The Function of the Artistic Image in the Quran
وظيفة الصورة الفنية في القرآن
Editorial
فصلت للدراسات والترجمة والنشر
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Ubicación del editor
حلب
Géneros
التصويرية، من حركة، وهيئة، ومساحة وخطوط وأشكال وألوان، فالسحاب يتحرّك، ويتجمّع على هيئات وأشكال ضخمة كالجبال، ويقطع هذه المساحات والمسافات، ثم يتمّ نزول المطر وفق مشيئة الله، على هيئة معروفة، فيتغيّر مسار الحركة الأفقية في المشهد المنظور، إلى حركة عمودية من الأعلى إلى الأسفل في المطر النازل، ويضاف إلى صورة المشهد نور البرق الخاطف، ليكتمل تصوير هذا المشهد الطبيعي من كل جوانبه، والإطالة في العرض الفني للمشهد هنا، تهدف إلى إبراز قدرة الله في كل لقطة تصويرية فيه.
ثم إن صورة المشهد تشير إلى أن ما تراه العيون، قد يكون مصدر خير بنزول الأمطار على الأرض، أو مصدر هلاك بنزول البرد والسيول لتحطيم الزروع والثمار، حتى يظل الإنسان بين خوف ورجاء يتوجّه إلى الله بطلب الرحمة والخير منه سبحانه. يقول الله تعالى في تأكيد هذا المعنى أيضا هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا، وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ، وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ الرعد: ١٢ - ١٣.
فالبرق الخاطف والرعد القاصف، والصواعق الحارقة، والسحاب الممطر، كلها مشاهد مألوفة ومحسوسة ولكنّ تصويرها هنا، يضفي عليها الرهبة والتأثير، فالبرق يرتبط بنزول المطر، وهو بمنزلة الإشارة الضوئية الدالة عليه، والمطر إما أن يكون خيرا نافعا، وإمّا أن يكون ضررا ماحقا، لذلك فالنفوس في حالة خوف وطمع، ثم تخلع الصورة على مشهد الرعد الحياة والحركة على سبيل التشخيص، فهو يسبح بحمد الله، بهذا الصوت المجلجل في الآفاق، فيتجاوب الكون معه، حتى الملائكة يدخلون في إطار الصورة، مع المشاهد المصورة، لزيادة جوّ الرهبة والخشوع، مع الصواعق الحارقة تصيب من يشاء، حتى يظلّ الإنسان بين خوف ورجاء أمام هذه المشاهد الطبيعية المصورة.
ويصور السحاب أحيانا في حركته الجميلة في صفحة السماء على أنه مبشر بنزول المطر، كقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُورًا، لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا، وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعامًا وَأَناسِيَّ كَثِيرًا الفرقان: ٤٨ - ٤٩.
وفي هذا المشهد تتجلى قدرة الله في إرسال الرياح، ودفع السحاب، وإنزال المطر الذي هو مصدر الحياة للإنسان والحيوان على السواء.
1 / 220