الهمة طريق إلى القمة
الهمة طريق إلى القمة
Editorial
دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع
Número de edición
الثالثة
Año de publicación
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
Ubicación del editor
جدة - المملكة العربية السعودية
Géneros
وذكر السبكيّ (١) أن أباه الإمام تقيّ الدين (٢) «كان من الاشتغال على جانب عظيم بحيث يستغرق غالب ليله وجميع نهاره ... كان يخرج من البيت صلاة الصبح فيشتغل على المشايخ إلى أن يعود قريب الظهر، فيجد أهل البيت قد عملوا له فرّوجًا فيأكله ويعود إلى الاشتغال إلى المغرب فيأكل شيئًا حُلوًا لطيفًا، ثم يشتغل بالليل، وهكذا لا يعرف غير ذلك، حتى ذكر لي أن والده قال لأمه: هذا الشاب ما يطلب قط درهمًا ولا شيئًا فلعله يرى شيئًا يريد أن يأكله فضعي في منديله درهمًا أو درهمين، فوضعت نصف درهم، قالت الجدة: فاستمر نحو جمعتين وهو يعود والمنديل معه والنصف فيه إلى أن رمى به إليّ وقال: أيش أعمل بهذا؟ خذوه عني» (٣).
وهذا مثال على أن الفتيان إذا أحسن توجيههم وتربيتهم ارتفعوا عن الترف والتنعم، وأخذوا بأسباب المعالي والرفعة.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
«قال لي يومًا شيخ الإسلام (٤) قدس الله روحه في شيء من المباح: هذا ينافي المراتب العالية وإن لم يكن تركه شرطًا في
_________
(١) عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكيّ، أبو نصر تاج الدين الشافعيّ، ولد سنة ٧٢٧، وأمعن في طلب الحديث حتى مهر وهو شاب مع ملازمة الاشتغال بالفقه والأصول والعربية، انتهت إليه رئاسة القضاء والمناصب بالشام، وحصل له محن شديدة وهو ثابت، وكان كريمًا مهيبًا، توفي سنة ٧٧١ رحمه الله تعالى. انظر «الدرر الكامنة»: ٣/ ٣٩ - ٤٢.
(٢) علي بن عبد الكافي بن علي السبكيّ، تقي الدين، أبوالحسن الشافعيّ، ولد ب «سبك العبيد» بمصر سنة ٦٨٣، وتفقه وطلب الحديث وارتحل، ثم تولى قضاء دمشق سنة ٧٣٩، وكان ينظم كثيرًا، وشعره وسط، وله مصنفات كثيرة. توفي بالقاهرة سنة ٧٥٦ رحمه الله تعالى. انظر «الدرر الكامنة»: ٣/ ١٣٤ - ١٤٢.
(٣) «طبقات الشافعية»: ١٠/ ١٤٤.
(٤) شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، ابن تيمية، سيرته مشهورة، توفي سنة ٨٢٨ رحمه الله تعالى. انظر «الدرر الكامنة»: ١/ ١٥٤ - ١٧٠.
1 / 53