142

The Guide and the Guided

الهادي والمهتدي

Editorial

(بدون ناشر) (طُبع على نفقة رجل الأعمال الشيخ جمعان بن حسن الزهراني)

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٧ هـ - ٢٠١٥ م

Géneros

وجود الطيب النفيس، وقوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (١)، كل هذا من أجل التنافس في الخير، وإن اختلفت الآراء في نوع المنافسة والتفاوت فيها، فهذا التفاوت لا يشقي أصحابه، ما داموا يدورون في فلك الإسلام، ولم تفرقهم الأفهام في أصول الدين وقواعده الكلية، كالأئمة الأربعة ﵏، ومن نهج نهجهم، في البناء على الأدلة والبراهين، والاستنباط منها، فلا يبعدهم عن الإسلام ما وقع بينهم من الخلاف في الفروع، هذا ما درجت عليه الأمة في القرون المفضلة، مجتمعة على الإسلام، قامعة لكل من يثير الخلافات الهدامة، والتي يقصد منها إثارة الشبه، ولذلك وصفت هذه القرون بأنها خير القرون، يقول رسول الله ﷺ: «خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم». قال عمران ﵁: لا أدري، أذكر النبي ﷺ بعد قرنه قرنين أو ثلاثة، وقال النبي ﷺ: ... «إن بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السمن) (٢)، وهذه الخيرية أساسها دعوة رسول الله ﷺ للأنصار، وأبناء الأنصار (٣)، فإن الخير فيهم وفي عقبهم موجود بدعوة رسول الله ﷺ، وغير معدوم في المهاجرين وأبنائهم وأبناء أبنائهم، ولا في غيرهم من الذين أتوا من بعدهم وهم يقولون: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (٤)، وعلى هذا تأسست قوة الإسلام، وتماسك بنيانه، وتوحدت أفكار المسلمين. وعلى هذا الأساس فإن كل خلاف يقع بين المؤمنين لا يعدو البحث عن الحق؛ فإذا ظهر الحق إلتأم الشمل وزال الخلاف، وعلى هذا ما جرى بين المهاجرين والأنصار ﵃ في سقيفة بني ساعدة حسم الأمر لما ظهر الحق، وكذلك خلاف الصحابة ﵃ في قتال أهل الردة لما ظهر الحق إلتأم الشمل وتوحدت الكلمة، في وصية أبي بكر بالخلافة لعمر لما بان الحق رجع من تخوف من شدة عمر، وعلم أن أبا بكر ما أراد إلا العدل، والخير للأمة؛ فإنه عليم بفضل عمر، ولم تكن شدته

(١) الآية (٢٦١) من سورة البقرة .. (٢) أخرجه البخاري، حديث (٢٦٥١) ومسلم حديث (٢٥٣٥). (٣) أنظر: المعجم الكبير للطبراني حديث (٤٩، ٧٢). (٤) من الآية (١٠) من سورة الحشر.

1 / 146