The Behaqi Letter to Al-Juwayni
رسالة البيهقي للجويني
Investigador
أبو عبيد الله فراس بن خليل مشعل
Editorial
دار البشائر الإسلامية
Número de edición
الأولى ١٤٢٨ هـ
Año de publicación
٢٠٠٧ م
Géneros
رسالة الإمام أبي بكر البيهقي
إلى الإمام أبي محمد الجويني
تحوي مسائل في علم الحديث وغيره
برواية ولده شيخ القضاة أبي علي إسماعيل البيهقي
نفذها إليه مستدركا فيها عليه في تصنيف شرع فيه سماه المحيط
استدراكا فيما يتعلق بعلم الحديث وغيره
اعتنى بها
أبو عبيد الله فراس بن خليل مشعل
دار البشائر الإسلامية
الطبعة الأولى
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
Página desconocida
بسم الله الرحمن الرحيم
[وبه العون والتوفيق]
أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ أبو بكر، محمد بن عبد الله بن أحمد بن حبيب البغدادي.
قال: حدثنا الإمام شيخ القضاة، أبو علي، إسماعيل بن أحمد البيهقي.
قال: حدثنا الإمام والدي، أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي. قال:
1 / 45
سلام الله ورحمته على الشيخ الإمام، وإني أحمد إليه الله الذي لا إله إلا هو، وحده لا شريك له، وأصلي على رسوله محمد، وعلى آله، أما بعد -عصمنا الله تعالى بطاعته، وأكرمنا بالاعتصام بسنة خيرته من بريته، ﷺ، وأعاننا على الاقتداء بالسلف الصالحين من أمته، وعافانا في ديننا ودنيانا، وكفانا كل هول دون الجنة، بفضله ورحمته، إنه واسع المغفرة والرحمة، وبه التوفيق والعصمة-: فقلبي للشيخ -أدام الله عصمته- وادٍ، وبأيامه معتد، ولساني له بالخير ذاكر، ولله تعالى على حسن توفيقه إياه شاكر، والله -جل ثناؤه- يزيده توفيقًا وتأييدًا وتسديدًا.
وقد علم الشيخ -أدام الله توفيقه- اشتغالي بالحديث، واجتهادي في طلبه. [و] معظم مقصودي منه في الابتداء: التمييز بين ما يصح الاحتجاج به من الأخبار، وبين ما لا يصح، حين رأيت المحدثين من أصحابنا يرسلونها في المسائل على ما يحضرهم من ألفاظها، من غير تمييز منهم بين صحيحها وسقيمها.
ثم إذا احتج عليهم بعض مخالفيهم بحديث يشق عليهم تأويله، أخذوا في تعليله، بما وجدوه في كتب المتقدمين من أصحابنا تقليدًا.
ولو عرفوه معرفتهم، لميزوا صحيح ما يوافق أقوالهم من سقيمه، ولأمسكوا عن كثير مما يحتجون به، وإن كان يطابق آراءهم، ولاقتدوا في ترك الاحتجاج برواية الضعفاء والمجهولين بإمامهم فشرطه فيمن يقبل خبره عند من يعتني بمعرفته- مشهور، وهو بشرحه في كتاب «الرسالة» مسطور، وما ورد
1 / 46
من الأخبار بضعف رواته أو انقطاع إسناده كثير، والعلم به على من جاهد فيه سهل يسير.
وقد احتج في ترك الاحتجاج [برواية] المجهولين، بما:
١ - أخبرنا أبو عبد الله، محمد بن عبد الله، الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، قال: حدثنا الشافعي، قال: أخبرنا سفيان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال:
«حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، وحدثوا عني، ولا تكذبوا علي».
قال الشافعي:
«أحاط العلم أن النبي ﷺ لا يأمر أحدًا بحالٍ أن يكذب على بني إسرائيل، ولا على غيرهم، فإذا أباح الحديث عن بني إسرائيل، فليس أن يقبلوا الحديث الكذب على بني إسرائيل .. .. .. لأنه يروى عنه ﷺ أنه قال:
1 / 47
«من حدث بحديثٍ وهو يراه كذبًا، فهو أحد الكاذبين».
وإنما أباح قبول ذلك عمن حدث به ممن يجهل صدقه وكذبه».
قال: «وإذا فرق بين الحديث عنه، والحديث عن بني إسرائيل، فقال: «حدثوا عني، ولا تكذبوا علي».
فالعلم -إن شاء الله- يحيط: أن الكذب الذي نهاهم عنه: هو الكذب الخفي، وذلك: الحديث عمن لا يعرف صدقه».
