162

الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة

الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة

Géneros

أما الطريقة الأولى فليس فيها أي فعل من المسلم يتعلق بالخمر، فالمسلم حين وضع العنب أو التفاح مثلًا في الإناء، تحوَّل العنب أو التفاح بفعل نفسه، لا بفعل المسلم إلى خمر، ثم تحول الخمر بفعل نفسه لا بفعل المسلم إلى خل، ولذا جازت هذه الطريقة. روى الطحاوي في كتابه مُشْكل الآثار عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب رضي الله قال «لا نأكل من خمرٍ أُفْسِدت حتى يكون الله تعالى بدأ فسادَها» . وفي رواية أُخرى «... لا نشرب خلًا من خمر أُفْسِدت حتى يبدأ الله ﷿ فسادَها، فعند ذلك يطيب الخل ...» . ومن جواز صنع الخل بالطريقة الأولى نستنبط حكمًا شرعيًا هو أن الشيء النجس إن تحوَّل بغير فعل المسلم إلى شيء طاهر جاز استعماله كسائر الطاهرات، لأن هذا الشيء الطاهر الذي خرج من النجس بالتحوُّل هو طاهر وليس نجسًا، فلا يصح اعتباره نجسًا عند ذلك، والمحظور على المسلم فيما يتعلق بالنجاسات هو الانتفاع بها ما دامت على حالها من النجاسة، وإنَّ من الانتفاع بها تحويلها بفعل نفسه، وهو لا يجوز. أما إن حوَّلها كافر، أو تحوَّلت ذاتيًا إلى طاهرة صار حكمها في التعامل حكم الطاهرات وهو ما يفسر حِلَّ الخل الذي يستعمله المسلمون، ذلك أنه قد وصلهم خلًا طاهرًا من طريقتين: من الطريقة الأولى التي ذكرناها، ومن طريقة ثانية هي شراء الخل من الكفار، والكفار إما أنهم قد صنعوه حسب طريقتنا، وإما أنهم صنعوه بتحويل الخمر إلى خل، واشتريناه نحن منهم خلًا طاهرًا دون أن نسألهم عن الطريقة التي استخدموها في صناعة الخل، مما يدل على أن النجس إن تحول بفعل غير المسلم إلى طاهر حل استعماله والانتفاع به.

1 / 162