53

التفسير المنير - الزحيلي

التفسير المنير - الزحيلي

Editorial

دار الفكر (دمشق - سورية)

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١١ هـ - ١٩٩١ م

Ubicación del editor

دار الفكر المعاصر (بيروت - لبنان)

Géneros

عليه لسلطان الله الذي يخضع له في أعماق نفسه، ويحس بالحاجة الملحة لصاحب ذلك السلطان، الذي خلقه وسواه، وأنعم عليه نعما ظاهرة وباطنة، لا تعد ولا تحصى. فصارت هذه الهداية أشد ما يحتاج إليها الإنسان، لتحقيق سعادته. وقد أشار القرآن إلى تلك الهدايات في آيات كثيرة، منها ﴿وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد ١٠/ ٩٠] أي بينا له طريقي الخير والشر، والسعادة والشقاء. ومنها قوله تعالى: ﴿وَأَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ، فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى﴾ [فصلت ١٧/ ٤١] أي أرشدناهم إلى طريق الخير والشر، فاختاروا الثاني. ٥ - هداية المعونة والتوفيق للسير في طريق الخير والنجاة: وهي أخص من هداية الدين، وهي التي أمرنا الله بدوام طلبها في قوله تعالى: ﴿اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ أي دلنا دلالة، تصحبها من لدنك معونة غيبية، تحفظنا بها من الضلال والخطأ. وهذه الهداية خاصة به سبحانه، لم يمنحها أحدا من خلقه، بل نفاها عن النّبي ﷺ في قوله: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ، وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ﴾ [القصص ٥٦/ ٢٨]، وقوله: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ، وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ﴾ [البقرة ٢٧٢/ ٢]، وأثبتها لنفسه في قوله: ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام ٩٠/ ٦]. أما الهداية بمعنى الدلالة على الخير والحق، فأثبتها الله للنّبي ﷺ في قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى ٥٢/ ٤٢]. والخلاصة: الهداية في القرآن نوعان: هداية عامة: وهي الدلالة إلى مصالح العبد في معاده، وهذه تشمل الأنواع الأربعة السابقة، وهداية خاصة: وهي الإعانة والتوفيق للسير في طريق الخير والنجاة، مع الدلالة، وهي النوع الخامس.

1 / 60