The Beautiful Response to the Deniers of Islam from the Quran, Torah, Bible, and Science
الرد الجميل على المشككين في الإسلام من القرآن والتوراة والإنجيل والعلم
Editorial
دار المنارة للنشر والتوزيع والترجمة
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Ubicación del editor
المنصورة - مصر
Géneros
ـ[الرد الجميل على المشككين في الإسلام]ـ
من القرآن والتوراة والإنجيل والعلم
المؤلف: عبد المجيد حامد صبح
الناشر: دار المنارة للنشر والتوزيع والترجمة، المنصورة - مصر
الطبعة: الثانية، ١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
عدد الأجزاء: ١
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (٤٦) قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (٤٩)
من سورة سبأ ٤٦ - ٤٩) .
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣) .
قال الجاحظ: وأدنى منازل الإظهار إظهار الحجة على من ضارّه وخالف عليه (من رسائل الجاحظ) .
قلت: وهذه دعوة قرآنية للتخلص من الهوى وسائر المؤثرات الصارفات عن
الإخلاص في طلب الحق، ولتحرير العقل في طلبه، ولتحرير الإرادة؛ لتمضي في السبيل القويمة.
وهذا وعد موعود بإظهار الإسلام، وهو الحق، وقد صدق الوعد، وسطر على صفحات التاريخ، وبرز في وقائع الدهر شاهد صدق، وآيةً ناطقة، لا تدع شبهة زيغ، لمن أخلص قلبَه لطلب الحق والحقيقة.
* * *
قصة هذا الكتاب
١ - لهذا الكتاب قصة، وللقصة جاذبيتها نحو موضوعها، وكلما كانت القصة من حقائق الواقع كانت أقوى جاذبية لشدة صلتها بواقع الإنسان.
فإذا كان واقع القصة مما يتصل بإيمان الإنسان، وآحاد معتقده بلغت من الجاذبية مبلغها الذي لا مزيد عليه.
1 / 5
وكذلك كانت قصة هذا الكتاب
في زيارتي لأمريكا منذ ٢١ ديسمبر سنة ١٩٩٧، بدعوة من مجلس إدارة مسجد أبي بكر الصديق، في بروكلين من مدينة نيويورك- قَدّم
إليَّ الأخ الصديق القديم (حامد نبوي) صورة من أسئلة تحدى بها مرسلوها
المسلمين.
وكاتبو هذه الأسئلة، المتحدون بها، جماعة من البشرين في كندا، يرسلونها في تحدِّ سافر، ويطلبون الردّ عليها، طلب تحدّ وتعجيز، يظنون أنه لا جواب عنها، وأنه لا ردّ ييطل زيفها! وأنه لا معقب عليها.
وما مثلهم - لو كانوا يعلمون - إلا كمثل من يضرب رأسه في فولاذ يحسب أنه قادر على أن يكسِّره.
كناطح صخرة يوما، ليوهنها. . . فلم يَضرها وأوهى قرنه الوعِل!!
٢ - ويؤيد هذا التحدي قوة عاملان:
أن مرسلي هذه الأسئلة قد بنوها على بعض العلم ببعض مسائل الإسلام، وبعض العلم مضلّة، والعلم إذا خالطه الهوى كان أضرّ من الجهل.
وأن بعض من يقعدون بمرصد لهذه الأباطيل من مهاجري المسلمين، ليسوا من
أهل العلم، وإنما هم ممن صنعت منه الغربة، والحاجة عالما من غير علم، وأبا حنيفة من غير فقه، والبلادُ إذا اكفهرت، وصوّح نبتها رُعِي الهشيم!!
ومن وجوه عجز هؤلاء أنهم، وهم يعيشون وسْط هؤلاء المشبهين، يجهلون
واقعهم، كما يجهلون عقائدهم!
