233

The Foundations of Attaining God Almighty

أصول الوصول إلى الله تعالى

Editorial

المكتبة التوفيقية

Número de edición

الثانية

Ubicación del editor

القاهرة

Géneros

على الشوك، قال الله:
" ومن يتوكل على الله فهو حسبه " (الطلاق: ٣).
ويتحدث ابن القيم عن حقيقة التوكل فى إحدى درجاته العالية فيقول:
" اعتماد القلب على الله، واستناده إليه، وسكونه إليه. بحيث لا يبقى فيه اضطراب من تشويش الاسباب، ولا سكون إليها، بل يخلع السكون إليها من قلبه، ويلبسه السكون إلى مسببها.
وعلامة هذا: أنه لا يبالى بإقبالها وإدبارها، ولا يضطرب قلبه ولا يخفق عند إدبار ما يحب منها وإقبال ما يكره، لأن اعتماده على الله، وسكونه إليه، واستناده إليه، قد حصنه من خوفها ورجائها، فحاله حال من خرج عليه عدو عظيم لا طاقة له به، فرأى حصنا مفتوحا، فأدخله ربه إليه وأغلق عليه باب الحصن، فهو يشاهد عدوه خارج الحصن، فاضطراب قلبه وخوفه من عدوه فى هذه الحال لا معنى له.
وقد مثل ذلك بحال الطفل الرضيع فى اعتماده، وسكونه، وطمأنينته بثدى أمه لا يعرف غيره، وليس فى قلبه التفات إلى غيره، كما قال بعض العارفين: المتوكل كالطفل، لا يعرف شيئا يأوى إليه إلا ثدى أمه، كذلك المتوكل لا يأوى إلا إلى ربه سبحانه ".
إذا فلقاح التقوى التوكل، فلابد للمتقى من صدق التوكل على الله وإلا فهى حذر مجرد دون نية صالحة، فيقع فى المحذور وهو أتقى ما يكون، فتجد هذا المغبون الذى فقد التوكل مع التقوى رغم تحريه

1 / 245