، ص ١/ ٣٤.
(٢) انظر الأرجوزة المنبهة: أبو عمرو الداني، تحقيق: محمد بن مجقان الجزائري، دار المغني، الرياض، ط ١، ١٩٩٩ م، ص ١٦١.
(٣) انظر تأويل مشكل القرآن: ابن قتيبة، تحقيق: السيد أحمد صقر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، ص ٤٥.
(٤) انظر معجم الأدباء: ياقوت الحموي، دار المأمون، مصر، ص ١٩/ ١٢١.
(٥) انظر غاية النهاية: ١/ ٢١٠.
(٦) انظر معجم الأدباء: ١٨/ ٦٣.
(٧) انظر معجم الأدباء: ١٨/ ٢٠٠.
(٨) انظر الفهرست: ابن النديم، اعتناء: إبراهيم رمضان، دار المعرفة، بيروت، ط ١، ١٩٩٤ م، ص ٥٥.
1 / 20
١١ - (الحجة في القراءات السبع) له أيضا «١».
١٢ - (الحجة للقراء السبعة) لأبي علي الفارسي (ت ٣٧٧ هـ).
١٣ - (المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها) لابن جني (ت ٣٩٢ هـ).
١٤ - (حجة القراءات) لابن زنجلة (ت نحو ٤٠٣ هـ).
١٥ - (الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها) لمكي ابن أبي طالب القيسي (ت ٤٣٧ هـ).
١٦ - (شرح الهداية) لأبي العباس أحمد بن عمار المهدوي (ت نحو ٤٤٠ هـ).
١٧ - (الموضح لمذاهب القراء واختلافهم في الفتح والإمالة) لأبي عمرو الداني (ت ٤٤٤ هـ) «٢».
١٨ - (الاكتفاء في قراءة نافع وأبي عمرو بن العلاء، والحجة لكل واحد منهما) لأبي عمر يوسف بن عبد البرّ النّمري (ت ٤٦٣ هـ) «٣».
١٩ - (احتجاج القرّاء في القراءة) للراغب الأصفهاني (ت ٥٠٢ هـ) «٤».
٢٠ - (تعليل القراءات العشر) لمحمد بن سليمان المالقي (ت ٥٢٥ هـ) «٥».
٢١ - (الجمع والتوجيه لما انفرد به الإمام يعقوب بن إسحاق الحضرمي)
_________
(١) في نسبته إلى ابن خالويه خلاف، انظر مقدمة المحقق: ٣٨ - ٥٥. ومهما يكن فالكتاب لا يعدو أن يكون تلخيصا أمينا لكتاب ابن خالويه السابق.
(٢) حقق غير مرة، انظر مقدمة محقق الهداية: ١/ ٣٣.
(٣) انظر نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: أحمد بن محمد المقري، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية الكبرى، ط ١، ١٩٤٩ م، ص ٤/ ١٦٣.
(٤) انظر كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: حاجي خليفة، وكالة المعارف، استنبول، ١٩٤١ م، ص ١/ ١٥.
(٥) انظر غاية النهاية: ٢/ ١٤٨.
1 / 21
لأبي حسن شريح بن محمد الرّعيني (ت ٥٣٩ هـ) «١».
٢٢ - (مفاتيح الأغاني في القراءات والمعاني) لأبي العلاء الكرماني (ت بعد ٥٦٣ هـ).
٢٣ - (الموضح في وجوه القراءات وعللها) لنصر بن علي الشيرازي، المعروف بابن أبي مريم (ت بعد ٥٦٥ هـ).
٢٤ - (المنتقى في شواذ القراء) له أيضا «٢».
٢٥ - (إعراب القراءات الشواذ) لأبي البقاء العكبري (ت ٦١٦ هـ).
- على أن كتبا أخرى كان لها حظ في الاحتجاج للقراءات، دون أن تكون أفردت له، منها بعض كتب العربية، وكتب معاني القرآن وإعرابه، وكتب التفسير، وكتب القراءات.
فمن كتب العربية: الكتاب لسيبويه «٣» (ت ١٨٠ هـ)، والأصول في النحو لأبي بكر بن السراج «٤» (ت ٣١٦ هـ)، وشرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب
_________
(١) حققه د. غانم قدوري الحمد، ونشره في مجلة المورد العراقية، المجلد ١٧، العدد ٤، ص ٢٥١ - ٢٩١. انظر مقدمة محقق الهداية: ١/ ٣٥.