كما أن من وجوه عجزهم أنهم يحسبون، بزعمهم، أن كل مخالف في الدين
عدوّ، يقاطع، بل ويجب حربه وقتاله، ويستحل ماله. . . ويقدمون - بهذا الفهم - صورة كريهة للإسلام، وعلاقته غير الإنسانية.
1 / 6
ومن هذه الوجوه تلك الحال لنساء هؤلاء، أدعياء العلم بالإسلام، والحال التي يطلبونها من المرأة الغربية التي تأتيهم لتعرف الإسلام حال متى علم بها الإسلام بكى مما أصابه من بعض أبنائه، عن حسن نيّة، ولكن بنقص علم، وتقصير في التحصيل، واتهام للعارفين عن يقين، الذين حصّلوا علوم الإسلام على يدي شيوخه، الذين كانوا أعلام دهرهم، وغرة زمانهم.
وليست هذه الوجوه من النظر العقلي المجرد، وإنما هي من مفردات الواقع، الذي لمسه كل مخالط معايش.
وبهذه الوجوه تأتي ردود هؤلاء ضعيفة، أو متهافتة، تغري أصحاب الهوى بمزيد من التهجم، بل تجعلهم يحسبون أنهم على شيء، وما هم على شيء، ولكن أغراهم ضعف المجيبين!
وقد تقدم إليَّ الأخ الكريم (حامد نبوي) - لحسن ظنه لي - أن أكتب الردّ على تلك المفتريات، إظهارا للحق، ودَزءا عن الإسلام وحماية لحماه وحقيقته.
وإني لأرجو أن أكون عند حسن الظن، فأكون أهلا لهذه المهمة الجليلة، فالإسلام وحقائقه أثقل من أن يستقل بها ضعيف مثلي، يدرك من قلة علمه ما لا يدرك الآخرون، ويعرف من اتساع الإسلام، وعمق مسائله ما يجعله يوقن أنه دون حسن الظن، وموضع الجواب، ومذراة هجوم وطعن.
ولكن إذا وجب الجهاد بالقلم والكلمة، وأصبح القول فرض عين، وواجب عقيدة، ولازم إيمان، والله - تَعَالَى - هو ذو الجلال والإكرام، وهو مصدر الفضل، ومانح النصر لمن خلصت نيته، وحسن قصده، وبذل جهده، والحق أبلج، والباطل لجلج، فحسبي أن آخذ الطريق إلى الحق والصواب، ثم يتكفل اللَّه بالهداية وعلى اللَّه قصد السبيل وعليه الهدى.
والإسلام - دي ذاته - نور لا يغشاه ظلام، وحق مبين، لا يأتيه باطل. ولكنّ البصائر قد يغشاها الرَّين، والأبصار قد يتغشاها غشاوات، فلا ترى النور وهو
1 / 7
ناصع، وتعمى عن الشمس، وهي رائعة في شباب النهار.
٥ - ومهما قال الأعشى عن الصبح إنه ليل، فلن يعمى العالمون عن ضيائه، ومهما تحوّل أهل الهوى إلى كنّاسين يثيرون الأرض رَغاما، فإنهم لن يعفّروا صفحة السماء، ولسوف يظل الإسلام، ونبي الإسلام أطهر من الربابة في سمائه، ومهما شبّه المشتبهون، وضلل المضللون، فلسوف يظل من ذوي النصفة، ومن أولي الألباب من يعرف الحق ويؤمن به، ومن يحترم نفسه، ويُجلّها عن بطر الحق، وغمط الفضل، وتقبيح الجميل، ولسوف يظل الماء العذب الفرات على صفته، وإن وصفه المريض مر الفم بأنه مُر غير سائغ. ولسوف يظل الحق حقا، وإن جحده المبطلون
(فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (٧٩) إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٨١) .
٦ - تلك قصة هذا الكتاب، التي دعت إلى تسطيره، ونشره، وهي تنبيه إلى المسلمين عامة، والمقيمين منهم بين أمثال هؤلاء المبلسين، وليعرفوا كيف يفهمونهم، وكيف يتعاملون معهم.
