The Hadiths on Games and Sports
الأحاديث الواردة في اللعب والرياضة
Editorial
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٥ هـ
Ubicación del editor
المملكة العربية السعودية -الدمام
Géneros
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن من خير أوقات المسلم الأوقات التي يقضيها في رياض السنة؛ يتفيأ ظلالها، ويقبس من مشكاتها؛ يأخذ من النبي الكريم ﷺ نور الهدى، وإشراقة الوحي، ومحض النصيحة؛ فيعبد الله على بصيرة، ويأخذ منه سهولة الأخلاق، وحسن المعاملة، وكرم الخليقة؛ فيحسن مخالطة الخلق، ويأخذ منه حلَّ المشكلة، وفك الأزمة، وكشف الغمة؛ فتنجلي عنه المضايق، وترتفع البوائق، ويجد برد السرور، فحديثه ﷺ ليس كحديث غيره من الخلق، فقد قال عنه ربه -سبحانه-: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)﴾ [النجم] فنُعْمى وحسن عُقبى لمن اتَّبعه وصدَّقه، وسحقًا وبؤسى لمن كذَّبه وأساء إليه.
وإن من منة الله على هذه الأمة أن قيَّض لحديث نبيها محمد ﷺ علماء نحارير، أوغلوا في تحصيله، وأمعنوا في تنقيته، فاستبطنوا دخائله، واستجلوا غوامضه، وأحصوا مسائله، وصنفوا فيه المجاميع والأسفار.
وكان من طرائقهم -عليهم الرحمة والرضوان- في التصنيف إفراد الأحاديث ذات الموضوع الواحد في مؤلِّفٍ واحد.
وهذا مهيَعٌ حسن؛ يدني قطوف الباب، ويقرِّب فوائده، ويلُمُّ شتاته، ويجمع أحكامه.
1 / 5
ورغبةً في اللحاق بطريق أولئك السَّراة حرصت أن تكون رسالتي للدكتوراة داخلة في قبيل ذلك النوع من التصنيف، فكان عنوانها كالتالي:
(الأحاديث الواردة في اللُّعب والرياضة)
دراسة حديثية فقهية
وفيما يلي بيان لمشكلة البحث، وحدوده، وأهميته، وأسباب اختياره، والدراسات السابقة فيه، والخطة التفصيلية له، ومنهج البحث والدراسة فيه.
• مشكلة البحث:
لقد انتشرت اللُّعب والرياضة في عصرنا انتشارًا لم يعهد له مثيل من قبل؛ والمتأمل في السُّنَّة يجد أنها تحوي جملة وافرة من هذا القبيل؛ بيدَ أنه متفرقٌ في تضاعيف الكتب، ولا يوجد تتبعٌ شموليٌّ له -فيما أعلم-.
وقد يخفى شيءٌ من ذلك على غير المختصين، فيقع اللبس، والخلط؛ من جهة العلم بوجود الحديث، أو درجته، أو فقهه.
وإن جمع الأحاديث الواردة في ذلك مع بيان حكمها وفقهها سبيلٌ لتقريب العلم فيها وتأصيله.
• حدود البحث:
أما حدود البحث فهو في كتب الحديث عامة، فقد اجتهدت في جمع كل ما يتعلق باللُّعب والرياضة، من الأحاديث المرفوعة للنبي ﷺ، وقد بلغت ثمانية وخمسين ومئة حديث؛ منها ستة وثلاثون ومئة حديث خارج الصحيحين؛ أربعون حديثًا منها من أحاديث العلل.
ثم بعد ذلك اجتهدت في بيان فقهها، وقد ربَت المسائل الفقهية على مئة مسألة فقهية، منها ثلاثون مسألة من المسائل المعاصرة.
• أهمية البحث، وأسباب اختياره:
١ - مسيس الحاجة إلى تأصيل مثل هذا الموضوع؛ خصوصًا في هذا
1 / 6
العصر؛ إذ أضحت مسائل اللُّعب والرياضة من أولويات الاهتمامات عند كثير من الناس، وخصوصًا الشباب (^١)، فأحببت بحكم التخصص أن أجمع ما ورد عن النبي ﷺ في ذلك مع بيان فقهه؛ لأن السُّنَّة أصلٌ في معرفة الأحكام، قال الإمام سفيان الثوري ﵀: «إنما الدين بالآثار وليس بالرأي، إنما الدين بالآثار وليس بالرأي، إنما الدين بالآثار وليس بالرأي» (^٢)، وقال أحوذي هذا العلم عبد الرحمن بن مهدي ﵀: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت؛ لكتبت بجنب كل حديث تفسيره» (^٣).
٢ - جِدَّة الموضوع؛ حيث لم يسبق أن كتب فيه كتابة موضوعية حديثية مستوعبة -فيما اطلعت عليه-.
٣ - الحاجة إلى تأصيل بعض المسائل المعاصرة، وذكر ضوابطها الشرعية.
٤ - أن فيه إبرازًا لمدى شمول الشريعة الإسلامية وسعتها وسماحتها، في استيعاب جميع حاجات النفس البشرية، وأن فيها فسحة في ممارسة اللهو المباح.
