التعليق على «الأربعين في التصوف» للسلمي - ضمن «آثار المعلمي»
التعليق على «الأربعين في التصوف» للسلمي - ضمن «آثار المعلمي»
Investigador
علي بن محمد العمران
Editorial
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٤ هـ
Géneros
الرسالة الثالثة عشرة
التعليق على "الأربعين في التصوف" للسلمي
15 / 361
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله. اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد، فإنه عَرَض عليَّ مجلسُ (دائرة المعارف العثمانية) كتاب (الأربعين في التصوّف) لأبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السُّلَمي النيسابوري، وهو كتاب يشتمل على أربعين حديثًا تتعلق بالتصوّف، فقرَّر المجلس طَبْعه في مطبعة الدائرة، وأن يُرتّب ويُطبع معه تعليق يتضمّن النظرَ في حال تلك الأحاديث صحةً أو ضعفًا، فأُمِرتُ بترتيب ذاك التعليق، فحاولت أن أقوم بما تيسّر لي من ذلك، وأقدِّم قبل ذلك التنبيهَ على أمور:
الأول: رُوي عن النبي ﵌ حديثٌ لفظه: "مَن حفظ على أمتي أربعين حديثًا من السنة كنت له شفيعًا وشهيدًا يوم القيامة" (^١). قال النووي (^٢): "اتفق الحفّاظ على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه". فعمل جماعةٌ بما فهموه من هذا الحديث، فجمع كل منهم أربعين حديثًا في مؤلَّف.
_________
(^١) هذا الحديث له طرق كثيرة وألفاظ متعددة، خرّجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١٦١ - ١٨٤) من طريق ثلاثة عشر صحابيًّا، وضعَّفه من جميع طرقه، واتفقت كلمة الحفاظ على تضعيفه. وانظر "المقاصد الحسنة" (ص ٤١١)، و"البدر المنير": (٧/ ٢٧٨).
(^٢) في خطبة "الأربعين" (ص ٥).
15 / 363
وقد ذكر صاحب "كشف الظنون" (^١) طائفة كثيرة من الأربعينات، وذكر عن النووي أنّ أول مَن عَلِمه عَمِل ذلك: عبد الله بن المبارك المتوفى سنة ١٨٨، ثم تعدّى الأمر إلى غير الحديث، فألّف فخر الدين الرازي المتوفى سنة [٦٠٦] (^٢) مؤلّفًا في علم الكلام يشتمل على أربعين مسألة، وسمَّاه "كتاب الأربعين في أصول الدين". وقد طُبع في دائرة المعارف سنة [١٣٥٣] (^٣).
الأمر الثاني: الأحاديث المرويّة على ثلاثة أقسام:
الأول: ما حقّه أن يُحكم بثبوته.
الثاني: ما حقّه أن يُحكم ببطلانه.
الثالث: ما هو على الاحتمال، لا يترجّح فيه جانب الثبوت ولا جانب البطلان.
وكان المتثبّتون من أئمة الحديث يحتاطون في الرواية، فيروون ما تبيّن لهم أنه من القسم الأول، ولا يروون ما تبيَّن أنه من القسم الثاني إلا إذا احتاجوا إلى بيان بطلانه أو جرح راويه، أو تعليل حديثٍ آخر به، أو نحو ذلك، فحينئذٍ يروونه ويبيّنون بطلانه.
وأما القسم الثالث، فإن كان فيه حُكم أو سُنَّة لم تثبت بغيره لم يرووه إلا مع بيان أنه لا يصلح للحجة وحده، وإن كان على خلاف ذلك تسهَّلوا في
_________
(^١) (١/ ٥٢ - ٦١).
(^٢) ترك المؤلف سنة وفاته بياضًا.
(^٣) ترك المؤلف سنة الطبع بياضًا.
15 / 364
روايته، وذلك كأنْ يكون فيه حُكْم أو سُنَّة ثابتة بغيره، أو يكون فيه ترغيب في عمل ثابت، كالصلوات الخمس وقيام الليل وصيام رمضان، أو تنفير عما ثبتت حُرمته، كالزنا والربا وشرب الخمر. وقد عقد الخطيب البغداديّ لهذا المطلب بابًا في "الكفاية" ص ١٣٣.