وهي تحذير لهؤلاء الذين يوقظون الفتن، وهم يدّعون السلام، ويدْعون إلى الإخاء العالمي بألسنتهم، وتأبى قلوبهم.
وإعلان لأمثالهم بأن الإرادة الإسلامية ما زالت ناهضة ناشطة، تدفع عن نفسها جهل الجاهلين، وغرور الغافلين، والضالين عن سواء السبيل.
وبعد، فإنها تبصرة لكل راغب بنفسه عن كل دنية، متأب بكرامته عن سهوات الانحطاط!!
هذا، وسوف أجعل هذا البيان أقسامًا رئيسة:
الأول: عرض أسئلة المبشرين في ترجمتها العربية، كما وصلتني، مع بعض تقويم للغة
1 / 8
الترجمة. وكنت أودّ أن أثبتها بلغتها الإنجليزية زيادة في التوثيق ووفاءً للمنهج
العلمي.
الثاني: بيان موقف القرآن من الجدال، وبيان منهجه، وثمرته، وآدابه، وبيان أن هؤلاء المبشرين لم يلتزموا المنهج الصحيح في الجدال وأنهم مقلدون في تهجمهم على الإسلام.
الثالث: لبيان أنه كان عند هؤلاء المشبهين في دينهم، وكتابهم ما هو أولى بالبحث عن حقائقه وأباطيله، وأنهم لو فعلوا لاستحوا من قولهم عنه ما قالوا عن الإسلام.
الرابع: الإجابات المفصلة عن هذه الأباطيل، وفيها يتجلى الحق، وبها ينتهي الكتاب إلى مراشد للهدى، ومعالم اليقين، لمن شاء أن يستقيم.
عبد المجيد حامد صبح
نيويورك - يناير ١٩٩٨ م
1 / 9
القسم الأول
الأسئلة مجموعة
1 / 11
وإليكم الأسئلة مجموعة:
١ - لماذا يقتل المرتد عن الإسلام، مع أن القرآن يقول: (لَآ إِكرَاهَ فِى الدينِ)
ويقول: (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩) .
فلماذا هذا التناقض بين النص والتطبيق؟!
وهل يعقل أن إنسانا يفرض عليه أن لا يغير رأيه؟
وعلماء المسلمين أنفسهم يغيّرون رأيهم في مسائل كثيرة، حتى رسولكم
غير رأيه في مسائل عدة، مثل زيارة القبور للنساء، وزواج المتعة.
حتى القرآن نفسه عندما نسأل بعض علماء المسلمين يقولون: هذه الآية
نسخت، أي انتهى حكمها (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) فكيف يطلبون من إنسان عدم تغيير رأيه؟
أين حرية الرأي؟ أين حرية الأديان؟
* * *
٢ - لماذا حرم على غير المسلم دخول مكة والمدينة، وفي المقابل، المسلم حرّ
الحركة سواء في أوربا أو أمريكا، أو أي مكان فيه كثرة مسيحية.
فأين العدل والمساواة؟
أليس هذا ينم علي أنكم لستم متسامحين؟
أو أنه ليس عندكم ثقة في دينكم؟
ولماذا لم تسمحوا بالحركات التبشيرية في داخل مكة والمدينة هل تخافون
أن يترك المسلمون دينهم، ويدخلوا المسيحية؟ أين الثقة في دينكم؟
* * *
1 / 13
٣ - لماذا العقاب في الإسلام غير منطقي؟
العقاب في القرآن لا يتناسب مع الجريمة؟
القرآن، وأقوال رسولكم يناقض بعضها بعضا:
تقولون: إن إلهكم رحمن رحيم. ورسولكم يقول: إن الله أرحم من الأم
على ولدها. فهل يعقل أن الأم تخلد ولدها في النار، مهما كان ذنبه؟
فكيف تريدون من إنسان أن يؤمن بإله يخلد عبيده في النار؟ وأي جريمة
يستحق فاعلها الحلود في النار؟
أين الرحمة؟ وأين العدل؟
* * *
٤ - لو كان الإسلام دينا حقا - كما تزعمون لما تخلف أهله.
