Revolución del Islam y el Héroe de los Profetas: Abu al-Qasim Muhammad ibn Abdullah
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
Géneros
صلى الله عليه وسلم .
وإذن كانت أسرة عمرو بن لحي في نظر مؤرخي العرب من أقوى الأسر المالكة وأطولها عهدا وأقدرها على الحكم وسياسة الملك «وقد قضوا خمسمائة سنة وهم حجاب البيت العتيق والقوام به وولاة الحكم بمكة، وحافظوا عليه فبقي عامرا لم يخرب فيه خراب ولم يبن فيه بناء ولم تسرق منه خشبة، بل ترافدوا على تعظيمه والذب عنه.»
وفي نظرنا أن كل هذا يشير إلى أن القرية المكية انتظمت من عهد عمرو بن لحي، وقد دخلت في طور النظام الاجتماعي، وأن ما قبل ذلك كان طور مخاض واستعداد لميلاد البلدة الجديدة ؛ فكانت حروب ورحلات وغزوات وتناحر على الماء والمرعى وقتال على السيادة. وقد استمر النظام الحكومي خمسة قرون قبل قصي، ولكن الوظائف الاجتماعية كانت لا تزال في حالة أولية، وبقي على قصي أن يكمل التشريع الذي بدأه عمرو وولده، ويخلق الوظائف الحكومية ويشيد دار الندوة ويميز بين الحمس والدخيل والضيف واللاجئ. ومنذ كانت خزاعة حاكمة على مكة كانت قريش في بني كنانة متفرقة، وقد قدم على مكة حاج قضاعة في أواخر عهد خزاعة فكان فيهم ربيعة بن حرام، وكان زوجا لفاطمة بنت عمرو بن سعد بعد أن ترملت لموت زوجها الأول كلاب، وقد رزقت منه زهرة وقصيا، فعاشا مع أمهما على مبدأ الكفالة وسيادة الأم الذي كان شائعا في تلك الفترة.
وكانت السيدة فاطمة المذكورة تكفل الولدين، وأحدهما زهرة بالغا وثانيهما قصي وهو فطيم، فلما تزوجت من ربيعة بن حرام تركت زهرة في قومه واحتضنت قصيا، وعاشرت ربيعة فولدت له زراح بن ربيعة أخا قصي لأمه.
ظهور قصي وأعماله وتبدد ظلمات التاريخ الجاهلي
وإذن شب قصي في أرض قضاعة في حضانة أمه لا ينتمي إلى أبيه كلاب، ولكن ينتمي إلى ربيعة زوج أمه، فعيره قضاعي بغموض نسبه فسأل أمه (وهذه حادثة تؤيد سيادة نظام الكفالة والأمومة) فقالت له: أنت ابن كلاب بن مرة ... بن كنانة، وقومك عند البيت الحرام وما حوله،
1
فكره قصي أن يقيم في قضاعة، وخرج إلى وطنه ووطن آبائه ليقيم به. ومعنى هذا أن قصيا عاد إلى قبيلة أبيه وترك الحرية لأمه كما فعل عبد المطلب بعد ذلك بأجيال، فترك يثرب وعاد إلى مكة وطن أبيه.
إذن كان قصي بن كلاب من كنانة، وأمه سليلة سعد بن سيل الذي كان أشجع أهل زمانه، ونشأ في قضاعة في بيت زوج أمه، وخرج إلى وطنه عائدا ككل ولد يبلغ أشده ورشده بعد أن يتم عهد الحضانة في كنف أمه؛ سواء أكانت متزوجة أو مترملة، وهي على كل حال السيدة الآمرة الناهية تكفل ابنها وتبقيه في بيتها أو ترسله، والولد لا يعرف الغيرة على أمه إذا رآها تتزوج من غير أبيه، بل يرى إخوته من أمه أقرب إليه من إخوته لأبيه؛ لأن الوالد أو الزوج عرض زائل، أما الأم فهي العنصر الباقي الذي يلم شمل الأولاد من كل الأزواج. وقد تجلت هذه الظاهرة الاجتماعية في تراجم الكثيرين من رجال العرب الذين ورد ذكرهم في العصر الجاهلي (عمرو بن العاص).
إذن خرج قصي أو عاد قصي من قضاعة وهي بلاد قصية بالنسبة إلى مكة؛ لأن أمه فاطمة اختارت أن تعيش مع زوجها في أرض عذرة من أشراف الشام.
Página desconocida