257

كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري

كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري

Editorial

مؤسسة الرسالة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

رأسك تحت درعي ففعل، فقالت: تراه؟ قال: "لا"، قالت: أبشر، هذا ملك إذ لو كان شيطانًا لما استحيا، ثم رآه بأجياد، فنزل إليه، وبسط له بساطًا، وبَحَثَ في الأرض، فَنَبَعَ الماء، فعلمه جبريل كيف يتوضأ، فتوضأ وصلى ركعتين نحو الكعبة، وبشره بنبوته وعلمه ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾، ثم انصرف، فلم يمر على شجر ولا حجر إلا قال: سلام عليك يا رسول الله! فجاء إلى خديجة فأخبرها، فقالت: أرني كيف أراك؟ فأراها، فتوضأت كما توضأ، ثم صلت معه، وقالت: أشهد أنك رسول الله.
قال ابن إسحاق: كانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله، وصدقت بما جاء به، فخفف الله بذلك عن رسول الله ﷺ، فكان لا يسمع شيئًا يكرهه من الرد عليه، فيرجع إلا ثبتته، وتهون عليه أمر الناس، وذكرت عائشة في حديث بدء الوحي، ما صنعته من نقوية قلب النبي ﷺ لتلقي ما أنزل الله عليه، فقال لها: "لقد خشيت على نفسي" فقالت: كلا والله لا يخزيك الله أبدًا، وذكرت خصاله الحميدة، وتوجهت إلى وَرَقَة بن نَوْفَل وهو في "الصحيح".
وفي ابن عبد البر أن خديجة قالت لرسول الله ﷺ: أتستطيع أن تخبرني بصاحبك إذا جاءك تعني جبريل ﵇، فلما جاءه، قال: "يا خديجة هذا جبريل قد جاءني" فقالت: قُم يا ابن عم، فاقعُد على فخذِي اليمنى، ففعل، فقالت: هل تراه؟ قال: "نعم"، قالت: فتَحَوَّلْ إلى اليسرى، ففعل، فقالت: هل تراه؟ قال: "نعم"، قالت: فاجلس في حِجْري، ففعل، فقالت: هل تراه؟ قال: "نعم"، فألقت خمارَها، وحسرت عن صدرها، فقالت هل تراه؟ قال: "لا"، قالت: أبشر فإنه والله ملك، وليس بشيطان.
وكانت خديجة ذات جمال وشرف، وكانت موسرة، وكان سبب رغبتها بالرسول ﷺ ما حكاه لها غلامها ميسرة بما شاهده من علامات النبوة

1 / 258