فكيف يكون دينا صحيحًا وأتباعه: المسلمون، من أسوأ الناس، وأحطهم سلوكا وأخلاقا ومظهرا. وبلادهم في منتهى التأخر والفوضى والظلم والهمجية والقذارة! ا
* * *
٥ - كيف حدث هذا في السعودية؟ عندما قتل مسلم غير مسلم، لم يقتل
المسلم، وعندما سألنا: لماذا؟ كانت الإجابة: أن رسولكم أمر بهذا.
فهل هذا عدل؟ كيف تلومون اليهود على قولهم: إنهم شعب اللَّه المختار، وفي نفس الوقت، نبيكم وأتباعه يدّعون الامتياز على غيرهم
أليس هذا تناقضا ونفاقا؟
* * *
1 / 14
٦ - قرآنكم عندما قرأناه وجدنا فيه متناقضات كثيرة، ولم نجد فيه وحدة
الموضوع، نجده يقفز من موضوع إلى آخر، ونجد فيه تكرارا كثيرا جدا.
وتقولون إنه معجزة، فكيف هذا؟
* * *
٧ - القرآن غير مستقر في وصف أهل الكتاب:
ففي آية (آل عمران: ١١٠) سماهم، أو بعضهم: مؤمنين.
وفي آية (آل عمران: ٨٥) (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)
وفي الوقت نفسه آية سورة البقرة ٦٢ لم يشترط الإسلام!
وعلماؤكم متناقضون في الجواب: نسأل إماما: هل أهل الكتاب كفار؟
منهم من يقول: نعم، ومنهم من يقول: لا.
وآخر يقول: الذين سيدخلون الجنة هم المسلمون فقط!!
والقرآن نفسه فيه تناقض في وصف أهل الكتاب: كما في آيات: سورة
البقرة: ٦٢، والمائدة: ١٧، ٧٢، ٧٣، والبقرة: ١٠٥
وكذلك الآيات: في المائدة: ٧٨، ٥٧، والبقرة: ٨٣، ١٠١
وكذلك آل عمران ٩٨، ١٠١، ١٠٦، وسورة البينة: ٦.
* * *
٨ - الإسلام حط من شأن المرأة في قضايا كثيرة: فهي تعامل كشيء مملول
منه، وأنها مواطن من الدرجة الثانية.
والدلائل كثيرة، منها:
* قول نبيكم: الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة.
* يرث الرجل ضعف المرأة.
* شهادة الرجل بشهادة امرأتين.
1 / 15
* الحجاب، وقيود كثيرة من زوجها، وليس على الرجل قيود، والرجل
يذهب إلى الشاطئ، ويلبس المايوه، وامرأته عنده خادمة، تلبس الحجاب
في الحر الشديد، وتنتظر (السيد) حتى يخرج من البحر.
وقد شاهدنا ذلك على شواطئ كندا.
أقوال كثيرة من نبيكم تهين المرأة.
منها: لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. وقوله: من الفأل الحسن: المركب الحسن والمرأة الصالحة والدار الفسيحة!
أين الأحاديث التي تدين، وتهين الرجل؟
فهل هذا دين عدل ومنطق؟
الرجل يتزوج من أربع، والمرأة غير مسموح لها!
الرجل المسلم يتزوج غير المسلمة، ولا يسمح للمرأة المسلمة أن تتزوج
بغير المسلم؟
إذا نشزت المرأة تضرب، وإذا نشز الرجل لا يضرب!!
* * *
٩ - قرآنكم يحض على الزنا، حتى النبي لوط، في قول القرآن عن لوط:
(هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) .
* * *
١٠ - إلهكم - بحسب القرآن - هو الذي يهدي ويضل.
