The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought
ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي
Editorial
دار الكلمة
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
Géneros
وعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه "أُتِيَ بطعام وكان صائمًا فقال: قتل مصعب بن عمير، وهو خير مني، كفن في برده إن غُطِّيَ رأسه بدت رجلاه، وإن غُطِّيَ رجلاه بدا رأسه - وأراه قال: وقتل حمزة، وهو خير مني - ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا، وقد خشينا أن تكون حسناتنا قد عجلت لنا. ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام" (١) .
وقال خباب بن الأرت ﵁: "هاجرنا مع رسول الله ﷺ نبتغي وجه الله، فوجب أجرنا على الله ومنا من مضى - أو ذهب - ولم يأكل من أجره شيئًا، كان منهم مصعب بن عمير، قتل يوم أحد لم يترك إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غُطِّيَ بها رجلاه خرجت رأسه ... قال: ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها" (٢) .
وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال: "قال لي عبد الله بن عمر: هل تدري ما قال أبي لأبيك؟ قلت: لا. قال: أبي قال لأبيك: يا أبا موسى هل يسرك إسلامنا مع رسول الله ﷺ وهجرتنا معه وجهادنا معه وعملنا كله مع برد (٣) لنا، وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافًا رأسًا برأس؟
فقال أبي (٤): لا والله، لقد جاهدنا بعد رسول الله ﷺ، وصلينا وصمنا وعملنا خيرًا كثيرًا،وأسلم على أيدينا بشر كثير، وإنا لنرجو ذلك.
فقال أبي: لكني والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك برد لنا، وأن كل شيء عملناه بعده نجونا منه كفافًا رأسًا برأس. فقلتُ: إن أباك والله خير من أبي" (٥) .
ولما طعن رضى الله عنه جاءه ابن عباس فمس جسده بيده وقال: جلد لا تمسه النار أبدًا - يذكره ببشارة النبي ﷺ له بالجنة - وأخذ يطمئنه ويبشره بصحبته للنبي ﷺ وللصديق، وبرضى المسلمين جميعًا عنه في عدله وسيرته.
_________
(١) البخاري (٧/٣٥٣) .
(٢) البخاري (٧/٣٥٤)، ومعنى يهدبها: يجنيها ويقطفها.
(٣) برد: ثبت واستقر.
(٤) كذا، والصواب: فقال أبوك - كما نبه عليه الحافظ.
(٥) البخاري (٧/٢٥٤) .
1 / 63