286

The History of al-Tabari

تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم [ت ١٩٨٠ م]

Editorial

دار المعارف بمصر

Edición

الثانية ١٣٨٧ هـ

Año de publicación

١٩٦٧ م

Géneros

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَمَرَ الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ بِإِبْرَاهِيمَ، فَأُخْرِجَ- يَعْنِي مِنْ مَدِينَتِهِ- قَالَ: فَأُخْرِجَ فَلَقِيَ لُوطًا عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ- وَهُوَ ابْنُ أَخِيهِ- فَدَعَاهُ فَآمَنَ بِهِ، وَقَالَ: «إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي»، وَحَلَفَ نُمْرُودُ أَنْ يَطْلُبَ إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ، فَأَخَذَ أَرْبَعَةَ أَفْرُخٍ مِنْ فرَاخِ النُّسُورِ، فَرَبَّاهُنَّ بِاللَّحْمِ وَالْخَمْرِ، حَتَّى إِذَا كَبُرْنَ وَغَلُظْنَ وَاسْتَعْلَجْنَ، قَرَنَهُنَّ بِتَابُوتٍ، وَقَعَدَ فِي ذَلِكَ التَّابُوتِ، ثُمَّ رَفَعَ رِجْلا مِنْ لَحْمٍ لَهُنَّ، فَطِرْنَ بِهِ، حَتَّى إِذَا ذَهَبْنَ فِي السَّمَاءِ أَشْرَفَ يَنْظُرُ إِلَى الأَرْضِ، فَرَأَى الْجِبَالَ تَدُبُّ كَدَبِيبِ النَّمْلِ، ثُمَّ رَفَعَ لَهُنَّ اللَّحْمَ، ثُمَّ نَظَرَ فَرَأَى الأَرْضَ مُحِيطًا بِهَا بَحْرٌ كَأَنَّهَا فَلْكَةٌ فِي مَاءٍ، ثُمَّ رَفَعَ طَوِيلا فَوَقَعَ فِي ظُلْمَةٍ، فَلَمْ يَرَ مَا فَوْقَهُ وَلَمْ يَرَ مَا تَحْتَهُ، فَفَزِعَ فَأَلْقَى اللَّحْمَ فَاتَّبَعَتْهُ مُنْقَضَّاتٍ، فَلَمَّا نَظَرَتِ الْجِبَالُ إِلَيْهِنَّ وَقَدْ أَقْبَلْنَ مُنْقَضَّاتٍ وَسَمِعْنَ حَفِيفَهُنَّ فَزِعَتِ الْجِبَالُ، وَكَادَتْ أَنْ تَزُولَ مِنْ أَمْكِنَتِهَا وَلَمْ يَفْعَلْنَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ ﷿: «وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ»، وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ:
«وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ» فَكَانَ طَيَرَانُهُنَّ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَوُقُوعُهُنَّ فِي جَبَلِ الدُّخَانِ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لا يُطِيقُ شَيْئًا أَخَذَ فِي بِنَاءِ الصَّرْحِ، فَبَنَى حَتَّى إِذَا أَسْنَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ ارْتَقَى فَوْقَهُ يَنْظُرَ- بِزَعْمِهِ- إِلَى إِلَهِ إِبْرَاهِيمَ، فَأَحْدَثَ وَلَمْ يَكُنْ يُحْدِثُ، وَأَخَذَ اللَّهُ بُنْيَانَهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ: «فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ»، يقول: مِنْ مَأْمَنِهِمْ، وَأَخَذَهُمْ مِنْ أَسَاسِ الصَّرْحِ، فَتَنَقَّضَ بهم ثم سقط فَتَبَلْبَلَتْ أَلْسُنُ النَّاسِ مِنْ يَوْمِئِذٍ مِنَ الْفَزَعِ، فَتَكَلَّمُوا بِثَلاثَةٍ وَسَبْعِينَ لِسَانًا، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ بَابِلَ، وَإِنَّمَا كَانَ لِسَانُ النَّاسِ قَبْلَ ذَلِكَ السِّرْيَانِيَّةَ

1 / 289