• الدراسات السابقة:
بعد فحص في فهارس المكتبات الكبيرة، كمكتبة الملك فهد الوطنية، ومكتبة الملك فيصل، ومكتبات الجامعات، والمكتبات التجارية وقفت على عدد من الكتب، ومنها:
١ - المسابقات، وأحكامها في الشريعة الإسلامية، تأليف د. سعد بن ناصر الشثري، دار الحبيب، الرياض.
_________
(^١) (١) أجرت مجلة الأسرة في عددها ٨٣ استبانة على ألف شاب وشابة، من طلاب الجامعات في الرياض، والدمام، وجدة، فكانت النتيجة ما يلي: بلغت نسبة الثقافة عندهم في الرياضة (٨٧ %)، وفي الفن (٨٨ %)، أما الثقافة الإسلامية، فبلغت (٥٨ %).
(^٢) أخرجه الخطيب في شرف أصحاب الحديث ص ٦.
(^٣) أخرجه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ٢/ ١٥٢.
1 / 7
٢ - أحكام المسابقات وتطبيقاتها المعاصرة، إعداد: عبد الرحمن بن محمد البديع، وهو بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير من المعهد العالي للقضاء.
٣ - أحكام المسابقات في الفقه الإسلامي، إعداد: أحمد بن حامد الطلحي، وهي رسالة ماجستير مقدمة لجامعة أم القرى.
٤ - الألعاب الرياضية، أحكامها وضوابطها في الفقه الإسلامي، إعداد: علي بن حسين بن أمين يونس. وهي رسالة ماجستير مقدمة لكلية الشريعة في الجامعة الأردنية، دار النفائس، الأردن.
٥ - فنون الرياضة والألعاب وأحكامها في الشريعة الإسلامية، إعداد: محمد بن سعيد بسمار، وهي رسالة ماجستير، مقدمة إلى كلية الشريعة في جامعة دمشق، وهذه الرسالة لم تنشر حتى في الجامعة التي نوقشت فيها؛ لكن يسر الله الاتصال بمؤلفها، فأرسلها كاملة على البريد الإلكتروني.
٦ - عقد السباق، تأليف د. عبد الفتاح إدريس، النسر الذهبي للطباعة.
٧ - موقف الشريعة الإسلامية من الميسر والمسابقات الرياضية، تأليف د. رمضان حافظ عبد الرحمن، دار الطرفين، الطائف.
٨ - بغية المشتاق في حكم اللهو واللعب والسباق، تأليف د. حمدي شلبي، مكتبة ابن سينا، القاهرة.
٩ - قضايا اللهو والترفيه بين الحاجة النفسية والضوابط الشرعية، تأليف مادون رشيد، دار طيبة، الرياض.
وهذه الرسائل فقهية محضة ليس من مقصود أصحابها جمع الأحاديث، ولا دراستها؛ إذ لا يبلغ مجموع ما ذكروه من الأحاديث سوى الربع مما في الرسالة.
• أهداف البحث:
١ - تمييز الثابت من غيره في أحاديث اللُّعَب والرِّياضة.
٢ - معرفة أنواع اللُّعب والرياضة الموجودة في عهد النبوة.
1 / 8
٣ - الوقوف على المباح والمحرم من اللعب والرياضة.
٤ - تأصيل هذا الموضوع تأصيلًا شرعيًّا.
• منهج البحث:
سأسلك -إن شاء الله- في بحثي المنهج الاستقرائي الاستنتاجي مع استخدام المنهج المقارن.
• إجراءات البحث:
١ - جمع الأحاديث المتعلقة باللعب والرياضة من كتب الحديث -قدر المستطاع-.
٢ - توزيع الأحاديث على الأبواب حسب خطة البحث
٣ - ستكون خطوات الدراسة المفصلة كالتالي:
أ وضع عنوانات للأبواب، والفصول، والمباحث، والمطالب.
ب التعريف بالعنوانات.
ت جمع الأحاديث تحت ذلك العنوان.
ث تخريج الأحاديث والحكم عليها حسب ما جرى عليه العمل في مسار الحديث في قسم الثقافة في جامعة الملك سعود.
ج بيان الغريب عقب كل حديث.
ح بعد سرد الأحاديث ذات الوحدة الموضوعية، يذكر فقه الحديث.
• خطة البحث:
يشتمل هذا البحث على مقدمة، وتمهيد، وبابين، وخاتمة:
• المقدمة: وفيها بيان أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، مع ذكر أهدافه، وخطة البحث فيه.
• تمهيد، ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريف باللُّعَب.
1 / 9
المبحث الثاني: تعريف الرياضة.
المبحث الثالث: حكم اللَّعب في الإسلام.
• الباب الأول: الأحاديث الواردة في اللُّعب وفيه فصلان:
الفصل الأول: اللعب المتعلقة بالجماد، وفيه تسعة مباحث:
المبحث الأول: اللعب بالتراب، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف اللعب بالتراب.
المطلب الثاني: ما ورد في اللعب بالتراب.
المبحث الثاني: اللعب بالأرجوحة، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف الأرجوحة.
المطلب الثاني: ما ورد في اللعب بالأرجوحة.
المبحث الثالث: اللعب بالعهن، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف اللعب بالعهن.
المطلب الثاني: ما ورد في اللعب بالعهن.