وكان الأئمة كما يحتاطون في أنفسهم يبينون لمن دونهم من الرواة الذين لا يتمكّنون من التمييز، فيقولون: لا ترووا عن فلان، أو: لا ترووا عن فلان إلا ما كان في الرقائق، ويقولون للراوي: لا تروِ هذا الحديث. ثم كثُر التساهل من جهتين:
الأولى: قول بعض المتأخرين: إنه يجوز العمل بالحديث الضعيف، وزاد غيره فقال: بل يُستحبّ، وقد كشف غلط هؤلاء أبو إسحاق الشاطبي في "الاعتصام" ج ١ ص ٣٠٣ - ٣٠٨.
الجهة الثانية: تساهل الحُفَّاظ في رواية كل ما سمعوه بلا بيان، وإن كان من القسم الثاني فضلًا عن الثالث. وكانوا يعتذرون بأنهم لم يلتزموا الصحة، وقد بيَّنوا الأسانيد، فمَن أحبّ معرفة صحة الحديث أو بطلانه أو ضعْفه فعليه أن ينظر في إسناده ويسأل العلماء.
وأُلفت على هذه الطريقة كثير من المؤلفات، ثم جاء قوم فحذفوا الأسانيد واقتصروا على جمع الأحاديث منسوبةً إلى الكتب المسندة فيها، ثم جاء آخرون فأخذوا كثيرًا من تلك الأحاديث فضمّنوها مؤلفاتهم غير مسندة ولا منسوبة.
[ص ٢] والسُّلمي أورد في "الأربعين" الأحاديث بأسانيدها، وفيها من الأقسام الثلاثة كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
15 / 365
الأمر الثالث: لا يلزم من ضعف السند ضعف الحديث لاحتمال أن يكون ثابتًا بإسنادٍ آخر، وقد لا يكون ثابتًا ولكن معناه ثابت بدليل آخر من الكتاب أو السنة أو الإجماع.
وكذلك لا يلزم من ثقة رجال الإسناد وثبوت أنَّ كلًّا منهم قد لقي شيخَه أن يكون الحديث صحيحًا، لاحتمال أن يكون هناك خطأ أو غلط لو فتَّش عنه العارفُ الماهرُ لوَجَده.
فلهذا كان الواجب على مَن يتكلّم في الأحاديث ولم يبلغ درجة التحقيق أو لم يعمل بِحَسَبها أن يحتاط فيقول في التضعيف: "لا يصح بهذا السند"، "في سنده فلان وهو ضعيف" أو نحو ذلك. ويقول في التصحيح: "رجاله ثقات" أو "رجاله رجال الصحيح" أو نحو ذلك، فإذا كان بعض الأئمة قد ضعَّف الحديث أو صحّحه أحال عليه.
الأمر الرابع: الإنسان مُولَعٌ بالحرص على التفوّق بأن يُظهر أن عنده ما ليس عند غيره، فرواة الحديث يحرصون على شيئين:
الأول: علوّ الإسناد، بأن يكون الحديث عند الرجل بوسائط أقل مما عند نُظرائه، كأن يكون بينه وبين النبي ﵌ أربعة، وبين نُظرائه وبين النبي ﵌ أكثر من ذلك.
الثاني: الغرابة، كأن يكون عنده أحاديث لا توجد عند غيره، أو تكون عنده وعندهم من وجوه مشهورة، وهي عنده من أوجهٍ أخرى ليست عندهم.
وكثيرًا ما جرّ الحرص على العلوّ والغرابة إلى تقديم الصحيح على الأصح، والضعيف على الصحيح، والغلط على الصواب، والباطل على
15 / 366
الثابت، بل جرَّ بعضَ من لا خير فيه إلى الكذب، وأوقع بعضَ أهلَ الصدق في أن اتُّهم بالكذب، ومنهم السلميّ؛ فإن أكثر مطالبه التي ترجم بها في "الأربعين" استدلّ عليها بأحاديث واهية ــ كما ستراه ــ وقد كان يمكنه أن يستدلّ بما هو أثبت منها، كما سأنبّه على بعضه، ولكن الحرص على العلوّ والغرابة أوقعه في اختيار تلك الواهيات.