(٢) انظر الموضح: ١/ ١٠٠.
(٣) انظر الكتاب: ١/ ٥٠، ٥١، ٥٨، ٨٢، ٩٥، ١٤٤، ١٤٨، ١٧٢، ٢٩٠، ٣٢٠، ٣٥٦، ٤٣٢؛ ٢/ ٤٣، ٦٣، ٧٠، ٨٣، ٩١، ١٠٨، ١١٩، ١٤٠، ١٤٤، ١٤٧، ١٤٧ - ١٤٨، ١٨٧، ٢١٠، ٣١١، ٣٤٩، ٣٩٢ - ٣٩٣، ٣٩٦ - ٣٩٧، ٣٩٩، ٤١٥؛ ٣/ ١٣، ٢٥، ٣٦، ٤٤، ٤٩ - ٥٠، ٥٢، ٥٤، ٩٠، ٩٠ - ٩١، ١٢٣، ١٢٦ - ١٢٧، ١٢٧، ١٣٤، ١٤٠، ١٤٣، ٢٥٣، ٢٥٨، ٥١٩ - ٥٢٠، ٥٤٥، ٥٤٩، ٥٥١، ٥٧١؛ ٤/ ٨١ - ٨٢، ١٥٢ - ١٥٣، ١٥٥، ١٨٦، ١٨٩، ١٩٦، ٢٠٢، ٣٣٨، ٤٣٩ - ٤٤٠، ٤٤٤، ٤٥٩، ٤٦٣، ٤٦٧، ٤٧٧.
(٤) انظر الأصول في النحو: أبو بكر بن السراج، تحقيق: د. عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط ٤، ١٩٩٩ م، ص ١/ ٢٤٩، ٢٥١، ٢٥٤ - ٢٥٥، ٢٦٣ - ٢٦٤، ٢٦٧، ٢٧٠ - ٢٧١، ٢٧١، ٢٧١ - ٢٧٢، ٢٧٤، ٢٧٥، ٢٨٨، ٣٣٦، ٣٤٠، ٣٧٢؛-
1 / 22
لابن هشام الأنصاري «١» (ت ٧٦١ هـ).
ومن كتب معاني القرآن وإعرابه: معاني القرآن للفراء (ت ٢٠٧ هـ)، ومعاني القرآن وإعرابه للزجّاج (ت ٣١١ هـ)، والتبيان في إعراب القرآن للعكبري (ت ٦١٦ هـ).
ومن كتب التفسير: جامع البيان في تفسير القرآن لابن جرير الطبري (ت ٣١٠ هـ)، والكشاف للزمخشري (ت ٥٣٨ هـ)، والبحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (ت ٧٤٥ هـ).
ومن كتب القراءات: كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد (ت ٣٢٤ هـ)، والنشر في القراءات العشر لابن الجزري (ت ٨٣٣ هـ)، وإتحاف فضلاء البشر بقراءات القراء الأربعة عشر «٢» لأحمد بن محمد البنّا (ت ١١١٧ هـ).
٦ - أنماط كتب الاحتجاج:
- تنقسم كتب الاحتجاج قسمة أولى باعتبار صحة القراءات التي تحتج لها على ثلاثة أضرب:
_________
- ٢/ ٢٢ - ٢٣، ٧٣، ٩٦، ١٠٣، ١٢٨، ١٤٩، ١٥٣، ١٥٥، ١٥٧، ١٧٤، ١٧٩، ١٨٤ - ١٨٥، ٢٠١، ٢٠٩، ٣٢٤، ٣٧٠، ٣٧٩، ٤٠٠، ٤٠١، ٤٠٤؛ ٣/ ١٣٤، ١٦٢، ٢٤٥، ٢٦٦، ٢٧٠، ٤٠٩، ٤١١، ٤٢١، ٤٢٦، ٤٧٣، ٤٧٧.
(١) انظر شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب: ابن هشام الأنصاري، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ط ١١، ١٩٦٣ م، ص ١٥، ١٨، ٣٤، ٤٦ - ٥١، ٥٣، ٥٥، ٥٦، ٥٨، ٦١، ٦٣، ٦٥، ٦٧، ٧٨، ٨٠، ٨١، ٨٢، ٨٩، ٩٤، ١٠٦، ١٠٩، ١١٧، ١٢٠ - ١٢١، ١٣٠، ١٤٥، ١٥٠، ١٦٤، ١٧٦، ١٩٦، ١٩٩، ٢٠٠، ٢٠٨، ٢٣١ - ٢٣٢، ٢٣٨، ٢٦٥، ٢٨٢، ٢٨٣، ٢٨٦، ٢٩٣ - ٢٩٤، ٣٠٧، ٣١٣ - ٣١٤، ٣١٨، ٣٣١، ٣٤١، ٣٤٧، ٣٥١، ٣٦٤، ٤٣٤، ٤٣٦، ٤٤٩.