ثم حكى الشافعي [مذهبه في ذلك، و] في رد حديث الضعفاء عن: ابنٍ [لابن] عمر، وعن عروة بن الزبير، وسعد بن إبراهيم.
1 / 48
وحكاه في «كتاب العمرى» عن: عطاء بن أبي رباح، وطاوس، وابن سيرين، وإبراهيم النخعي.
ثم قال: «وما لقيت، ولا علمت أحدًا من أهل العلم بالحديث، يخالف هذا المذهب».
قال الشيخ الفقيه أحمد ﵀:
وإنما يخالفه بعض من لا يعد من أهل الحديث، فيرى (قبول رواية المجهولين، ما لم يعلم ما يوجب رد خبرهم)
وقد قال الشافعي ﵀ في أول «كتاب الطهارة» -حين ذكر ما تكون به الطهارة من الماء، واعتمد فيه على ظاهر القرآن-:
«وقد روي فيه عن النبي ﷺ حديث -يوافق ظاهر القرآن- في إسناده من لا أعرفه».
1 / 49
ثم ذكر حديثه عن مالك، عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، في البحر.
وعسى لم يخطر ببال فقيه من فقهاء عصرنا ريب في صحة هذا الحديث، وإمامه يقول: «في إسناده من لا أعرفه»!
وإنما قال ذلك:
- لاختلافٍ وقع في اسم المغيرة بن أبي بردة.
1 / 50
- ثم في وصله بذكر أبي هريرة.
مع إيداع مالك بن أنس إياه كتابه «الموطأ».
1 / 51
ومشهور فيما بين الحفاظ، أنه لم يودعه رواية من يرغب عنه، إلا رواية: عبد الكريم أبي أمية، وعطاء الخراساني، فقد رغب عنهما غيره.
وتوقف الشافعي في (إيجاب الغسل من غسل الميت) واعتذر:
«بأن بعض الحفاظ أدخل بين أبي صالح، وبين أبي هريرة: إسحاق -مولى زائدة-، وأنه لا يعرفه، ولعله أن يكون ثقة».
1 / 52
وتوقف في إثبات (الوقت الثاني لصلاة المغرب)، مع أحاديث صحاح رويت فيه بعد إمامة جبريل ﵇ بالنبي ﷺ؛ حين لم يثبت عنده من عدالة رواتها ما يوجب قبول خيرهم.
1 / 53
وكأنه وقع لمحمد بن إسماعيل البخاري ﵀ بعده ما وقع له؛ حتى لم يخرج شيئًا من تلك الأحاديث في «كتابه».
ووقف مسلم بن الحجاج ﵀ على ما يوجب قبول خبرهم، ووثق بحفظ من رفع المختلف في رفعه منها، فقبله، وأخرجها في «الصحيح»، وهي: حديث أبي موسى، وبريدة، وعبد الله بن عمرو.
واحتج الشافعي ﵀ في كتاب «أحكام القرآن» برواية عائشة في أن (زوج بريرة كان عبدًا).
وإن بعض من تكلم معه قال له: هل تروون عن غير عائشة أنه كان عبدًا؟
قال الشافعي:
«هي المعتقة، وهي أعلم به من غيرها!
وقد روي من وجهين، قد ثبَّتَّ أنت ما هو أضعف منهما، ونحن إنما نثبت ما هو أقوى منهما».
1 / 54
فذكر:
- حديث عكرمة، عن ابن عباس.
- وحديث القاسم العمري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: «أن زوج بريرة كان عبدًا».
و(حديث عكرمة) عن ابن عباس قد أخرجه البخاري في «الصحيح».
إلا أن عكرمة مختلفٌ في عدالته.
-كان مالك بن أنس -رحمنا الله وإياه- لا يرضاه.
1 / 55
- وتكلم فيه: سعيد بن المسيب، وعطاء، وجماعة من أهل العلم بالحديث.
- ولذلك ترك مسلم بن الحجاج الاحتجاج بروايته في «كتابه».
و(القاسم العمري): ضعيف عندهم.
فقال الشافعي لخصمه:
«نحن إنما نثبت ما هو أقوى منهما».
وقال في أثرين ذكرهما في «كتاب الحدود»:
«وهاتان الروايتان، وإن لم تخالفانا، غير معروفتين، ونحن نرجو أن لا نكون ممن تدعوه الحجة على من خالفه إلى قبول خبر من لا يثبت خبره بمعرفته عنده».