الأمر الخامس: إذا كان الحديث صحيحًا فلابدّ أن يكون مرويًّا في القرون الأولى كما هو واضح، لكن كانت الأحاديث أولًا منتشرة، فقد يكون الحديث مرويًّا معروفًا عند أهل الشام ولم يبلغ أهلَ اليمن مثلًا، وقِس على ذلك، فلم يزل أهل الحديث يرحلون ويجمعون، حتى كان في أوائل القرن الثالث أئمة لا يكاد يوجد حديث صحيح لا يعرفونه، كالإمام أحمد ويحيى بن معين ثم البخاري وأبو حاتم وأبو زُرعة، وحينئذٍ أُلّفت الكتب من مسانيد ومصنفات. فإذا وُجِد في كتب المتأخرين حديث لا يوجد في كتب المتقدمين فتلك علامة ظاهرة على وهنه، فإما أن يكون كذبًا خطأً أو عمدًا، وإما أن يكون مما تركه المتقدمون عمدًا لعلمهم ببطلانه.
الأمر السادس: الأحاديث التي لا توجد إلا في التواريخ وكتب الرجال عامتها ضعيفة جدًّا؛ لأن أهل التواريخ إنما يذكرونها غالبًا للطعن على الراوي الذي تفرَّد بها؛ ولهذا الأمر والذي قَبْله قال السيوطي في مقدمة "جمع الجوامع" (^١) كما نقله علي المتقّي في مقدمة "كنز العمال" (^٢): أن ما نَسبَه إلى كتاب "الضعفاء" للعُقيلي، أو "الكامل" لابن عدي، أو "تاريخ
_________
(^١) (١/ ٤٤ ــ ط الأزهر).
(^٢) (١/ ١٠).
15 / 367
بغداد" للخطيب، أو "تاريخ دمشق" لابن عساكر، أو "نوادر الأصول" للحكيم الترمذي، أو "تاريخ نيسابور" للحاكم، أو "تاريخ ابن الجارود" أو إلى "مسند الفردوس" للديلمي= "فهو ضعيف، فيُستغنَى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه".
الأمر السابع: المؤلفون في استدلالهم بالأحاديث على قسمين:
الأول: مَن يكون اعتقاده مبنيًّا على دليل يريد أن يبيّنه، فيذكر المسألة ثم يذكر الدليل الذي لأجله اعتقد ما اعتقد.
الثاني: مَن يكون اعتقاده مبنيًّا [٣] على أمر آخر، ويريد أن يستدلّ عليه بالحديث، وذلك كالمقلّد يعتقد المسألة تقليدًا ثم يحاول الاستدلال بالحديث. فالأول بمنزلة القاضي العادل، والثاني بمنزلة المدعي أو المحامي عنه؛ ولهذا يغلب في القسم الأول صحة الدليل وصحة دلالته، ويكثر في الثاني خلاف ذلك. والسلميّ من القسم الثاني كما سيتبيّن لك، والله المستعان.
وأَشْرعُ في الكلام على الأحاديث بحسب ترتيبها.
15 / 368
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
صلى الله على سيدنا محمد وسلم.
أخبرني شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر ﵀، عن أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن أبي المجد قراءة قال: أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الرحيم ابن النشو إجازة، أنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن رواج، أنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي، أنا أبو الطيب طاهر بن المسدد الجنزي، أنا أبو الحسن علي بن عبد الرحمن النيسابوري، أنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي ﵀ قال (¬١).
[١] باب الدليل على أن الصوفية هم رُفقاء رسول الله ﷺ -
أخبرنا محمد بن محمد بن سعيد الأنماطي ثنا الحسن بن علي بن يحيى بن سلام ثنا محمد بن علي الترمذي ثنا سعيد بن حاتم البلخي ثنا سهل بن أسلم عن خلاد بن محمد عن أبي حمزة السكري عن يزيد النحوي عن عكرمة:
عن ابن عباس ﵄ قال: وقف رسول الله ﷺ يومًا على أصحاب الصُّفّة فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم، فقال: "أبشروا يا أصحاب الصُّفة من بقي من أمتي على النعت الذي أنتم عليه راضيًا بما فيه فإنه من رُفقائي يوم القيامة".
قال المعلمي:
رجال السند بين المؤلف وبين أبي حمزة السُّكّري لم أعرفهم إلا محمد بن عليّ الترمذي، وهو الحكيم الترمذي المشهور، ترجمته في
_________
(^١) بعدها في (ط): " [اتصل] هكذا بين معكوفين، ولم يتضح لي المراد منها.