المبحث الرابع: اللعب بالبنات، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف اللعب بالبنات.
المطلب الثاني: ما ورد في اللعب بالبنات.
المبحث الخامس: اللعب بالكُرَّج، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف اللعب بالكُرَّج.
المطلب الثاني: ما ورد في اللعب بالكُرَّج.
المبحث السادس: اللعب بالخذف، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف الخذف.
المطلب الثاني: ما ورد في اللعب بالخذف.
المبحث السابع: اللعب بالنرد، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف النرد.
المطلب الثاني: ما ورد في النرد.
المبحث الثامن: اللعب بالشطرنج، وفيه مطلبان:
1 / 10
المطلب الأول: تعريف الشطرنج.
المطلب الثاني: ما ورد في الشطرنج.
المبحث التاسع: اللعب بعظم وضاح، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف عظم وضاح.
المطلب الثاني: ما ورد في عظم وضاح.
الفصل الثاني: اللُّعب المتعلقة بالحيوان، وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: اللعب بالحمام، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: ما ورد في اللعب بالحمام بدون عوض.
المطلب الثاني: ما ورد في اللعب بالحمام بعوض.
المبحث الثاني: اللعب بالنُّغَر، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف النغر.
المطلب الثاني: ما ورد في اللعب بالنغر.
المبحث الثالث: التحريش بين البهائم، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف التحريش بين البهائم.
المطلب الثاني: ما ورد في التحريش بين البهائم.
المبحث الرابع: ما ورد في اللعب بالكلب.
• الباب الثاني: الأحاديث الواردة في الرياضة، وفيه ثمانية فصول:
الفصل الأول: الرمي، وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: تعريف الرمي.
المبحث الثاني: ما ورد في فضل الرمي، وفيه ثمانية مطالب:
المطلب الأول: ما ورد في الأمر بالرمي.
المطلب الثاني: ما ورد في ثواب الرمي.
المطلب الثالث: ما ورد في أن الرمي ليس من اللهو الباطل.
المطلب الرابع: ما ورد في التحذير من نسيان الرمي.
المطلب الخامس: ما ورد في شهود الملائكة للرمي.
المطلب السادس: ما ورد أن الرمي مطردة للهم.
1 / 11
المطلب السابع: ما جاء أن الرمي من الفطرة.
المطلب الثامن: ما ورد أن المتناضلين في صلاة ما داموا يتناضلون.
المبحث الثالث: ما ورد في السبْق في الرمي بدون عوض.
المبحث الرابع: ما ورد في السبْق في الرمي بعوض.
المبحث الخامس: اتخاذ ذي الروح غرضًا، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: معنى اتخاذ ذي الروح غرضًا.
المطلب الثاني: ما ورد في اتخاذ ذي الروح غرضًا.
الفصل الثاني: اللعب بالحراب، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: تعريف اللعب بالحراب.
المبحث الثاني: ما ورد في اللعب بالحراب.
الفصل الثالث: ركوب الخيل، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: فضل ركوب الخيل.
المبحث الثاني: السبْق على الخيل، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: ما ورد في السبْق على الخيل بدون عوض.
المطلب الثاني: ما ورد في السبْق على الخيل بعوض، وفيه ثلاثة فروع:
الفرع الأول: ما ورد في جواز بذل العوض في سبْق الخيل مطلقًا.
الفرع الثاني: ما ورد في تحريم أخذ العوض في سبْق الخيل مطلقًا.
الفرع الثالث: ما ورد في جواز بذل العوض في سبْق الخيل بشرط وجود محلل.
المبحث الثالث: ما ورد فيما ينهى عنه في سبْق الخيل.
الفصل الرابع: ركوب الإبل، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: ما ورد في السبق على الإبل بدون عوض.
المبحث الثاني: ما ورد في السبْق على الإبل بعوض.
الفصل الخامس: المشي على الأقدام، وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: ما ورد في السبق في المشي على الأقدام بدون عوض.
1 / 12
المبحث الثاني: ما ورد في السبْق في المشي على الأقدام بعوض.
المبحث الثالث: ما ورد في استحباب الإسراع في المشي عند التعب.
المبحث الرابع: ما ورد في ذم سرعة المشي.
الفصل السادس: المصارعة، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريف المصارعة.
المبحث الثاني: ما ورد في المصارعة بغير عوض.
المبحث الثالث: ما ورد في المصارعة بعوض.
الفصل السابع: السباحة، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: تعريف السباحة.
المبحث الثاني: ما ورد في السباحة.
الفصل الثامن: رفع الحجر، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: تعريف رفع الحجر.
المبحث الثاني: ما ورد في رفع الحجر.
• الخاتمة: وفيها أبرز النتائج.
• منهجي في الرسالة:
أولًا: منهجي في دراسة الأحاديث:
١ - نص الحديث:
١) قمت بجمع الأحاديث المرفوعة فقط، ولم أُدخِل في الدراسة الآثار الموقوفة والمقطوعة.
٢) أنقل نص الحديث الموافق للمعنى، والأدل على المقصود مع إسناده كاملًا، فإن كان هناك أكثر من مصدر فإني أقدم النص الأعلى إسنادًا، فإن كان هناك أكثر من مصدر فإني أقدم نص الإمام الأقدم وفاة.
