The Biography of the Prophet as Narrated in Authentic Hadiths
السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة
Editorial
مكتبة العبيكان
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م
Géneros
وأتباعهم .. إن احمرار وجهه ﷺ لم يكن لعدم مشروعية الدعاء .. بل كان لهبًا يذهب ما قد يعلو في نفوس أصحابه من الملل والضيق .. إن هذا الاحمرار يقول: إن كل ما يقدمه الداعية في سبيل الله من تضحية .. من مال .. من جهد .. رخيص .. رخيص في سبيل الله .. إنها الجنة يا خباب .. فلا عجب أن مشط الأنبياء السابقون وأتباعهم بأمشاط الحديد .. ونشروا بالمناشير .. فقد كانت الجنة في قلوبهم .. أما الدعاء فمشروع في كل لحظة .. فالدعاء في الإِسلام (هو العبادة) (١) .. حتى الأماني التي تجول في الخواطر تسيل عند الله في مجرى الدعاء الجميل المحبوب .. حتى الأماني الحلوة حَوَّلَها الإسلام إلى عبادة .. يقول ﷺ: (إذا تمنى أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه) (٢) وسأل محمَّد ﷺ ربه .. دعاه وتضرع إليه أن يرزقهم ما يبحثون عنه .. رجلًا يعز الله به الإسلام .. وكانت أمنيته ﷺ تحوم حول أقسى رجلين وأشرسهما في مكة كلها على المؤمنين .. توجه ﷺ إلى ربه ضارعًا وقال: (اللَّهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: أبو جهل بن هشام، أو عمر بن الخطاب) (٣) فقد بخلت مكة وشحت .. وضاقت بأصحابه ﷺ فصارت من ضيقها تحصي أنفاسهم وخطاهم .. ولم يكن هناك متسع للحياة فيها .. حتى بيت الله الحرام أصبح غير آمن ولا حرام .. ألم تر إلى أبي جهل يقول: (لئن رأيت محمدًا يصلي عند الكعبة لأطأن عنقه) (٤).
_________
(١) حديث صحيح. انظر صحيح الجامع الصغير (٢/ ١٥٠).
(٢) حديث صحيح، انظر صحيح الجامع الصغير (١/ ١٧٨).
(٣) إسناده حسن رواه البيهقي (٢/ ٢١٥) وابن سعد (٣/ ٢٦٧) وأحمدُ (الفتح ٢٠/ ٢٣٠) من طريق أبى عامر: عبد الملك بن عمرو القيس، وهو ثقة (التقريب١/ ٥٢١) أخبرنا خارجة ابن عبد الله بن ثابت وهو حسن الحديث (التهذيب ٣/ ٧٦) عن نافع عن ابن عمر قال. قال: رسول الله ﷺ.
(٤) حديث صحيح. رواه البخاري.
1 / 99