وله من هذا أشياء كثيرة، يكتفي بأقل من هذا من سلك سبيل النصفة.
فهذا مذهبه في قبول الأخبار، وهو مذهب القدماء من أهل الآثار.
1 / 56
قال الفقيه ﵁:
وكنت أسمع رغبة الشيخ -أدام الله أيامه- في سماع الحديث، والنظر في كتب أهله، فأسكن إليه، وأشكر الله تعالى عليه، وأقول في نفسي، ثم فيما بين الناس:
قد جاء الله ﷿ بمن يرغب في الحديث، ويرغب فيه من بين الفقهاء، ويميز فيما يرويه ويحتج به الصحيح من السقيم من جملة العلماء.
وأرجو من الله تعالى: أن يحيي [به] سنة إمامنا المطلبي في قبول الآثار، حيث أماتها أكثر فقهاء الأمصار، بعد من مضى من الأئمة الكبار، الذين جمعوا بين نوعي علم الفقه والأخبار.
ثم لم يرض بعضهم بالجهل به، حتى رأيته حمل [على] العالم به بالوقوع فيه، والإزراء به، والضحك منه، وهو مع هذا يعظم صاحب مذهبه ويجله، ويزعم: أنه لا يفارق في منصوصاته قوله! ثم يدع في كيفية قبول الحديث ورده طريقته، ولا يسلك فيها سيرته؛ لقلة معرفته بما عرف، وكثرة غفلته عما عليه وقف.
هلا نظر في كتبه، ثم اعتبر باحتياطه في انتقاده لرواة خبره، واعتماد فيمن اشتبه عليه حاله على رواية غيره؟! فيرى سلوك مذهبه -مع دلالة
1 / 57
العقل والسمع- واجبًا على كل من انتصب للفتيا:
- فإما أن يجتهد في تعلمه
- أو يسكت عن الوقوع فيمن يعلمه.
فلا يجتمع عليه وزران، حيث فاته الأجران!
والله المستعان، وعليه التكلان.
1 / 58
ثم إن بعض أصحاب الشيخ -أدام الله عزه- وقع إلى هذه الناحية، فعرض علي أجزاء ثلاثة مما أملاه من كتابه المسمى بـ: «المحيط»، فسررت به، ورجوت أن يكون الأمر فيما يورده من الأخبار على طريقة من مضى من الأئمة الكبار، لائقًا بما خص به من علم الأصل والفرع، موافقًا لما ميز به من فضل العلم والورع، فإذا أول حديث وقع عليه بصري: الحديث المرفوع في (النهي عن الاغتسال بالماء المشمس)!
فقلت -في نفسي-: يورده، ثم يضعفه، أو يضجع القول فيه.
فرأيته قد أملى:
«والخبر فيه: ما روى مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة»!
فقلت: هلا قال:
- روي عن عائشة؟
- أو: روي عن ابن وهب، عن مالك؟
- أو: روي عن إسماعيل بن عمر الكوفي، عن ابن وهب، عن مالك؟
1 / 59
- أو: روى خالد بن إسماعيل، أو وهب بن وهب أبو البختري، عن هشام بن عروة؟
- أو: روى عمرو بن محمد الأعسم، عن فليح، عن الزهري، عن عروة؟
1 / 60
ليكون الحديث مضافًا إلى من يليق به مثل هذه الرواية، ولا يكون شاهدًا على مالك بن أنس بما أظنه يبرأ إلى الله تعالى من روايته، ظنًا مقرونًا بعلم.
[والله أعلم].
1 / 61
ثم إني رأيته -أدام الله عصمته-: أوَّل (حديث التسمية)، وضعف ما روي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن في تأويله، بحديث شهد به على الأعمش أنه رواه عن شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود، عن النبي ﷺ: فيمن توضأ وسمى، وفيمن توضأ ولم يسم.
وهذا حديث تفرد به يحيى بن هاشم السمسار، عن الأعمش.
ولا يشك حديثي في ضعفه.
- ورواه أيضًا عبد الله بن حكيم، أبو بكر الداهري، عن عاصم بن محمد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا.
وأبو بكر الداهري: ضعيف، لا يحتج بخبره.
- وروي من وجه آخر مجهول، عن أبي هريرة.
1 / 62
ولا يثبت.
وحديث التسمية قد روي من أوجهٍ، ما وجه من وجوهها إلا وهو أمثل إسنادًا من أسانيد ما روي في مقابلته، ومع ذاك فأحمد بن حنبل ﵀ يقول:
«لا أعلم فيه حديثًا ثابتًا».
1 / 63