٣ - الثالث: من قال كذا:
أنه يترجم بمذهب ذهب إليه قبل، ويذكر في الباب ما يدل عليه بنحو من الدلالة من غير قطع بترجيح ذلك المذهب، فيقول: "باب من قال كذا"، انتهى.
قلت: هذا أصل معروف عند المشايخ جارٍ على ألسنتهم كثيرًا، وتقدمت الإشارة إليه في كلام الحافظ فيما رقمت عليه السادس، إذ قال: وكتيرًا ما يترجم بلفظ الاستفهام كقوله: "باب هل يكون كذا؟ أو من قال كذا"، ونحو ذلك؛ وذلك حينئذ لا يَتجه له الجزم بأحد الاحتمالين. . . إلى آخر ما تقدم من كلامه.
ولذا قال الحافظ في "الفتح" (^١) في "باب من انتظر الإقامة": أوردها مورد الاحتمال تنبيهًا على اختصاص ذلك بالإمام، انتهى.
وتبعه القسطلاني أيضًا في هذا الأصل في مقدمة "شرحه" (^٢).
ولا يذهب عليك الفرق بين كلام شيخ المشايخ - إذ قال: إنه إشارة إلى مذهب من غير قطع بترجيحه -، وبين كلام الحافظ - إذ قال: إنه لعدم الجزم بأحد الاحتمالين -، ومع ذلك كله فليس هذا الأصل بمطَّرد، فإنه طالما يترجم بذلك في الإجماعيات، كما في "باب من بنى مسجدًا"، وفي "باب من قال: إن صاحب الماء أحق بالماء"، و"باب من قال: لم يترك النبي ﷺ إلا ما بين الدفتين".
نعم، ما قال الحافظ: إن غرضه بذلك التنبيه على الثبوت متجه في أكثرها، فإن المبدوء بلفظ: "باب من قال كذا" في جميع الكتاب عشرة أبواب (^٣)، والتنبيه على الثبوت محتمل في أكثرها بل كلها.