15 / 369
"لسان الميزان" ج ٥ ص ٣٠٨ (^١)، والحديث في "كنز العمال" ج [١٦٥٧٧] (^٢) نَسبَه إلى "تاريخ بغداد" (^٣) فقط. وقد تقدّم في الأمر السادس من المقدمة (^٤) قول السيوطي: إن ما ينسبه إلى "تاريخ بغداد" أو إلى "نوادر الأصول" للحكيم الترمذي فهو ضعيف (^٥).
* * * *
[٢] باب من صفة الفقراء
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن متويه البلخي ثنا فهدي بن جَسْنَسْفَنَّة ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ثنا عثمان بن عبد الرحمن الحراني ثنا الوازع بن نافع عن أبي سلمة:
عن ثوبان ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "حوضي ما بين عدن إلى عَمّان؛ شرابه أبيض من اللبن وأحلى من العسل، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدًا، وأول مَن يَرِدُه صعاليك المهاجرين"، قلنا: ومَن هم يا رسول الله؟ قال: "الدُّنْس الثياب، الشُّعْث الرؤوس، الذين لا تُفْتَح لهم أبواب السُّدَد، ولا يزوَّجون المنعّمات، الذين يُعطُون ما عليهم ولا يُعطَون ما لهم، وليأتينَّ أقوام فيقولون: أنا فلان بن فلان ولأقولن: إنكم بدّلتم بعدي".
_________
(^١) (٧/ ٣٨٦ - ٣٨٩ - ط المحققة).
(^٢) ترك المؤلف بقية الإحالة غفلًا فأكلمته برقم الحديث فيه.
(^٣) (١٣/ ٢٧٦) أخرجه من طريق السلمي.
(^٤) (ص ٣٦٧).
(^٥) والحديث أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس". وذكره الألباني في "السلسلة الضعيفة" (١٥٨٩) وقال: ضعيف جدًّا مظلم ...
15 / 370
قال المعلمي:
في سنده الوازع بن نافع، ضعيف جدًّا. قال فيه الإمام أحمد ويحيى بن معين وأبو داود: "ليس بثقة". والكلام فيه كثير، راجع ترجمته في "لسان الميزان" ج ٦ ص ٢١٣ (^١).
لكن قد جاء الحديث مع اختلاف غير كثير من غير طريقه. راجع "مسند أحمد" ج ٥ ص ٢٧٥ (^٢)، و"المستدرك" ج ٤ ص ١٨٤ (¬٣).
* * * *
[٣] باب استعمال الخُلُق ولو مع الكفار
أخبرنا زاهر بن أحمد الفقيه ثنا علي بن محمد بن الفرج الأهوازي ثنا سليمان بن الربيع الخزاز ثنا كادح بن رحمة عن أبي أمية بن يعلى عن سعيد بن أبي سعيد:
عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "أوحى الله ﷾ إلى إبراهيم ﵇: إنك خليلي، حَسِّن خُلقك ولو مع الكفار تدخل
_________
(^١) (٨/ ٣٦٧).
(^٢) رقم (٦١٦٢) من حديث عبد الله بن عمر.
(^٣) راويه عن أبي سلمة ــ وهو الوازع ــ مُجمع على ضعفه، فقد روى أحاديث موضوعة. لكن أخرج هذا الحديث الترمذي (٢٤٤٤)، وأخرجه ابن ماجه (٤٣٠٣) وأحمد (٢٢٣٦٧)، والطيالسي في "مسنده" (١٠٨٨) ومن طريقه البيهقي في "الشعب" (١٠٠٠٣)، والحاكم في "المستدرك": (٤/ ١٨٤) وغيرهم من طرقٍ عن محمد بن مهاجر عن العباس بن سالم عن أبي سلام ممطور الحبشي. قال الترمذي: غريب من هذا الوجه، ونحوه قال الطبراني في "الأوسط"، وحسَّن إسناده البزار، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد".
15 / 371
مداخل الأبرار، فإن كلمتي سبقت لمن حَسُن خلقه، أظِلُّه تحت عرشي وأُسكنه حظيرة قدسي، وأُدْنيه من جواري".
قال المعلمي:
في سنده ثلاثة في نَسَق ضعفاء جدًّا.
الأول: أبو أمية إسماعيل بن يعلى الثقفي. قال فيه ابن معين: "متروك الحديث"، وقال البخاري: "سكتوا عنه". وراجع "لسان الميزان" ج ١ ص ٤٤٥ (^١).
