الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة
الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة
Géneros
أما القائلون بوجوب النقض فسندهم كما أسلفنا حديث عائشة المار، وفيه «انقضي شعرك واغتسلي» فنرد عليهم بأن هذا الحديث لا يصلح للاحتجاج به على دعواهم، لأنه جاء في غير الموضوع الذي تكلموا عليه، فموضوعه غسل الحائض عند الإهلال بالحج، وقد رواه ابن ماجة مبتورًا، وتمامُه أن عائشة أحرمت بعمرة، ثم حاضت قبل دخول مكة، فأمرها الرسول الكريم ﷺ أن تنقض شعرها وتمتشط وتغتسل، وتُهِلَّ بالحج وهي ما زالت في حيضتها، فهذا الغُسل ليس غسل المحيض الذي تكلموا عليه، فلا يصلح لمعارضة حديث أم سَلَمة. فقد روى النَّسائي وأبو داود وأحمد عن عائشة ﵂ قالت «... فقدمتُ مكة وأنا حائض فلم أطُفْ بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله ﷺ فقال: انقضي رأسك وامتشطي وأَهِلِّي بالحج ودَعِي العُمرة ...» . فالحديث ينص على أنها تغتسل وهي حائض، وأن هذا الغسل إنما هو لأجل الإهلال بالحج، ومثله أو قريب منه ما روى أبو داود عن عائشة قالت «نُفِست أسماء بنت عُميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمر رسول الله ﷺ أبا بكر أن تغتسل فتُهِلَّ» . فهو غُسلُ حجٍّ للنفساء وليس غُسلَ تطهُّر من النفاس.
وهذان الغسلان يُحملان على أنهما لأجل النظافة وأنهما مستحبان، فلا يصلحان للاحتجاج على ما ذهبوا إليه من وجوب النقض في غُسل المحيض. قال البيهقي بعد أن روى حديث عائشة الأول (وهي أن اغتسلت للإهلال بالحج وكان غُسلها غُسلًا مسنونًا، وقد أُمرت فيه بنقض رأسها وامتشاط شعرها، وكأنها أُمرت بذلك استحبابًا كما أُمرت أسماء بنت عُميس بالغسل للإهلال على النفاس استحبابًا) .
1 / 259