The Call of the Righteous in the Jurisprudence of Fasting and the Virtue of Ramadan

Sayed Hussein Al-Afany d. Unknown
66

The Call of the Righteous in the Jurisprudence of Fasting and the Virtue of Ramadan

نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان

Géneros

إليه، حتى لو لم يبق في العالَم شخص غيره لكانت نفسُه مدبَّ عقاربه وغرض سهامه، وإن من الناس من إذا كشف لك عن أنيابه رأيت الدم الأحمر يترقرق فيها أو عن أظافره رأيت تحتها مخالب حادة لا تسترها إلا الصورة البشرية أو عن قلبه رأيت حجرًا صلدًا من أحجار الغرانيت لا يبض (١) بقطرة من الرحمة، ولا تَخْلُص إليه نسمة من العظة. فيا أيها الإنسان احذر الحذر كله من أن تكون واحدًا من هؤلاء فإنهم سباع مفترسة وذئاب ضارية، بل أعظك ألا تدنو من أحدهم أو تعترض طريقَه فربما بدا له أن يأكلك فأكلك غير حافل بك ولا آسف عليك. أيها الإنسان: ارحم الأرملة التي مات عنها زوجها ولم يترك لها غير صبية صغار، ودموع غزار، ارحمها قبل أن ينال منها ويعبث الهم بقلبها فتفضل الموت على الحياة. أيها السعداء، أحسنوا إلى البائسين والفقراء، وامسحوا دموع الأشقياء، وارحموا من في الأرض ورحمكم من في السماء. الفضيلة الرابعة والعشرون رقة القلب وصيانة الجوارح مراد الله من الناس رقة قلوبهم وأكرم بها من نعمة. قال رسول الله ﷺ: "يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير" (٢) . يقول القسطلاني معددًا لثمرات الصوم: "رقة القلب وغزارة الدمع وذلك من أسباب السعادة فإن الشبع مما يذهب نور العرفان ويقضي بالقسوة والحرمان". ثم يقول في ثمرات الصوم أيضًا: "صيانة جوارحه عن استرسالها في المخالفات وهذا هو أعظم ثمرات الصوم، بل هو الأصل في تحقيق المعنى، فإن النفس إذا مسّها ألم الجوع ذلت وانقادت، وأذعنت، واشتغلت بما هي فيه عن امتداد أملها إلى الفِكَر الدنية، فتسكن جوارحها عن الحركات

(١) بضّ الدم: سال. (٢) رواه مسلم، وأحمد، عن أبي هريرة.

1 / 68