الثاني: سليمان بن (^٢) الربيع النهدي. تركه الدارقطني وقال: "ضعيف". راجع "لسان الميزان" ج ٣ ص ٩١ (^٣).
الثالث: كادح بن رحمة. قال فيه ابن عدي: "أحاديثه غير محفوظة ولا يُتابع في أسانيده ولا في متونه". وقال الحاكم وأبو نعيم: "روى عن مِسْعر والثوري أحاديث موضوعة". راجع "لسان الميزان" ج ٤ ص ٤٨٠ (^٤) (^٥).
_________
(^١) (٢/ ١٨٦).
(^٢) وقع في الأصل: "بن أبي" سبق قلم.
(^٣) (٤/ ١٥٢).
(^٤) (٦/ ٤٠٧).
(^٥) ذكر السخاوي في تخريجه (٣) أن كادحًا ضعيف جدًّا لكن لم ينفرد به، فقد رواه الطبراني في "الأوسط" وعنه أبو نعيم في "الأربعين".
قال الطبراني: لا يروى عن النبي ﷺ إلا بهذا الإسناد.
قال: ومداره على إسماعيل بن يعلى بن أُمية، وهو ضعيف عندهم.
15 / 372
[٤] باب فيمن تخلّى من جميع ماله ثقةً بالله ﷿
أخبرنا أبو الحسن محمد [بن محمد بن الحسن] بن الحارث الكارزي أنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم الفضل بن دُكين ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال:
سمعت عمر يقول: أمرنا رسول الله ﷺ أن نتصدق، فوافق ذلك مالًا كان عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله ﷺ: "ماذا أبقيتَ لأهلك؟ " قلت: مثله. وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال: "يا أبا بكر، ماذا أبقيتَ لأهلك؟ " قال: اللهَ ورسولَه، قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا.
قال المعلمي:
الحديث في "سنن أبي داود" ج ٤ ص ٢٣٥ (^١) في كتاب الردة (^٢)، و"سنن الترمذي" ج ٢ ص ٢٩٢ (^٣). وقال: "حديث حسن صحيح"، و"المستدرك" ج ١ ص ٤١٤ وقال: "صحيح على شرط مسلم" وأقرّه الذهبي (^٤) (^٥).
_________
(^١) (١٦٧٨). كتب المؤلف فوقها بقلم الرصاص: "الهند سنة ١٣٧١" يقصد تاريخ طبعة السنن التي يعزو إليها.
(^٢) "في كتاب الردة" ملحقة بقلم الرصاص بخط المؤلف.
(^٣) (٣٦٧٥). كتب المؤلف فوقها بقلم الرصاص: "مصر سنة ١٣٩٣" يشير إلى سنة طبع نسخته من الترمذي.
(^٤) قال السخاوي: مسلم لم يخرج لهشام بن سعد أصلًا، إنما أخرج له متابعة. لكن قال البزّار (١/ ٣٩٤): وهشام لم أر أحدًا يتوقّف في حديثه لعلّة توجب التوقّف. وكتب المؤلف بعده بقلم الرصاص: "قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا".
(^٥) وأخرج الحديث الدارمي في "مسنده" (١٧٠١)، وابن أبي عاصم (١٢٤٠)، والضياء في "المختارة"، وغيرهم.
15 / 373
[٥] باب في جواز الكرامات للأولياء
أخبرنا محمد بن محمد بن يعقوب الحافظ ثنا أحمد بن عبد الوارث بن جرير العسال بمصر أنا الحارث بن مسكين أنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب عن ابن عجلان عن نافع:
عن ابن عمر أن عمر ﵁ بعث جيشًا فأمَّر عليهم رجلًا يدعى سارية، فبينما عمر يخطب فجعل يصيح: يا ساريةَ الجبل، يا ساريةَ الجبل. فقَدِم رسولٌ من الجيش، فقال: يا أمير المؤمنين لقينا عدونا فهزمونا، فإذا صائح يصيح: يا سارية الجبل، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله تعالى، فقلنا لعمر: كنت تصيح بذلك.
