The Good Rules for Interpreting the Quran
القواعد الحسان لتفسير القرآن
Editorial
مكتبة الرشد
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
Ubicación del editor
الرياض
Géneros
التي وقعت في زمان مضى على زمانه، أو وقعت في زمانه والتي لا تزال تقع في كل وقت، فلولا الوحي ما وصل إليه شيء من هذا، ولا كان له ولا لغيره طريق إلى العلم به.
وتارة يقررها بحفظه إياه، وعصمته له من الخلق، مع تكالب الأعداء وضغطهم عليه، وجِدِّهم التام في الإيقاع به بكل ما في وسعهم، والله يعصمه ويمنعه منهم وينصره عليهم، وما ذاك إلا لأنه رسوله حقا، وأمينه على وحيه والمبلغ ما أمر به.
وتارة يقرر رسالته بذكر عظمة ما جاء به وهو القرآن الذي ﴿لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت:٤٢] ويتحدى أعداءه، ومن كفر به أن يأتوا بمثله أو بعشر سور مثله أو بسورة واحدة، فعجزوا ونكصوا وباءوا بالخيبة والفشل، وهم أهل اللسان المُبَرِّزون في ميدان القول والفصاحة، ومع ذلك ما استطاعوا - مع شدة حرصهم
ومحاولتِهم - أن يأتوا بسورة منه وما استطاعوا ولا قدروا - مع شدة حرصهم ومحاولتِهم - أن يجدوا فيه نقصًا أو عيبًا ينزل به عن أعلى درجات الفصاحة التي ملكت أزمة قلوبهم، فلجأوا إلى السيف وإراقة دمائهم، وما كانوا يعمدون إلى هذا لولا أنهم لم يجدوا سبيلًا إلى محاربته بالقول، وما كانوا يزعمونه عندهم علومًا وحكمًا، فكان عدولهم إلى السيف وإراقة الدماء أكبر الأدلة على صدق الرسول ﷺ وأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وأقطع البراهين على أنه الحق والهدى من عند الله الذي جمع الله فيه لرسوله وللمؤمنين به كل ما يكفل لهم سعادة الدنيا والآخرة في كل شئونهم. وأن هذا القرآن لأكبرُ أدلة رسالته وأجلُّها وأعمُّها.
والله تعالى يقرر أن القرآن كاف جدًا أن يكون هو الدليل الوحيد على صدق رسوله ﷺ في مواضع عدة، منها قوله: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [العنكبوت:٥١] .
وتارة يقرر رسالته بما أظهر على يديه من المعجزات، وما أجرى له من الخوارق والكرامات، الدالِّ كل واحد منها بمفرده - فكيف إذا اجتمعت - على أنه رسول الله ﷺ الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وتارة يقررها بعظيم شفقته على الخلق، وحُنوِّه الكامل على أمته، وأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم، وأنه لم يوجد ولن يوجد أحد من الخلق أعظم شفقة ولا برًا وإحسانًا إلى الخلق منه، وآثار ذلك ظاهرة للناظرين.
فهذه الأمور والطرق قد أكثر الله من ذكرها في كتابه وقررها بعبارات متنوعة، ومعاني مفصلة وأساليب عجيبة، وأمثلتها تفوق العد والإحصاء. والله أعلم.
1 / 24