الشيخان من حديث عائشة ﵂ قالت: «أول ما بدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح» (١) .
المرتبة الثانية: التكليم من وراء حجاب بلا واسطة كما ثبت ذلك لبعض الرسل والأنبياء كتكليم الله تعالى لموسى على ما أخبر الله به في أكثر من موضع من كتابه. قال تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤] (النساء: ١٦٤) . وقال: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ [الأعراف: ١٤٣] (الأعراف: ١٤٣) . وكتكليم الله لآدم. قال تعالى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ [البقرة: ٣٧] (البقَرة: ٣٧) . وكتكليم الله تعالى لنبينا محمد ﷺ ليلة الإسراء على ما هو ثابت في السنة. ودليل هذه المرتبة من الآية قوله تعالى: ﴿أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الشورى: ٥١] (الشورى: ٥١) .
المرتبة الثالثة: الوحي بواسطة الملك. ودليله قوله تعالى: ﴿أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ﴾ [الشورى: ٥١] (الشورى: ٥١) . وهذا كنزول جبريل ﵇ بالوحي من الله على الأنبياء والرسل.
والقرآن كله نزل بهذه الطريقة تكلم الله به، وسمعه جبريل ﵇ من الله ﷿، وبلغه جبريل لمحمد ﷺ. قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ - نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٤] (الشعراء: ١٩٢- ١٩٤) . وقال تعالى: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾ [النحل: ١٠٢] (النحل: ١٠٢) .
ولجبريل ﵇ في تبليغه الوحي لنبينا ﷺ ثلاثة أحوال:
(١) صحيح البخاري برقم (٣)، وبنحوه في صحيح مسلم برقم (١٦٠) .