٣) إذا كان للحديث روايات أخرى، فإني لا أدرسها إلا إذا كان لها تعلق بالمبحث.
1 / 13
٤) التزمت ذكر جميع ما جاء في كتب السُّنَّة مما رأيته داخلًا تحت موضوع الرسالة -حسب استطاعتي-.
٥) قمت بترتيب ما تَحَصُّل لديّ من الأحاديث على الأبواب والفصول والمباحث الواردة في الخطة التفصيلية للبحث.
٦) رتبت الأحاديث ذات الدلالة الموضوعية الواحدة في مكان واحد، مبتدئًا بالصحيح، ثم الضعيف.
٧) إذا وجد في الكتاب المطبوع الذي نقلت منه النص خطأ ظاهر فإني أصححه، وأنبه على ذلك في الهامش.
٨) وضعت على كل حديث رقمًا تسلسليًّا خاصًّا، فإن تكرر فإني لا أضع له رقمًا، وإنما أحيل على الرقم الذي ورد به.
٢ - تراجم الرواة:
١) بعد إيراد نص الحديث أعقد عنوانًا باسم: «رواة الحديث»، وبعده أترجم للرواة الواردين في إسناد الحديث المختار.
٢) إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما، فإنني أكتفي بتخريجه دون ترجمة لرواته؛ لتلقي الأمة لهذين الكتابين بالقبول.
٣) إذا كان الحديث في غير الصحيحين، فإني أترجم لجميع الرواة الواردين في إسناد الحديث المختار، مرتبًا لهم من أول الإسناد المختار حتى الصحابي.
٤) لا أترجم للصحابة، إلا إذا كان في صحبته شبهة فإني أنقل من كلام أهل العلم ما يبين حاله.
٥) أذكر اسم الراوي كاملًا مميزًا له عن غيره، وأذكر كنيته ولقبه إن وجد، وأعتمد في سياق اسم المترجم على سياق ابن حجر في التقريب، وقد أخرج عن سياقه أحيانًا.
٦) من حيث الحكم على المترجم، فلا يخلو إما أن يكون من رجال التقريب أو لا، فإن كان من رجال التقريب، وكان ظاهر العدالة، أو الجرح، بحيث لم يختلف فيه اختلافًا مؤثِّرًا فإنني أنقل عبارة الحافظ ابن حجر في
1 / 14
التقريب، ثم أشير إلى مصدرين من مصادر ترجمته، وهما: تهديب الكمال، وتقريب التهذيب، وقد أزيد عليهما لغرض -يقتضي- ذلك، فإن كان الراوي مختَلَفًا في حاله، فإنني أسوق من أقوال أهل الجرح والتعديل ما يتضح به حاله، منقولة من مصادرها، وأرتب الكلام فيه -غالبًا- بذكر من وثقه، ثم من توسط فيه، ثم من جرحه، وأختم كلام أهل العلم فيه بعبارة ابن حجر من التقريب، أو من غيره عند الحاجة، التي هي عبارة عن تلخيص لأقوال الأئمة في الراوي، وربما ذكرت عبارة الذهبي من الكاشف أو كتبه الأخرى، فإن ظهر لي تعقيب على كلمة الذهبي أو ابن حجر ذكرته بعد ذلك، وإن كان الراوي ليس من رجال التقريب، فإنني أنقل من كلام أهل العلم ما تتضح به حاله محيلًا على أهم مصادره، مناقشًا ما يحتاج منها إلى مناقشة.
٧) بعد الانتهاء من الترجمة أحيل إلى مصادرها التي استقيت منها تلك النصوص، مرتبًا لها حسب أسبقية وفاة أصحابها.
٨) إذا تكرر الراوي خلال الرسالة فإنني أحيل على موطن ترجمته في الموضوع السابق، ذاكرًا ملخص حاله.
٣ - تخريج الحديث:
١) أعقد عنوانًا باسم: «تخريج الحديث»، ثم أخرج الحديث تحته.
٢) إذا كان الحديث في الصحيحين، فإني أكتفي بالعزو إليهما، فإن وجد الحديث عند غيرهما، فإني أقتصر على تخريجه من الكتب الستة.
٣) إذا ورد في غير الصحيحين طريق أخرى مخالفة لما في الصحيحين، أو ورد زيادة لفظية مما يتعلق بالموضوع عند غيرهما فإني أخرج الحديث تخريجًا يتبين به درجة ذلك الطريق، أو تلك الزيادة.
٤) أقسم التخريج على المتابعات، جاعلًا إسناد الإمام الذي نقلته من كتابه منطلقًا لترتيبها، مبتدئًا بالمتابعة التامة فالقاصرة.
٥) أكتفي بتسمية الراوي موضع المتابعة دون ذكر الوسائط بينه وبين المصنفين، وقد أسميهم عند الحاجة.
1 / 15
٦) أرتب هذه المصادر -عند اتحاد المتابعة- مبتدئًا بأصحاب الكتب الستة، ثم الأقدم وفاة.
٧) أعتني ببيان الفروق المؤثرة بين ألفاظ الروايات مستعملًا العبارات الاصطلاحية التي تدل على تلك الفروق، وأحيانًا أذكر المتن كاملًا عند الحاجة إلى ذكره.