قال ابن عجلان: وحدثني إياس بن معاوية بن قرة أنا عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ثنا أيوب بن محمد الوزان ثنا خطاب بن سلمة الموصلي ثنا عمر (^١) بن أبي الأزهر عن مالك بن أنس عن نافع:
عن ابن عمر أن عمر ﵁ خطب يومًا بالمدينة فقال: يا سارية الجبل من استرعى الذئب فقد ظلمه، فقيل: يذكر السارية والسارية بالعراق فقال الناس لعلي ﵁: ما سمعت [عمر] (^٢) يقول: يا سارية وهو يخطب على المنبر؟ فقال: ويحكم دعوا عمر فإنه ما دخل في شيء إلا خرج منه، فلم يلبث إلا يسيرًا حتى قدم سارية فقال: سمعت صوتَ عمرَ فصعدت الجبلَ.
_________
(^١) في المصادر: "عمرو". وعمرو بن الأزهر ممن رُمي بالوضع.
(^٢) في المطبوعة "عمن" والتصحيح من هامشها.
15 / 374
قال المعلمي:
القصة بالسند الأول أخرجها البيهقي في "الدلائل" (^١) وجماعة، ذكر ذلك ابن حجر في ترجمة سارية من "الإصابة" (^٢) وقال: "وهذا إسناد حسن". وفي السند يحيى بن أيوب الغافقي صدوق يخطئ لا يحتجّ بما ينفرد به. راجع ترجمته في "الميزان" ج ٣ ص ٢٨٢ (^٣)، و"تهذيب التهذيب" ج ١١ ص ١٨٦.
ورويت القصة من وجوه أخرى ضعيفة كما في "الإصابة".
وأما السند الثاني (^٤) ففيه خطاب بن سلمة وشيخه لم أعرفهما (^٥).
* * * *
[٦] باب استعمال مكارم الأخلاق والحث على الإنفاق كراهية الادخار والوقوف عند الشبهات
أخبرنا إبراهيم بن أحمد بن محمد بن رجاء ثنا أبو الطيب الزراد المنبجي، ثنا هلال بن العلاء ثنا عمر بن حفص ثنا حوشب ومطر عن الحسن:
عن عمران بن حصين قال: أخذ رسول الله ﷺ بطرف عمامتي من ورائي ثم قال: يا عمران، إن الله يحب الإنفاق ويبغض الإقتار، فكُلْ وأطعم ولا تصره صرًّا
_________
(^١) (٦/ ٣٧٠) من طريق السلمي. وذكر الحافظ معه اللالكائي في "شرح السنة" والديرعاقولي في "فوائده" وابن الأعرابي في "كرامات الأولياء".
(^٢) (٣/ ٦).
(^٣) (٤/ ٣٦٢).
(^٤) أخرجه اللالكائي في "كرامات الأولياء" (٦٧)، والخطيب في "الرواة عن مالك".
(^٥) وللقصة شواهد أخرى. انظر "المقاصد الحسنة" (ص ٤٧٤).
15 / 375
فيعسر عليك الطلب، واعلم أن الله يحب البصر النافذ عند مجيء الشبهات، والعقل الكامل عند نزول الشهوات، ويحب السماحة ولو على تمرات، ويحب الشجاعة ولو على قتل حية.
قال المعلمي:
الحديث في "كنز العمال" ج ٣ ص ٣١٣، نسَبه إلى "تاريخ ابن عساكر" (^١) فقط، وقد تقدم في الأمر السادس من المقدمة (^٢) قول السيوطي: إن ما كان كذلك فهو ضعيف.
وفي السند عمر بن حفص لم أعرفه، وفي الضعفاء بهذا الاسم جماعة، والله أعلم (^٣).
* * * *
[٧] باب في صفة المؤمنين وصفة العلماء
أخبرنا أحمد بن محمد القحطي التاجر ثنا محمد بن أحمد بن ثوبان ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا أبو الصلت الهروي ثنا يوسف بن عطية عن قتادة عن الحسن:
_________
(^١) (٥٢/ ١٣٨).
(^٢) (ص ٧).
(^٣) والحديث أخرجه البيهقي في "الزهد"، وأبو نعيم في "الأربعين".
قال البيهقي: تفرّد به عمر بن حفص. وقال السخاوي في "تخريجه": "لكن العلاء والد هلال قال فيه أبو حاتم: "منكر الحديث، ضعيف" وقال ابن حبان: "لا يجوز الاحتجاج به، وكذا ضعَّفوا شيخه عمر بن حفص. وأما رواية الحسن عن عمران فجزم ابن معين وابن المديني وأبو حاتم وآخرون بأنه لم يسمع منه وهو المعتمد".
