التفسير المنير - الزحيلي
التفسير المنير - الزحيلي
Editorial
دار الفكر (دمشق - سورية)
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١١ هـ - ١٩٩١ م
Ubicación del editor
دار الفكر المعاصر (بيروت - لبنان)
Géneros
قرائن معبرة توضح غاية الحكم، وتبين سبب التشريع، وتعرف أسراره ومراميه، وتساعد على فهم القرآن فهما دقيقا شاملا، حتى وإن كانت العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب. ونرى في عالمنا. القانوني اليوم ما يسمى بالمذكّرات التوضيحية للقوانين والأنظمة والأحكام، يبين فيها أسباب إصدارها، وأهدافها. ويؤكد ذلك أن كل نظام يظل في مستوى الأمور النظرية غير المقنعة كثيرا للناس، ما لم يقترن بالمتطلبات الواقعية، أو يرتبط بالحياة العملية.
وكل ما سبق يشير إلى أن شريعة القرآن ليست فوق مستوى الأحداث، أو أنها سامية مثالية لا تقبل التطبيق، وإنما هي متعاصرة مع كل زمن، متفاعلة مع الواقع، تصف العلاج الحاسم لكل داء عضال من أمراض المجتمع، وشذوذات الأفراد وانحرافاتهم.
أول القرآن وآخره نزولا:
كان أول ما نزل من القرآن الكريم قول الله تعالى من سورة العلق: ﴿اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق ١/ ٩٧ - ٥]، وذلك يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، سنة إحدى وأربعين من ميلاده ﷺ، في غار حراء، حين بدأ الوحي، بواسطة جبريل الأمين ﵇.
وكان آخر ما نزل من القرآن في أرجح الأقوال، قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ، ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ، وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ [البقرة ٢٨١/ ٢]، وذلك قبل وفاته ﷺ بتسع ليال بعد ما فرغ من حجّة الوداع، أخرجه كثيرون عن ابن عباس ﵄.
أما ما قيل وروي عن السّديّ: إن آخر ما نزل قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا..﴾. [المائدة ٣/ ٥]،
1 / 19