٤ - الحكم على الحديث:
١) أعقد عنوانًا باسم: «الحكم على الحديث» ثم أذكر تحته درجة الحديث.
٢) أبدأ بالحكم على إسناد الإمام الذي خرجت حديثه، فإن وقفت على أئمة حكموا عليه ذكرت أحكامهم.
٣) إذا كان الحديث من أحاديث العلل فإنني أدرس العلة، وأبين وجوه الاختلاف في الحديث المعل، ثم أذكر الوجه الراجح، مستصحبًا من أقوال الأئمة ما يتضح به الحكم على الحديث.
٤) إذا انتهيت من الحكم على الحديث، وكان قد ورد في التخريج له متابعات تقوية فإني أذكرها وأتكلم عليها.
٥ - التعليق على الأحاديث:
١) أعقد عنوانًا باسم: «غريب الحديث» ثم أذكر تحته الكلمات الغريبة في الحديث.
٢) اقتصرت في التعليق على ما يحتاج إليه كبيان غريب، أو دفع إيهام، أو نحو ذلك.
٣) أنقل ذلك من كتب اللغة، وغريب الحديث، أو من غيرها عند الحاجة.
٤) إذا تكرر الحديث، فإني أبين غريبه في أول موضع من مواضعه.
1 / 16
ثانيًا: منهجي في فقه الحديث:
١ - أعقد عنوانًا للدراسة الفقهية لحديث -أو أحاديث- الفصل، أو المبحث، أو المطلب، باسم: (فقه الفصل) أو (فقه المبحث) أو (فقه المطلب) أو (فقه المطلب).
٢ - أقتصر على المسألة -أو المسائل- المتعلقة بالمبحث صراحة أو تضمينًا.
٣ - أنص على دلالة حديث المبحث -أو أحاديث المبحث- على المسألة الواردة.
٤ - أذكر أقوال أهل العلم، مقتصرًا على المذاهب الأربعة المشهورة، وقد أذكر غيرهم من الأئمة لحاجة.
٥ - أذكر أقوى أدلة الأقوال في نظري، وأجيب عنها باختصار.
٦ - أنص على القول الراجح عندي في المسألة مبينًا وجه رجحانه باختصار.
٧ - أذكر المسائل العصرية المتعلقة بالمبحث، وأتكلم عن أحكامها باختصار.
٨ - أذكر آراء العلماء المعاصرين في المسألة المعاصرة.
وفي ختام هذا العمل أقدم خالص الشكر وأوفاه، وأجزله وأعلاه، إلى ولي الشكر ومستحقه، فأحمد لله -تعالى- أولًا وآخرًا، ظاهرًا وباطنًا، كما يحب -سبحانه- ويرضى، فلولاه ما تيسر هذا البحث، ولا تم هذا العمل، فاللهم ربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك.
ثم أشكر والديَّ الكريمين، على حسن تربيتهما، وجميل رعايتهما، ودوام دعائهما، فاللهم ارحمهما كما ربَّيَاني صغيرًا، وأخص والدي الذي فتح لي أبواب مكتبته، وأفادني بتوجيهاته، فاللهم اجزه عني خير ما جَزَيت والدًا عن ولده.
كما أشكر فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور علي بن عبد الله الصباح
1 / 17
المشرف على الرسالة الذي غمرني بكريم أخلاقه، وسعة صدره لما أطرحه من إشكالات وتساؤلات، فجزاه الله عني خير الجزاء.
كما أشكر فضيلة الشيخين الدكتور: الشريف حاتم العوني، والأستاذ الدكتور: عبد العزيز الجاسم على تفضلهما بقبول مناقشة الرسالة، وقد أفدت من ملحوظاتهما، فجزاهما الله خيرًا.
ثم إني أقول كما قال القلقشندي في مقدمة صبح الأعشى: «وليعذر الواقف عليه، فنتائج الأفكار على اختلاف القرائح لا تتناهى، وإنما ينفق كلُّ أحدٍ على قدر سعته، لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها، ورحم الله من وقف فيه على سهوٍ أو خطأٍ فأصلحه عاذرًا لا عاذلًا، فليس المبرأ من الخَطَل (^١) إلا من وقى الله وعصم، وقد قيل: الكتاب كالمكلف، لا يسلم من المؤاخذة، ولا يرتفع عنه القلم، والله تعالى يقرنه بالتوفيق، ويرشد فيه إلى أوضح طريق، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب» (^٢).
اللهم إني أستوهبك منك توفيقًا قائدًا إلى الرشد، وقلبًا ثابتًا على الحق، ونطقًا مؤيَّدًا بالحجة، وإصابة ذائدة عن الزيغ، فما المفزع إلا إليك، ولا التوفيق إلا منك، ولا الاستعانة إلا بك؛ إنك ربي نعم المعين (^٣).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
د/ صالح بن فريح البهلال
٢٩/ ٨ / ١٤٣٤ هـ
_________
(^١) قال في المصباح المنير ص ٩٣: «خَطِلَ في منطقه ورأيه خَطَلًا؛ من باب «تعب»؛ أخطأ فهو خَطِلٌ».
