107

آراء ابن حجر الهيتمي الاعتقادية (عرض وتقويم في ضوء عقيدة السلف)

آراء ابن حجر الهيتمي الاعتقادية (عرض وتقويم في ضوء عقيدة السلف)

Editorial

مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٧ هـ

Ubicación del editor

الرياض - المملكة العربية السعودية

Géneros

وقوله سبحانه: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠)﴾ [الروم: ٣٠].
وقد أجمع المفسرون من السلف على أن المراد بفطرة الله في الآية دين الإسلام، ودين الإسلام متضمن لمعرفة الله تعالى والإقرار به (^١).
وقوله ﷿: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦].
فالرسل دعوا أقوامهم ابتداءً إلى توحيد الألوهية وإفراد الله تعالى بالعبادة، ولو لم يكن الإقرار بالله تعالى وربوبيته أمرًا فطريًا لابتدأوا أقوامهم بذلك؛ لأن الأمر بتوحيده تعالى في عبادته فرع عن الإقرار به وبربوبيته (^٢)، ولصح لأعداء الرسل عند دعوتهم لهم أن يقولوا نحن لم نعرفه أصلًا فكيف تأمروننا بعبادته؟ ولما لم يحدث ذلك منهم دل على أن معرفتهم بالله مستقرة في فطرهم (^٣).
ولهذا احتج عليهم ﷾ بما أقروا به - وهو الربوبية - على ما أنكروه - وهو الألوهية - في آيات كثيرة كقوله ﷿: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢)﴾ [يونس: ٣١ - ٣٢]، وقوله: ﴿أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ١٠] (^٤).
ومن السُّنَّة: قوله ﷺ: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء". ثم يقول أبو هريرة ﵁ راوي الحديث: "فطرة الله التي

(^١) انظر: التمهيد لابن عبد البر (١٨/ ٧٢)، درء التعارض (٨/ ٣٦٧).
(^٢) انظر: درء التعارض (٣/ ١٢٩ - ١٣٠).
(^٣) انظر: المصدر السابق (٨/ ٤٤٠).
(^٤) انظر: مجموعة الرسائل الكبرى (٢/ ٣٣٧)، أضواء البيان (٢/ ٤٢٩ - ٤٣٠).

1 / 112