The History of al-Tabari
تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري
Editor
محمد أبو الفضل إبراهيم [ت ١٩٨٠ م]
Editorial
دار المعارف بمصر
Número de edición
الثانية ١٣٨٧ هـ
Año de publicación
١٩٦٧ م
Géneros
وَهِيَ زَمْزَمُ، فَجَعَلَتْ تَفْحَصُ الأَرْضَ بِيَدِهَا عَنِ الْمَاءِ، وَكُلَّمَا اجْتَمَعَ مَاءٌ أَخَذَتْهُ بِقَدَحِهَا، فَأَفْرَغَتْهُ في سقائها، قال: [فقال النبي ص:
يَرْحَمُهَا اللَّهُ! لَوْ تَرَكَتْهَا لَكَانَتْ عَيْنًا سَائِحَةً تَجْرِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ] .
قَالَ: وَكَانَتْ جُرْهُمُ يَوْمَئِذٍ بِوَادٍ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ، قَالَ: وَلَزِمَتِ الطَّيْرُ الْوَادِي حِينَ رَأَتِ الْمَاءَ، فَلَمَّا رَأَتْ جُرْهُمُ الطَّيْرَ لَزِمَتِ الْوَادِي، قَالُوا مَا لَزِمَتْهُ إِلا وَفِيهِ مَاءٌ، فَجَاءُوا إِلَى هَاجَرَ، فَقَالُوا: لو شئت كنا معك وآنسناك والماء ماؤك، قَالَتْ: نَعَمْ! فَكَانُوا مَعَهَا حَتَّى شَبَّ إِسْمَاعِيلُ وَمَاتَتْ هَاجَرُ، فَتَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ امْرَأَةً مِنْ جُرْهُمَ، قَالَ: فَاسْتَأْذَنَ إِبْرَاهِيمُ سَارَّةَ أَنْ يَأْتِيَ هَاجَرَ، فأذنت له، وشرطت عليه الا يَنْزِلَ، وَقَدِمَ إِبْرَاهِيمُ- وَقَدْ مَاتَتْ هَاجَرُ- إِلَى بَيْتِ إِسْمَاعِيلَ، فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: أَيْنَ صَاحِبُكِ؟ قَالَتْ: ليس هاهنا، ذَهَبَ يَتَصَيَّدُ، وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ يَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ فَيَتَصَيَّدُ ثُمَّ يَرْجِعُ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ:
هَلْ عِنْدَكِ ضِيَافَةٌ؟ هَلْ عِنْدَكِ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ؟ قَالَتْ: لَيْسَ عِنْدِي وَمَا عِنْدِي أَحَدٌ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَأَقْرِئِيهِ السَّلامَ، وَقُولِي لَهُ: فَلْيُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ، وَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَجَاءَ إِسْمَاعِيلُ، فَوَجَدَ رِيحَ أَبِيهِ فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: هَلْ جَاءَكِ أَحَدٌ؟ قَالَتْ: جَاءَنِي شَيْخٌ صِفَتُهُ كَذَا- وَكَذَا كَالْمُسْتَخِفَّةِ بِشَأْنِهِ- قَالَ: فَمَا قَالَ لَكِ؟ قَالَتْ: قَالَ لِي: أَقْرِئِي زَوْجَكِ السَّلامَ، وَقُولِي لَهُ: فَلْيُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ أُخْرَى، فَلَبِثَ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ سَارَّةَ أَنْ يَزُورَ إِسْمَاعِيلَ، فَأَذِنَتْ لَهُ وَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَلا يَنْزِلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ إِسْمَاعِيلَ، فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: أَيْنَ صَاحِبُكِ؟ قَالَتْ:
ذَهَبَ يَتَصَيَّدُ وَهُوَ يَجِيءُ الآنَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَانْزِلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ! قَالَ لَهَا: هَلْ عِنْدَكِ ضِيَافَةٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ عِنْدَكِ خُبْزٌ أَوْ بُرٌّ أَوْ شَعِيرٌ أَوْ تَمْرٌ؟
قَالَ: فَجَاءَتْ بِاللَّبَنِ وَاللَّحْمِ، فَدَعَا لَهُمَا بِالْبَرَكَةِ، فَلَوْ جَاءَتْ يَوْمَئِذٍ بِخُبْزٍ
1 / 258