(^٢) صبح الأعشى ١/ ٣٦.
(^٣) مقتبسة من مقامات الحريري ص ١٤ و١٨.
1 / 18
تمهيد
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
- المبحث الأول: تعريف اللُّعب.
- المبحث الثاني: تعريف الرِّياضة.
- المبحث الثالث: حكم اللعب في الإسلام.
1 / 19
المبحث الأول تعريف اللُّعَب (^١)
اللُّعَب: جمع لُعبة -بالضم- وهي: كلُّ ملعوب به، فيقال له: لُعبَةٌ، ومنه الشِطرنج والنَرْد؛ تقول: لِمَن اللُّعْبَةُ؟ وتقول: اقْعُد حتى أفرغ من هذه اللُّعب، واللُّعبَةُ نوْبَةُ اللَّعِبِ، واللُّعبَةُ التمثالُ.
وأصل اللفظ مأخوذ من اللَّعِب، وهو ضدُّ الجدِّ، ولَعِبَ فلان: إذا كان فعلُهُ غيْرَ قاصِدٍ به مقصَدًا صحيحًا (^٢).
واللُّعب من الألفاظ المشتركة؛ يطلق تارة على العبث، والفعل غير الجاد، ويطلق على الأفعال التي يترتب عليها فوائد ومقاصد معتبرة شرعًا، والذي يحدد المعنى هو القرائن الواردة في السياق (^٣).
_________
(^١) فإن قيل: فلم اختير لفظ: (اللُّعب) دون (الألعاب)؟
فالجواب أن يقال: إن لفظ: (اللُّعَب) أفصح؛ فهو من جموع الكثرة، وأما لفظ: (ألعاب) فمن جموع القلة، والفرق بين الجمعين هو: أن جمع القلة يطلق على العشرة فما دونها، وجمع الكثرة يطلق على ما فوق العشرة، واللُّعَب أكثر من العشرة. ينظر: حاشية الصبان ٤/ ١٧٠، وضياء السالك ٤/ ١٨٢ - ١٩٣.
وقد سمى العلامة اللغوي المحقق أحمد تيمور باشا كتابًا له باسم: «لُعَب العرب» وذكر فيه ما ذكرته معاجم اللغة من لُعَب العرب، وبعض ما ذكر من اللُّعَب مذكور في هذه الرسالة.
(^٢) الصحاح للجوهري ١/ ٢١٩، ومفردات القرآن للراغب ص ٤٦٨، ولسان العرب ٧/ ٧٣٩، والمصباح المنير ص ٥٥٤، كلها في مادة: (لعب).
(^٣) قضايا اللهو والترفيه لمادون رشيد ص ٧٢.
1 / 21
المبحث الثاني تعريف الرياضة
الرياضة لغة: مصدر راضَ يروضُ روْضًا ورِياضًا؛ أي: ذلَّل؛ يقال: راضَ المهر، وراضَ نفسه بالتقوى، وراض القوافي الصعبة؛ كلُّها بمعنى ذلَّلَ (^١).
وهي اصطلاحًا: القيام بحركات خاصة؛ تكسب البدن قوة ومرونة، وهو ما يسمى بالرياضة البدنية (^٢).
_________
(^١) القاموس المحيط ص ٨٣١، وتاج العروس ١٨/ ٣٧٤.
(^٢) المعجم الوسيط ١/ ٣٨٢.
1 / 22
المبحث الثالث حكم اللَّعب في الإسلام
لقد جاء الإسلام (بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها) (^١)، فأتى شاملًا جميع ما يحتاجه الإنسان في روحه وجسمه، فأشبع حاجات البدن؛ كما أشبع حاجات الروح، فلم يجعل للإنسان الحرية المطلقة في ممارسة اللعب؛ فيفوت عليه بذلك القصد من خلقه -وهو عبادة الله-، ولم يحجِّر عليه في تحريم شيءٍ يصادم غريزته البشرية في حالتها السوية، بل دعاه إلى أن يعطي بدنه حقه من الراحة واللعب، فلقد بلغ النبي ﷺ أن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵁ ما -يقوم الليل ويصوم النهار- فقال له: «لا تفعل؛ صم وأفطر، وقم ونم؛ فإن لجسدك عليك حقًّا ...» (^٢)،
فالإسلام دين الحنيفية السمحة، وهو مبنيٌّ على التخفيف والتيسير، لا على الضيق والحرج، وقد رفع الله فيه الآصار والأغلال التي كانت على من قبلنا.
ولأجل ذا أباح الإسلام استعمال بعض اللَّعب الذي يعين المسلم على مكابدة العبادة، ويخفف عليه مشاق الحياة، شريطة أن يكون منضبطًا بحدود الشرع، والأصل في ذلك الحديث الذي يرويه حنظلة ﵁ أنه قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة. قال:
_________
(^١) هذه الجملة من العبارات التي اشتهرت عن شيخ الإسلام ابن تيمية، فهو كثيرًا ما يوردها، ينظر على سبيل المثال: مجموع الفتاوى ١/ ١٣٨ و١٠/ ٥١٢ و٢٠/ ٤٨ و١٣٦ - ١٩٣ - ٢٣٤ و٣١/ ٢٦٦.
