351

The Fundamentals of Da'wah - Al-Madinah University

أصول الدعوة - جامعة المدينة

Editorial

جامعة المدينة العالمية

Géneros

زاد الله له في البلاء، وفي الحديث: عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: «قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل».
فهذه الأسباب تعين المبتلى على الصبر، ثم عليه الدعاء بالصبر، فقد قال ﵊: «ومن يتصبر يصبره الله»، ومن يتصبر يعني يسأل الله تعالى الصبر، ولذلك مدح الله ﵎ السحرة سحرة فرعون بعد إيمانهم، وتهديد فرعون لهم بالعذاب مدحهم الله على تصبرهم، وسؤالهم الصبر بقوله: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾ (الأعراف: ١٢٦)، ومدح أتباع الأنبياء أنهم كانوا إذا لقوا أعداءهم سألوا الله تعالى الصبر: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ (البقرة: ٢٥٠) ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ (آل عمران: ١٤٧).
فالصبر شيء عظيم جدًّا، وأهم الناس يلزمهم الصبر هم الدعاة إلى الله ﷿ يلزمهم أن يصبروا على تكاليف الدعوة، وأعباء الدعوة، ومشاق الدعوة، ويلزمهم أن يصبروا على المدعوين، وأذاهم، ويلزمهم أن يصبروا على كل ما يلقونه في سبيل تبليغ دعوة الله ﷾ ولذلك أكثر الله ﷾ على نبيه ﷺ من الصبر في القرآن الكريم: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ (القلم: ٤٨) ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ (الأحقاف: ٣٥) ﴿وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾ (المدثر: ٧) فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يعيننا على القيام بما حملنا من واجب الدعوة إليه على بصيرة، وأن يرزقنا الصبر حتى نبلغ دعوة ربنا إيمانًا، واحتسابًا، ولعل الله ﷾ أن يقر أعيننا برؤية ثمار دعوتنا؛ فإن لم نرها فستتحقق، ولو بعد وفاتنا كما قال الله لنبينا: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أونَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ (غافر: ٧٧).

1 / 381