(٢) والكتاب منشور بعنوان (إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر)، وتصويبه من الصفحة الأولى للمخطوط التي شفع بها المحقق الكتاب.
1 / 23
١ - ضرب احتج للقراءات المتواترة والشاذة معا.
٢ - وضرب احتج للقراءات المتواترة فقط.
٣ - وضرب احتج للقراءات الشاذة فقط.
والضرب الثاني هو الغالب على كتب الاحتجاج، لأن حاجة الناس إليه أكثر، واهتمامهم به أوفر «١».
- وتنقسم قسمة ثانية باعتبار عدد القراءات التي تحتج لها على ضربين:
مطلق ومقيد، والمقيد على أضرب:
١ - ضرب احتج لقراءة واحدة.
٢ - وضرب احتج لقراءتين.
٣ - وضرب احتج للسبع.
٤ - وضرب احتج للثمان «٢».
٥ - وضرب احتج للعشر.
والضرب المقيد بالسبع هو الغالب على كتب الاحتجاج، لأن أكثر هذه الكتب وضع شرحا لسبعة ابن مجاهد.
- وتنقسم قسمة ثالثة باعتبار منهجها في الاحتجاج على ضربين:
١ - كتب القراء.
٢ - وكتب النحاة.
وفرق بينهما أن كتب القراء صدّرت بفصول احتج فيها لأصول القراء، وهي اختلافهم فيما يكثر دوره في القرآن ويندرج تحت ضوابط مطردة، كالإظهار والإدغام، والمدّ والقصر، والفتح والإمالة؛ في حين أن كتب النحاة
_________
(١) انظر الموضح: ١/ ١٠٠.
(٢) هي القراءات السبع مضافا إليها قراءة يعقوب.
1 / 24
كانت تعرض لشيء من هذه الأصول عند أول ورود لها في القرآن، دون أن تجمع القول فيها جمع كتب القراء له «١».
٧ - أنواع الاحتجاج:
- تقدّم في (معنى الاحتجاج) أن أكثر الوجوه التي تذكر احتجاجا للقراءات إنما هي وجوه لغوية، ومنها ما ليس كذلك، والحديث هنا عنها، كالاحتجاج بالقراءات الشاذة، ورسم المصحف، والقرآن الكريم، واتفاق جماعة القراء، والتفسير، والآثار، وأسباب النزول.
آ- القراءات الشاذة:
- أكثر ما احتج به من القراءات الشاذة قراءتا أبيّ بن كعب (ت ٢١ هـ) وعبد الله ابن مسعود (ت ٣٢ هـ) ﵄.
نحو قول ابن خالويه: «وقوله تعالى: وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد ٤٢]، قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: (الكافر) موحدا ... وقرأ الباقون:
(وسيعلم الكفار) على الجمع، وحجتهم قراءة عبد الله وأبي، لأن في حرف أبي: (وسيعلم الذين كفروا)، وفي حرف عبد الله (وسيعلم الكافرون).» «٢»
ونحو قول مكي: «قوله: تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ [النمل ٨٢] قرأ الكوفيون (أن الناس) بفتح الهمزة، على تقدير: بأن الناس، وفي حرف أبي: (تنبئهم أن الناس)، فهذا لا يكون معه إلا فتح (أن). وفي حرف ابن مسعود: (تكلمهم بأن الناس)، فهذا ظاهر في فتح (أن).
_________
(١) انظر في هذه التقسيمات وغيرها- دون القسمة الثالثة فلم أقف فيها على كلام لأحد- مقدمة محقق الهداية: ١/ ٣٨، وتوجيه مشكل القراءات: ٩٤ - ٩٥.
(٢) إعراب السبع: ١/ ٣٣٢، وانظر الحجة (خ): ٢٠٢، والحجة (ع): ٥/ ٢٢، والكشف:
٢/ ٢٣، والهداية: ٢/ ٣٧٢.
1 / 25