The Multiplicity of Caliphs and the Unity of the Ummah: Jurisprudence, History, and Future
تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا
Géneros
والذي يَعْنيني في هذا المبحث ما حصل بين علي ﵁ ومعاوية ﵁، ثم ما حصل بعد ذلك بين الحسن بن علي ﵁ وبين معاوية ﵁ كامتداد للخلاف السابق، مِمَا له صلة ببحث تعدد الخلفاء، ولَمَّا كان هذا الخلاف قد حصل في فترة الخلفاء الراشدين - الذين أمر رسول الله ﷺ بالاقتداء بهم بقوله: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين» (١) - فإن له أهمية فقهية وليس مجرد حدث تاريخي، فَفِعْلُ الخلفاء الراشدين صارت له صفة شرعية بسبب هذا الحديث، وهذا كان فهم الشافعي (٢) عندما قال: «أُخِذَتْ السيرة في قتال المشركين من النبي ﷺ وفي قتال المرتدين من أبي بكر ﵁ وفي قتال البغاة من علي ﵁» (٣).
ولَمَّا كان ما حدث من فتنة بين سيدنا علي ﵁ ومعاوية ﵁، له جذور وامتداد إلى ما حصل في خلافة سيدنا عثمان ﵁ حتى قال بعض العلماء: لا شك أنَّ الدماء المهراقة عقب قتل عثمان ﵁ والملاحم بين علي ﵁ ومعاوية ﵁ كانت عقوبة من الله على قتل عثمان ﵁ (٤)، فقد انفتح باب الشر من يومئذ؛ لذا كان لا بد من تناول هذه الفترة أيضًا بالبحث، بالقدر الذي يساعدنا على فهم الأحداث التي حصلت بعد ذلك، والتي جاءت على الشكل التالي:
أولًا: ما قبل خلافة سيدنا علي ﵁ -:
إن تقارب المكانة بين علي ﵁ وبين عثمان ﵁، ثم الطريقة التي وضعها سيدنا عمر ﵁ لاختيار خليفة من بين أهل الشورى الستة، حرك تنافسًا بين سيدنا عثمان ﵁ وبين سيدنا علي ﵁، الأمر الذي انعكست آثاره على طبيعة العلاقة بينهما، وعلى الخلاف بين معاوية ﵁ وبين علي ﵁ فيما بعد، وبيانه:
(١) سبق تخريجه في: ص (٧٣) حاشية (٢). (٢) انظر ترجمة الشافعي في فهرس التراجم رقم (٦٧). (٣) مغني المحتاج للخطيب الشربيني: ٤/ ١٢٣، كتاب البغاة. الروضة الندية للقنوجي: ص ٧٧٩. البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: ٥/ ٤٢٠. شرح المقاصد للتفتازاني: ٥/ ٣٠٥. (٤) لقد ظل مقتل عثمان ﵁ راسخًا في النفوس فترة طويلة، حتى أنه لما حصل ما حصل يوم الحرة - أي بعد مقتل عثمان بحوالي ثمانية وعشرين عامًا - قال ابن عمر ﵁: «بعثمان ورب الكعبة». أي لأنهم لم ينصروه. انظر: البداية والنهاية لابن كثير: ٨/ ٢٤٢.
1 / 85