The Authentic Comprehensive Biography of the Prophet
الجامع الصحيح للسيرة النبوية
Editorial
مكتبة ابن كثير
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Ubicación del editor
الكويت
Géneros
أمتي أمتي"! وبكى، فقال الله ﷿: يا جبريل! اذهب إِلى محمد، وربك أعلم، فسله ما يُبكيك؟ فأتاه جبريل ﵊ فسأله - فأخبره رسول الله ﷺ بما قال: وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل! اذهب إِلى محمد فقل: إِنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك (١)!
أرأيت كيف بكى الرسول ﷺ شفقة علينا، ورحمة بنا؟!
أرأيت هذه العبرات التي تعجز الكلمات عن تصويرها إلا بعبرات وعبرات، ولكن أنى لنا بعبرات تقترب مجرد اقتراب من بكاء الرسول ﷺ وهو يدعو لنا!
هنا يحق لنا أن ندرس سيرته للتأسي به ﷺ .. ولكن ما كان لنا أن نقف عند هذا الحدّ مع عظمته .. فلنتقدّم إلى الأمام، إلى الناحية الإيجابيّة، إلى التأسي بالرسول ﷺ .. فهناك الكثيرون ممن يتشدّقون بالحبّ، وقد تتساقط دموعهم، حتى وهم ينحرفون بهذا الحب إلى لون من التقديس!
ذلك أنه حب عاطفي سلبي وكفى، لا صدى له في واقع الحياة والسلوك!
إن صورة الحبّ في قلوب هؤلاء لتعاني عزلة وجدانيّة عميقة، كما تعاني بُعدًا في السلوك والفهم والإدراك؛ لأنها صورة منعزلة في الوجدان .. وليست صورة حيّة متحرّكة في واقع الحياة، شاخصة في سلوك أصحابها وأفكارهم ومشاعرهم وخواطرهم وماديّاتهم وروحانيّاتهم على سواء!
ولا شك أن لهذه العزلة أسبابًا ترجع في جملتها إلى واقعنا كأمة تعيش كما نرى ونشاهد ونعايش! لا كما عاش السلف الصالح، حكمًا وتشريعًا، ودستورًا ونظامًا، حيث كانت الأسوة بالرسول ﷺ طابع الأمة، وحيث كانت الأمة تحسّ
(١) مسلم: ١ - الإيمان (٢٠٢)، والطبري: التفسير: ١٣: ٢٢٩، وابن منده: الإيمان (٩٢٤)، والبيهقي: الأسماء والصفات: ٢: ٣٤١ - ٣٤٢، والبغوي (٤٣٣٧) وابن حبان (٧٢٣٥).
1 / 225