فكيف يعاقب الإنسان بخلوده في النار؟
* * *
1 / 16
١١ - ما هو جواب الإسلام عن هذا السؤال: لماذا خلقنا؟
تقولون: لنعبد اللَّه! وهل يحتاج اللَّه لعبادتنا؟
لماذا نخلق، ونعاني، ثم نموت. ثم نخلد في النار؟ هل هذا عدل؟
فكرة تناسخ الأرواح تجيب عن هذه الأسئلة إجابات منطقية، وفيها
رحمة، وتتلاءم ورحمة الرب، الذي لا يشتهي الانتقام!.
* * *
١٢ - لو أن الإسلام الدين الحق لما رأينا علماءه ضعفاء عاجزين منافقين؟
* * *
١٣ - نحن في عصر التقدم والعلم، والحسابات الدقيقة، والصعود إلى القمر.
وأنتم تدعون أن الإسلام دين حضارة وعلم وتقدم. والمسملون إلى اليوم
لا يزالون محْتلفين في بداية الشهور العربية، وخاصة شهر رمضان!
فكيف يكون الإسلام دين تقدم؟
* * *
1 / 17
القسم الثانى
موقف القرآن من جدال المخالفين
١ - القرآن يقرر الجدال، كأحد سبل الوصول إلى الحق ويضع آدابه، ومنهجه ويبين ثمرته.
٢ - بيان أن أصحاب هذه الشبهات على غير منهج.
٣ - بيان كيف نتصرف مع الخارج عن أدب الجدال ومنهجه.
٤ - هؤلاء في طعنهم في الإسلام تابعون مقلدون.
٥ - ولكن هناك منصفون، احترموا أنفسهم، وآثروا الحق.
٦ - بيان أن مقصد هؤلاء ليس البحث عن الحق والحقيقة، بل مجرد الطعن.
والتشكيك، والسير على طريق التبشير المسيحي، الذي غرق فيه مبشرو أوربا منذ نشطت الحركة الاستعمارية الغربية، وبثت سموم الاستعمار الفكري، لمساندة الاستعمار العسكري.
٧ - قبل أن تطعنوا فيما عندنا نبئونا بما عندكم.
1 / 19
الإسلام يقر الجدال ويضع له آدابا ومبادئ
حسن أن يتلاقى ذوو الفكر والرأي، ومن مأثور أدب اللغة العربية قولهم: مذاكرة الرجال تلقيح للألباب، ولا شك أن احتكاك الفكر بالفكر يولد الحقيقة، كما يولد الشرر احتكاكُ الحجر بالحجر.
وأحسن التقاء لذوي الفكر التقاء ذوي الفكر من ذوى الأديان، فعنده تجتمع
الحسنيان، وتلتقي الفضيلتان، وتتقارب القوتان.
قوة العقل، وقوة الدين، أو الفطرتان: فطرة التفكر، وفطرة التدين.
وفي تعاونها سلامة الدنيا، وسعادة الإنسان.
وتلك غاية، كثر ضلال (العقل) عن سبيلها، عندما نبذ - باسم التقدم - الدين والتدين!!
حسن، إذًا أن نلتقي لنتعارف، وليعرف كل منا ما عند الآخر، ولنتعاون على البر والتقوى، كما أرشد إليه القرآن الكريم، وعلى الحق والخير، كما هو رسالة الإسلام، في زمن تعاون كثير من أهله على الإثم والعدوان وعلى ظلم الإنسان، وهضم حقوقه، وبَعُد فيه البشر، من أصحاب القوة، شوطا بعيدا عن هدى السماء، فضاعت في حُمَّى الأهواء فكرة الإنسانية الجامعة، التي هي أحد مقاصد الإسلام.
حسن أن نلتقي في ساحة الفكر، وإن تناءت الأجسام، وحسن أن نلتقي على هذا السمو، وليس لقاء الطعن في دين، والإصغار لأهل هذا الدين!!
