175

الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة

الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة

Géneros

أما الشبهة الأولى فإنه وإن كان الواقع يكشفها، فإن عندنا نصًا يزيلها، هو ما جاء على لسان عائشة في حديث الإفك الطَّويل «... فخرجتُ أنا وأم مِسْطح قِبَل المناصع مُتَبَرَّزِنا، لا نخرج إلا ليلًا إلى ليل، وذلك قبل أن نتَّخذ الكُنُف قريبًا من بيوتنا ...» رواه البخاري ومسلم وأحمد. والدلالة واضحة. وأما الشبهة الثانية فهي أن قول أبي أيوب وفعله وفعل عدد من الصحابة تحتمل أن هؤلاء الصحابة لم يصلهم التخصيص، فظلوا يعممون حكم النهي، وهو على أية حال لا يخرج عن كونه فهمًا لصحابةٍ، وليس دليلًا يصمد أمام الأحاديث المرفوعة. بقي الحديث التاسع «من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج» فهذا النص هو قرينة تصرف أحاديث النهي إلى الكراهة، وليس إلى التحريم كما يقول مالك والشافعي، وأحمد في إحدى الروايات عنه، وإسحق والشعبي. والخلاصة هي أن المكروه هو استقبال القِبلة أو استدبارها في أثناء قضاء الحاجة في الخلاء دون اتخاذ سترة، أما إن اتخذ سُترة له ثم استقبلها أو استدبرها فلا حرج عليه بعد ذلك، كما أنه لا حرج عليه في استقبال القِبلة واستدبارها في البيوت، لأن الكُنُف لا قِبلة لها. أحكامُ وآدابُ قضاء الحاجة في البيوت والعُمران

1 / 175