206

The Guide to Correcting Doctrines

القائد إلى تصحيح العقائد

Investigador

محمد ناصر الدين الألباني.

Editorial

المكتب الإسلامي.

Número de edición

الثالثة

Año de publicación

١٤٠٤ هـ / ١٩٨٤ م.

Géneros

فإن قيل: إن من تلك الأدلة البراهين على وجوب واجب الوجود لنه لا يصح كونه واجب الوجود إلا إذا لم يكن له أين فجمودهم على تلك القضية يقتضي نفي وجود واجب الوجود. قلت: البراهين الصحيحة على وجوده لا تقيد بعدم الأين، بل منها ما يقتضي بوجوده مع ثبوت الأين له، فأما المقاييس التي يتشبث بها النفاة فهي من الشبهات التي نتيقن فسادها وإن فرض أنه لم يتعين لنا وجهه. أقول: وفي هذا مع الأدلة الشرعية ما يكفي الراغب في الحق الخاضع له، فلا حاجة بنا إلى التشاغل بتلك الشبهات، ولكن أشير هاهنا إلى نكات: الأولى: المتعمقون يقولون أن ذاك البارئ ﷿ مجردة، ثم منهم من يثبت ذوات كثيرة مجردة حتى عدوت منها الملائكة وأرواح الخلق، (١) ومنهم من يقتصر على تجويز ذلك، وردوا على من نفى ذلك محتجًا بأنه لووجدت ذات أخرى مجردة لكانت مماثلة لذات الله ﷿، بأن المشاركة في التجرد لا تقتضي المماثلة التي تستلزم اشتراك الذاتيين فيما يجب ويجوز ويمتنع. وأنت إذا تدبرت علمت ما في هذا القول كما مر في الباب الثالث. (٢) فإن قيل: الإنصاف أن من أثبت المشاركة في أمر ما فقد أثبت المثل في مطلق ذاك الأمر، ولزوم التساوي في الأحكام إنما هو بالنظر لذاك الأمر فالمثبت الشريك في الوجود يلزمه تساوي الذاتين في أحكام مطلق الوجود، وهكذا يقال في التجرد والجسمية والأينية وغيرها وليس المحذور هنا إثبات مثل في أمر ما، ولا إثبات مساوفي أحكام أمر ما، وإنما المحذور لزوم حكم باطل.

(١) يعني أرواح بني آدم ويمونها النفوس الناطقة ولا يدخل في ذلك عندهم أرواح الحيوانات. م ع (٢) ص ٢٧٨.

1 / 211