(^٢) أخرجه البخاري ح (١٩٧٥) ومسلم ح (١١٥٩) والنسائي ح (٢٣٩١).
1 / 23
سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله ﷺ، يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله ﷺ عافسنا (^١) الأزواج والأولاد والضيعات (^٢)، فنسينا كثيرًا، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله ﷺ، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله. فقال رسول الله ﷺ: «وما ذاك؟». قلت: يا رسول الله نكون عندك؛ تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسينا كثيرًا. فقال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم، وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعةً وساعةً (^٣)». ثلاث مرات (^٤).
وتقول عائشة ﵁ ا: «والله لقد رأيت رسول الله ﷺ يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله ﷺ، يسترني بردائه؛ لكي أنظر إلى لعبهم، ثم يقوم من أجلي، حتى أكون أنا التي أنصرف،
_________
(^١) قال النووي في شرحه على مسلم ١٧/ ٦٦: «-هو بالفاء والسين المهملة- معناه: حاولنا ذلك، ومارسناه، واشتغلنا له؛ وروى الخطابي هذا الحرف عانسنا -بالنون- قال: ومعناه: لاعبنا، ورواه ابن قتيبة -بالشين المعجمة- قال: ومعناه: عانقنا والأول هو المعروف.
(^٢) الضيعات: جمع ضيعة -بالضاد المعجمة-، وهي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة. ينظر: المرجع السابق.
(^٣) قال علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ٣/ ١١: «يعني لا يكون الرجل منافقًا بأن يكون في وقت على الحضور، وفي وقت على الفتور، ففي ساعة الحضور تؤدون حق ربكم، وفي ساعة الفتور تقضون حظوظ أنفسكم، ويحتمل أن يكون قوله: «ساعة وساعة» للترخيص، أو للتحفظ؛ لئلا تسأم النفس عن العبادة، وحاصله أن يا حنظلة؛ هذه المداومة على ما ذكر مشقة؛ لا يطيقها كل أحد، فلم يكلَّف بها، وإنما الذي يطيقه الأكثرون أن يكون الإنسان على هذه الحالة ساعة، ولا عليه بأن يصرف نفسه للمعافسة المذكورة وغيرها ساعةً أخرى».
وليس معناه كما يفهمه بعض الجَهَلة القائلين: ساعة لقلبك وساعة لربك، فيجعلون العمر ساعتين؛ ساعة في المشروع وساعة في الممنوع، وذلك ضلالٌ مبين.
(^٤) أخرجه مسلم ح (٢٧٥٠)، والترمذي ح (٢٥١٤)، وابن ماجه ح (٤٢٣٩).
1 / 24
فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، حريصةً على اللعب» (^١).
وفي رواية قالت عائشة: قال رسول الله ﷺ يومئذٍ: «لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة» (^٢).
_________
(^١) حديث صحيح، سيأتي تخريجه -إن شاء الله- ضمن أحاديث الدراسة.
(^٢) أخرج هذه الزيادة أحمد ٤١/ ٣٤٩ ح (٢٤٨٥٥) والسراج في مسنده ٣/ ١٢٤ ح (٢١٤٨) كلاهما من طريق سليمان بن داود، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة به.
وإسنادها ضعيف، ففيه عبد الرحمن بن أبي الزناد مختلفٌ فيه، فقد وثقه بعض الأئمة، كمالك، وكان يأمر بالكتابة عنه، كما وثقه الترمذي، والعجلي، ويعقوب بن شيبة، وزاد يعقوب: «صدوقٌ»، وفي حديثه ضعف.
وضعفه آخرون، فكان ابن مهدي يخط على حديثه، وقال أحمد: «مضطرب الحديث»، وقال ابن معين: «ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث، ليس بشيء»، وقال أبو حاتم: «يكتب حديثه، ولا يحتج به»، وقال النسائي: «ضعيف».
وفصل فيه آخرون، فقال ابن المديني: «حديثه بالمدينة مقارب، وما حدث به بالعراق فهو مضطرب»، وبنحوه قال يعقوب بن شيبة، وعمرو الفلاس، والساجي.
وقال ابن المديني: «قد نظرت فيما روى عنه سليمان بن داود الهاشمي فرأيتها مقاربة».
وقال صالح جزرة: «يروي عن أبيه أشياء لم يروها غيره».
ولخص حاله الحافظ ابن حجر، فقال: «صدوقٌ، تغير حفظه لما قدم بغداد»، ولعل قول الحافظ هو الأقرب.
ينظر: سنن الترمذي عند ح (١٧٥٥)، والجرح والتعديل ٥/ ٢٥٢، والضعفاء والمجروحون للنسائي (٣٦٧)، والثقات للعجلي ٢/ ٧٧، وتاريخ بغداد ١٠/ ٢٢٨، وتهذيب الكمال ١٧/ ٩٥، وتهذيب التهذيب ٦/ ١٥٥، وتقريب التهذيب (٣٨٦١).