نحن لا نعلم كتابا سماويا شرع جدال المخالف في الدين، ووضع الجدال منهجا يقوم على أرفع القيم، وأنبل المقاصد كما فعل القرآن الكريم، الذي رفع مجال الجدال إلى مستوى الملأ الأعلى إذ يختصمون!
فالقرآن، في مواضع متعددة، يحكى سؤال الملائكة اللَّه - تَعَالَى - عن الحكمة من خلق هذا النوع: الإنسان، واختصاصه بالخلافة في الأرض، على ما في طبيعته من الإفساد في الأرض، وما فيها من سفك الدماء.
وكانت الملائكة - فيما يرون
1 / 21
أنفسهم - أحق وأجدر بهذا الاختصاص. (الآيات ٣٠ - ٣٣) من سورة البقرة) .
٣ - والعجب من القرآن في تقرير مبدأ الجدال حين يقرر جدال الإنسان عن نفسه، مع اللَّه سبحانه، يوم القيامة!! يقول اللَّه (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) .
ويقول: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا) .
٤ - ولا يمنع القرآن الحوار في موضوع (الإيمان والدين) بل يؤسس جواز هذا الحوار، على لسان أبي الأنبياء: إبراهيم ﵊.
وإذا كنا جميعا - أصحاب الديانات السماوية - ننتمي إلى أبينا إبراهيم، ﵇، فإننا بالحوار البناء، والجدال بالحسنى، واحترام كل منا لأخيه - نجدد منهجه في الحوار الديني، حول أم حقائق الدين، والدعوة إلى الحق، وإرشاد الناس إلى اللَّه.
فإبراهيم ﵇ كما أخبر القرآن الكريم هو مؤسس الحوار الفكري حول أسس الإيمان، ومرجع الاعتقاد، ذكر القرآن عنه ذلك في أربعة مواضع، وموضع خامس.
في سورة الأنعام ٧٥/ - ٨٣. وهو حوار بلغ من حسنه أنه يبدو وكأنه حديث مع النفس، بعيدا عن طرف آخر. إنه لم يتوجه إلى مخالفيه مباشرة ليقول لهم حقيقة الإيمان وأساس الاعتقاد. وإنما سلك إلى ذلك سبيل المناجاة الذاتية، التي تتمثل في حديث الإنسان مع نفسه وهو يتلمس الطريق في حيرة البحث، وتردد الشك واليقين.
فإذا كان من قومه من يعبد الكواكب، ومنهم من يعبد القمر، ومنهم من
يعبد الشمس فقد أخذ إبراهيم يعرض هذه العقائد على نفسه واحدة واحدة.
وعندما يتبين له أنها يعتريها التغيّر، والانتقال من حال إلى حال، وما كان كذلك بطل أن يكون إلها معبودا.
يعرض كل ذلك وكأنه مجرد نظرات وتأملات تلوح له
وهو في عالم تفكره الذاتي، ويمضي في مراحل هذا التأمل الشخصي، إلى أن يصل إلى الحقيقة الكلية، التي تظهر على أنها قضية من قضايا البداهة التي لا تحتاج إلى دليل، وإنما حسبها أن يشار إليها، ويستلفت النظر إليها! تأمل ذلك في قول القرآن
1 / 22
الكريم: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣) .
وفي سورة مريم ٤١ - ٤٨ تقرأ حوار إبراهيم مع أبيه.
وفي سورة الأنبياء ٥١ - ٧٣ تقرأ حواره مع السلطة والقوة التنفيذية.
وفي سورة الصافات ٨٣ - ٩٨، حواره الكاشف عن غفلتهم، إذ يعبدون ما ينحتون.
وهناك حوار خامس له أهميته الخاصة؛ لأنه مع رأس السلطة وهو ملك البلاد، تقرأه في سورة البقرة: ٢٥٨.