15 / 376
عن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: ليس الإيمان بالتمنّي ولا بالتحلِّي ولكن ما وَقَر في القلب وصدَّقه العمل، والعلم علمان: علم باللسان وعلم بالقلب، فعلم القلب النافع وعلم اللسان حجة الله على ابن آدم.
قال المعلمي:
في سنده ضعيفان:
الأول: أبو الصلت الهروي، واسمه عبد السلام بن صالح، أثنى عليه ابن معين ووهّنه الأكثرون. قال النسائي: "ليس بثقة"، وقال أبو حاتم: "لم يكن بصدوق وهو ضعيف" وضرب أبو زرعة على حديثه وقال: لا أحدِّث عنه ولا أرضاه. راجع "الميزان" ج ٢ ص ١٣٩ (^١)، و"تهذيب التهذيب" ج ٦ ص ٣١٩، وفيه ج ٧ ص ٣٨٨ عدة مناكير الحَمْلُ فيها على أبي الصلت. وراجع كتاب ابن أبي حاتم ج ٣ قسم ١ ص ٤٨ رقم ٣٥٧.
والثاني: يوسف بن عطية بن ثابت الصفّار. قال فيه ابن معين وأبو داود "ليس بشيء" وقال [ص ٤] البخاري: "منكر الحديث" وقال أبو حاتم وأبو زرعة والعجلي والدارقطني: "ضعيف الحديث". وراجع ترجمته في "تهذيب التهذيب" ج ١١ ص ٤١٨.
والحديث قطعتان:
الأولى: إلى قوله: "وصدّقه العمل" ذكرها السيوطي مفردة في "الجامع الصغير" (^٢) ونَسَبها إلى "تاريخ ابن النجّار" و"مسند الفردوس"، وقد مرّ في
_________
(^١) (٣/ ٣٣٠).
(^٢) (٥/ ٣٥٥ ــ مع شرحه "فيض القدير").
15 / 377
الأمر السادس من المقدمة (^١) ما يعلم منه أن مثل ذلك ضعيف.
القطعة الثانية: قوله: "العلم علمان ... " إلخ نسبها في "الجامع الصغير" (^٢) إلى ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي، وأنها عندهما عن الحسن البصري مرسلًا، ونسبَها أيضًا إلى "تاريخ بغداد"، وأنها فيه من حديث جابر. وفي شرح الجامع الصغير ج ٢ ص ٤٣٩: "قال المنذري: حديث صحيح" يعني القطعة الثانية، والله أعلم.
ثم رأيت القطعة الثانية في "تاريخ بغداد" ج ٣ ص ٣٤٦ من طريق يحيى بن يمان عن هشام عن الحسن عن جابر. والحديث في مصنّف ابن أبي شيبة رواه عن ابن نُمير عن هشام عن الحسن مرسلًا، وهذا أصحّ، يحيى بن يمان تغيّر حفظه وكثر خطاؤه، كما في ترجمته من "تهذيب التهذيب" ج ١١ ص ٣٠٦، وعبد الله بن نُمير أثبت منه بكثير، انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" ج ٦ ص ٥٧ (^٣).
* * * *
[٨] باب في الاكتفاء من الدنيا بأقلّ القليل وكراهية مخالطة الأغنياء
أخبرنا إبراهيم بن أحمد بن محمد البزاري أنا الحسن بن سفيان ثنا مخلد بن محمد ثنا سعيد بن محمد الوراق عن صالح بن حسان الأنصاري عن عروة:
عن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: "إن أردْتِ اللحوق بي فليكْفِك من الدنيا بقدر زاد الراكب، وإياك ومخالطة الأغنياء".
_________
(^١) (ص ٣٦٧).
(^٢) (٤/ ٥١٢ ــ مع شرحه).
(^٣) وانظر تخريج السخاوي (٧).
15 / 378
قال المعلمي:
في سنده صالح بن حسّان قال فيه الإمام أحمد وابن معين: "ليس بشيء"، وقال البخاري وأبو حاتم: "منكر الحديث". راجع "تهذيب التهذيب" ج ٤ ص ٣٨٤.
والحديث ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" (^١) وأعلّه بصالح بن حسان. راجع "اللآلئ المصنوعة" ج ٢ ص ١٧٣ (^٢).