وبناء على هذا فعبد الرحمن صدوق فيما حدث به بالمدينة، ضعيفٌ فيما حدث به ببغداد، وقد روى عنه سليمان بن داود وهو الهاشمي، كما جاء مصرحًا به في رواية السراج، وقد نص ابن المديني على أن روايته عنه مقاربة، لكن يشكل عليه أن عبد الرحمن بن أبي الزناد تفرد بهذه الزيادة؛ مما يقوي القول بشذوذها؛ إذ أصل الحديث في الصحيحين بدونها؛ فقد راوه عبيد بن عمير، كما في صحيح مسلم ح (٨٩٢)، وسعيد بن المسيب، كما في صحيح مسلم ح (٨٩٣) كلاهما (عبيد، وسعيد) عن عائشة بدونها. =
= كما رواه الزهري، كما في صحيح البخاري ح (٤٥٤)، وصحيح مسلم ح (٨٩٢)، ومحمد بن عبد الرحمن الأسدي، كما في صحيح البخاري ح (٩٥٠)، وصحيح مسلم ح (٨٩٢)، وهشام بن عروة، كما في صحيح مسلم ح (٨٩٢) ثلاثتهم (الزهري، والأسدي، وهشام) عن عروة بدونها.
وهذا ما يؤكد مقولة صالح جزرة: «يروي عن أبيه أشياء لم يروها غيره».
وللحديث طريقٌ أخرى؛ إذ أخرجه الحميدي ١/ ١٢٣ ح (٢٥٤) عن ابن عيينة، عن يعقوب بن زيد التيمي، عن عائشة بلفظ: «العبوا يا بني أرفدة؛ تعلمْ اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة».
والذي يظهر أن في السند انقطاعًا؛ فيعقوب بن زيد لم يدرك عائشة، وقد دل على هذا عدة قرائن، وهي:
أن ابن سعد في الطبقات ٩/ ٢٤٣ ذكر في ترجمة يعقوب أنه مات في أول ولاية أبي جعفر المنصور، وقد تولى أبو جعفر الخلافة آخر سنة (١٣٦ هـ) كما في البداية والنهاية لابن كثير ١٠/ ٥٨، وقد ماتت عائشة ﵁ ا سنة (٥٧) أو (٥٨ هـ) كما في تهذيب الكمال ٣٥/ ٢٣٥، فبين وفاة عائشة ووفاة يعقوب ما يزيد على خمس وثمانين سنة، وقد قال الذهبي في تاريخ الإسلام ٩/ ٣٤٠: «كأنه مات شابًّا».
أن كل من ترجم له، لم يذكر من شيوخه عائشة، ولو ثبتت روايته عنها لكانت أولى من يذكر، وذلك مثل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٩/ ٢٠٧، والذهبي في تاريخ الإسلام ٩/ ٣٤٠، والمزي في تهذيب الكمال ٣٢/ ٣٢٣، وأقدم شيخ ذكروه هو: أسعد بن سهل بن حنيف، وهو معدودٌ في الصحابة، له رؤية، ولم يسمع من النبي ﷺ، مات سنة (١٠٠ هـ) كما في التقريب (٤٠٢).
أن ابن حجر ذكره في التقريب (٧٨١٦) في الطبقة الخامسة، وهي عنده: الطبقة الصغرى من التابعين، الذين رأوا الواحد والاثنين من الصحابة، ولم يثبت لبعضهم السماع من الصحابة.
وللحديث طريقٌ آخر؛ فقد أخرجه أبو عبيد في غريب الحديث ٢/ ١٠ - ١١ - ومن طريقه الحارث بن أسامة بغية الباحث ٢/ ٨٢٦ ح (٨٦٦) -من طريق أبي معاوية، والديلمي في مسند الفردوس ٢/ ١١٠ من طريق عبد الواحد بن زياد، وعلقة أبو حاتم كما في العلل ص ١٥٩٩ عن مروان بن معاوية الفزاري، ثلاثتهم: (أبو معاوية، وعبد الواحد، ومروان) عن عبد الرحمن بن إسحاق بنحوه؛ إلا أن أبا معاوية رواه عنه، عن الشعبي مرسلًا، ورواه عبد الواحد، ومروان -مرة- عنه، عن الشعبي، عن عائشة، ورواه مروان -مرة- عنه، عن القاسم بن محمد، عن عائشة.
وهذه الأوجه ضعيفة، فقد اضطرب فيه عبد الرحمن بن إسحاق، وهو ضعيف الحديث كما في التقريب (٢٧٩٩).
ولجزء الحديث الأول شاهدٌ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ٥/ ٢٤٧ ح (٦٥٤٢) من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب: أن رسول الله ﷺ قال: «الهوا والعبوا؛ فإني أكره أن يرى في دينكم غلظة»، وهذا سندٌ ضعيف؛ فالمطلب بن عبد الله من صغار التابعين كما في التقريب (٦٧١٠) وقد قال فيه أبو حاتم في المراسيل ص ١٦٤: «عامة حديثه مراسيل»؛ ولذا قال البيهقي عقيب إخراجه: «هذا منقطع».
ولجزء الحديث الأخير: «إني أرسلت بحنيفية سمحة» عدة شواهد لا يخلو واحدٌ منها من ضعف، ويغني عنها ما أخرجه البخاري في صحيحه، باب الدين يسر، وقول النبي ﷺ: «أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة» ح (٣٩) وأورد تحته حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا ...».
1 / 25