ومن هذا العرض الموجز يتبين أن ذكر القرآن حوار إبراهيم لم يكن تكرارا لموضوع واحد، في مواضع متعددة، كما ظن المعترضون، في شبهاتهم، فهو مرة مع نفسه، ومرة مع أبيه، وهو صانع أصنامهم، ورأس من رءوس قومه الكافرين، ومرة مع السلطة القضائية والتنفيذية، يقيم عليها الحجة العقلية الكاشفة، حتى إنهم ليعترفون ببطلان ما يعبدون، ثم نكسوا على رءوسهم خضوعا للتقليد الأعمى. ومرة يبين أن
1 / 23
إبراهيم على ملة الدين الحق الذي جاء به رسول اللَّه نوح، ويبين لقومه وأبيه بالدليل العملي الواقعي بطلان ما يعبدون، وكاشفا عن غفلتهم إذ يعبدون ما ينحتون، وليس هناك غفلة في الاعتقاد أشد من أن يصنع الإنسان شيئا بيديه، ثم يسميه إلها يعبده.
نجد أن هذه الحوارات في مواضعها المتعددة تمثل - إذا جمعت - حوارا واحدًا
متكامل الأجزاء، يذكر القرآن منها، في كل موضع، ما يناسب سياق الموضع، وليس ذاك تكرارًا للفكرة الواحدة؛ إذ ليس في القرآن تكرارٌ أصلا، كما أن ليس فيه ما يسمى في علم النحو العربي، بعطف التفسير، فمن ظن في القرآن تكرارًا يعيبه به فإنما أتى هو من قبل سوء فهمه للقرآن.
ثم يأبى له سوء فهمه إلا أن يكشف عن عورته لمن يتهمهم.
هذا وسوف يأتي لهذه المسألة مزيد بيان في الإجابة عن
شبهتهم السادسة.
٥ - وإذا كان القرآن الكريم قد ذكر نماذج متعددات للحوار منسوبا إلى أطرافه، فإنه يذكر نموذجًا آخر غير منسوب إلى أطرافه بأعلامها المشخصة، إنما يذكر الحوار نفسه فقط، مما يوحى بأن المهم إنما هو: تقرير المبدأ، في ذاته، بصرف النظر عن أشخاصه، وذلك كما في سورة الكهف: ٣٢ - ٤٢: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (٣٢) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (٣٣) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (٣٤) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (٣٥) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (٣٦) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (٣٧) لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (٣٨) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (٣٩) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (٤٠) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (٤١) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (٤٢) .
1 / 24
٦ - وعلى منهج شيخ الأنبياء. إبراهيم سار نبينا محمد ﷺ فحاجّ المشركين فيما يعبدون، كما جاء في سورة الأعراف ١٩١ - ١٩٥: (أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (١٩٣) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٩٤) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (١٩٥) .
وحاجهم في القرآن، كما في سورة الطور: ٣٠ - ٣٦: (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٣٢) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (٣٤) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (٣٦) .
وحاجهم في النبوة، كما في سورة يونس: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (١٧) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)
1 / 25
وحاج المشركين في موضوع كوني، يتعلق بأسلافكم وتاريخكم، أيها المشبهون.
وذلك في نصر اللَّه للروم أهل الكتاب على أعدائهم من الفرس، وذلك ما سجله القرآن في الآيات الأولى من سورة الروم: (الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) .
وكذلك حاج النبي ﷺ، أهل الكتاب من اليهود والنصارى: حاجّ اليهود في أسباب التحريم في شريعتهم لبيان أنه كان عقابا لهم، كما في سورة آل عمران:
(كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٣) فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩٤) قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٩٥) .
وحاج النصارى في طبيعة المسيح وحقيقة قصته، كما في سورة آل عمران:
(إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٣٦) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٧)
1 / 26
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٨) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (٣٩) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (٤٠) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (٤١) وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (٤٢) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٤٤) إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (٤٦) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٧) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٤٨) وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٤٩) وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١) فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٥٤) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٥٦)
1 / 27