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" ج ٤ ص ٣١٢ من وجهٍ آخر عن سعيد بن محمد الورّاق عن صالح بن حسّان وقال: "صحيح الإسناد" تعقّبه الذهبي فقال: "قلت: الورّاق عدم" يعني أنه شديد الضَّعْف.
أقول: وصالح بن حسّان مثله أو أضعف.
أخرجه الترمذي في آخر كتاب اللباس (^٣) وقال: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صالح بن حسّان، سمعت محمدًا يقول: صالح بن حسّان منكر الحديث، وصالح بن [أبي] حسّان الذي روى عنه ابنُ أبي ذئب ثقة ... إلخ.
* * * *
_________
(^١) (١٦١٨).
(^٢) (٢/ ٣٢٣).
(^٣) (١٧٨٠).
15 / 379
[٩] باب في القناعة
أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا الربيع بن سليمان ثنا أسد بن موسى ثنا أبو بكر الداهري ثنا ثور (^١) بن يزيد عن خالد بن مهاجر:
عن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: "ابنَ آدم عندك ما يكفيك وأنت تطلب ما يطغيك، ابنَ آدم لا بقليل تقنع ولا من كثير تشبع، إذا أصبحتَ معافًى في جسمك، آمنا في سِرْبك، عندك قوت يومك؛ فعلى الدنيا العفاء".
قال المعلمي:
في سنده أبو بكر الداهري، واسمه عبد الله بن حكيم، قال فيه الإمام أحمد وابن المديني: "ليس بشيء"، وقال ابن معين والنسائي: "ليس بثقة". وراجع ترجمته في "لسان الميزان" ج ٣ ص ٢٧٧ (^٢)، والحديث في "كنز العمال" [٧٠٨١] (^٣) منسوبًا إلى "كامل ابن عديّ" (^٤) وغيره (^٥).
* * * *
[١٠] باب في طلب المدعين بصحة دعواهم
أخبرنا علي بن الفضل بن محمد بن عقيل ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان
_________
(^١) (ط): "سرير" والتصحيح من هامشها كما في نسخة من الأربعين.
(^٢) (٤/ ٤٦٤).
(^٣) تركه المؤلف بياضًا، فأضفنا الرقم.
(^٤) (٤/ ١٤٠).
(^٥) والحديث أخرجه الطبراني في "الأوسط" (٨٨٧٥) والبيهقي في "الشعب" (٩٨٧٦) ولكنه عند الطبراني من حديث عمر، فإن كان كذلك فهو منقطع، وللحديث شواهد.
15 / 380
الحضرمي ثنا محمد بن العلاء ثنا زيد ثنا ابن لهيعة ثنا خالد بن يزيد السكسكي عن سعيد بن أبي هلال عن محمد بن أبي الجهم:
عن الحارث بن مالك ﵁ أنه مرّ برسول الله ﷺ فقال له: "كيف أصبحت يا حارثة"، فقال أصبحت مؤمنًا حقًّا، فقال: "انظر ما تقول إن لكل حق حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ " قال: عَزفَتْ نفسي عن الدنيا كأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون، فقال: "يا حارثة عرفت فالزم" قالها ثلاثًا.
قال المعلمي:
في سنده ابن لهيعة واسمه عبد الله مشهور بالضعف، راجع ترجمته في "تهذيب التهذيب" ج ٥ ص ٣٧٣.
وللحديث طُرق أخرى (^١). راجع "الإصابة" (^٢) ترجمة الحارث بن مالك بن قيس، وفيها عن ابن صاعد: "هذا الحديث لا يثبت موصولًا".
* * * *
[١١] باب المجاهدة في استواء السر مع الظاهر
أخبرنا أبو عمرو محمد بن محمد بن أحمد الرازي ثنا علي بن سعيد العسكري ثنا عباد بن الوليد ثنا أبو شيبان كثير بن شيبان ثنا الربيع بن بدر عن راشد بن محمد قال:
قال ابن عمر ﵄: قال رسول الله ﷺ: "أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة من يرى الناس فيه خيرًا ولا خير فيه".
_________
(^١) فقد رُوي من حديث أنس بن مالك، ومن مرسل زيد السلمي وزبيد اليامي. راجع تخريج السخاوي (١٠).
(^٢) (١/ ٥٩٦).
15 / 381