The Fundamentals of Da'wah - Al-Madinah University
أصول الدعوة - جامعة المدينة
Editorial
جامعة المدينة العالمية
Géneros
والسنة المتواترة قد تكون قولية وقد تكون فعلية، والقولية المتواترة قليلة، والفعلية كثيرة، أما السنة المتواترة القولية؛ فهي نوعان: لفظي ومعنوي، فالنوع الأول: ما تواتر لفظه كقوله ﵊: «من كذب علي متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار»، فهذا بلفظه نقل إلينا بالتواتر كل من رواه رواه بهذا اللفظ. وأما التواتر المعنوي: فهو ما تواتر المعنى المشترك فيه دون تواتر لفظه يعني: اتفق الرواة على المعنى واختلفت ألفاظهم، فيكون هذا المتواتر متواترًا معنويًّا، ولا يلزم هذا النوع أن يكون أصحاب كل رواية على حدة قد بلغوا حد التواتر، ولكن المعنى المشترك يشترط فيه بلوغ حد التواتر باعتبار مجموع الروايات.
ومثال هذا النوع: كون الأعمال مبناها النية، وأن اعتبار الأعمال بالنية، فهذا المعنى رُوي عن النبي ﷺ بصورة متواترة، إذ وردت به أخبار كثيرة تبلغ حد التواتر في دلالتها على هذا المعنى، وإن كان كل خبر لم يبلغ بنفسه حد التواتر، فمن هذا الأخبار المروية عنه ﷺ «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»، هذا لفظ يدل على أن الأعمال مبناها على النية، لفظ تان «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو سبيل الله» لفظ ثالث «رُبَّ قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته» هذه الأخبار الكثيرة دلت على أن اعتبار العمل إنما يكون بالنية، فهذا المعنى تواتر عن النبي ﷺ؛ إذ جاء في أخبار كثيرة، وإن اختلفت الألفاظ وتنوعت القضايا.
أما السنة المشهورة على مذهب الأحناف فهي التي رواها عن النبي ﷺ واحد أو اثنان أي: عدد لم يبلغ حد التواتر، ثم تواترت في عصر التابعين، وعصر تابعيهم بأن كان رواتها جموعًا لا يتوهم تواطؤهم على الكذب، فالسنة المشهورة إذن هي التي كانت في الأصل من سنن الآحاد؛ أي: ما نقلها عن النبي ﷺ عددٌ دون عدد
1 / 260