والموقف كما وصفه الكاتب جِدُّ حرج، إلا أن الله ثبت الشيخ على الدعوة على الرغم من كل العقبات والصعوبات التي واجهة الدعوة، وحاولت إيقافها من الداخل في أسرته قبل أن يتبينوا الأمر، ومن الخارج من المغرضين أصاحب الأهواء، ولكن الله سلم، فلم تقف الدعوة منذ بدأت بل استمر الشيخ يجاهد بلسانه وقلمه صابرًا محتسبًا. وكان والده ممن نازعه في أول الأمر وكذلك أخوه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب، ولكن بعض المصادر أثبتت اقتناعهما بالدعوة أخيرًا والرجوع إلى الحق.
ولما تكرر إيذاؤه (بحريملا) وأراد بعض السفهاء أن يفتكوا به، غادر الشيخ (حريملا) إلى بلده ومسقط رأسه (العيينة)، وكان يحكمها آنذاك (الأمير عثمان بن حمد بن مُعَمّر)، فرحب بالشيخ وبدعوته. ونصحه الشيخ كثيرًا ليصبر ويحتسب، لأنه لا بد أن يؤذى وشرح له دعوته، وأنها قائمة على الكتاب والسنة، وأنها تعني أول ما تعني تطهير العقيدة والأخلاق، وتصحيح الأحكام، وأن القائمين على هذه الدعوة لا يريدون إلا وجه الله، والثواب في الدار الآخرة من الله وحده.
فاقتنع الأمير فأخذ الشيخ في الإصلاح العملي، فأمر بقطع بعض الأشجار التي كانت تعبد وتعظم، وهدم قبة كانت على قبر (زيد بن الخطاب)، كل ذلك بمساعدة الأمير ابن معمر، وأخيرًا أقام الشيخ (الحد) على امرأة اعترفت بالزنا عدة مرات أمامه بعد ما تأكد من صحة عقلها ورغبتها في (التطهير) .
وبعد هذه الواقعة اشتهر أمر الشيخ وذاع صيته في كل مكان في نجد وما جاورها١. فبلغ خبره وإصلاحاته بعض الأمراء الذين لهم مكانة ومنزلة لدى ابن معمر، وأتباعه وبينهم مصالح متبادلة، فكاتبوا ابن معمر بالاستنكار إلى أن أثروا فيه، فرجع عن مؤازرة الشيخ تحت تهديد بعض أولئك الأمراء، وهو حاكم الإحساء (ابن عُرَيْعِر) فأمر بإخراج الشيخ