Revolución del Islam y el Héroe de los Profetas: Abu al-Qasim Muhammad ibn Abdullah
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
Géneros
ومن الحق أيضا ومن النصفة أن نقول إن أفرادا منهم كانوا أوفياء كالسموأل، وكراما كحاتم، وأهل حلم وحكمة كالأحنف، وفصحاء كقس بن ساعدة الإيادي، ولكنهم على كل حال أفراد يعدون على الأصابع، وما وصلنا من أخبارهم مضاف إليه ومضاعف، ومعروف أن السموأل كان يهوديا أخذته نعرة الوفاء لينال صيتا؛ لأن الغدر والنفاق والكفر بالأرباب والنعم وقتل الأنبياء كانت صفات موروثة في العرب وفي الكثرة الغالبة من يهود.
وعندما تعلم أن حاجب بن زرارة رهن قوسه لأنه كفل قومه أن لا يعيثوا في أرض الفرس فسادا ثم وفى للمرتهن، فأي عجب في ذلك ولم يكن حاجب بن زرارة إلا واحدا بين ألف خانوا وغدروا وحنثوا ونكصوا على أعقابهم، وقد تجد دخلاء من أصل فارسي يعبدون النار ويحتقرون العرب ويتملقونهم بالمديح؛ فهذا عبد الله بن المقفع يسأل عن أعقل الأمم (!) فيقول منافقا متزلفا: «أصحاب إبل وغنم وسكان شعر وأدم، يجود أحدهم بقوته ويتفضل بمجهوده ويشارك في ميسوره ومعسوره، ويصف الشيء بعقله فيكون قدوة، ويفعله فيصير حجة، ويحسن ما شاء فيحسن ويقبح ما شاء فيقبح، أدبتهم أنفسهم ورفعتهم هممهم وأعلتهم قلوبهم وألسنتهم فلم يزل حباء الله فيهم وحباؤهم في أنفسهم (أسواق الذهب، ص400).»
فهذا الرجل قال في المربد وهو مألف الأشراف ونادي الأرستقراطية، وهو الذي فتح الحديث أمام شبيب بن شيبة أحد بلغاء العرب وجليس الملوك ومعه أخدان وأشباه، قال: فلما سمعنا منه هذا ضحكنا جميعا، فقال عبد الله أما إني ما أردت موافقتكم، ولكن إذ فاتني حظي من النسبة فلا يفوتني حظي من المعرفة (!).
وقال عن الفرس، وهم شعبه وأمته وقومه وأهل ملته ونحلته: «إنهم ملكوا كثيرا من الأرض ووجدوا عظيما من الملك وغلبوا على كثير من الخلق ولبث فيهم عقد الأمر فما استنبطوا شيئا بعقولهم ولا ابتدعوا باقي حكم لأنفسهم!»
هذا الرجل الذي لا يرفقنا به إلا مصرعه في مقتبل العمر وترجمته كليلة ودمنة نشأ من أبناء الفرس بالبصرة، وكان أبوه مجوسيا، وبقي عبد الله نفسه أكثر أيامه على دين المجوسية ثم أسلم في آخر أيامه (توفي سنة 142ه، وعمره ست وثلاثون سنة، وهو سن النوابغ). أيعقل أن ينتقص قومه إلى هذا الحد؟ فينكر عليهم علومهم وآدابهم وهو بها جد عليم وفنونهم الرفيعة وسيادتهم المحكمة وتدبيرهم الواسع ولا سيما قبل الإسلام، وكان منهم من غزا آسيا وأفريقيا وبعض أوروبا، وكانت دولتهم نموذجا احتذاه العرب في سائر شئونهم.
وهو في مديحه المنثور لم يذكر رأس الخير وسيد العرب والعجم بكلمة، بل اكتفى بقوله: «حتى رفع لهم حباؤهم الفخر وبلغ بهم أشرف الذكر وختم لهم بملكهم الدنيا على الدهر!» زمزه يا عبد الله، ألم يملك الروم والفرس هذه الدنيا قبل العرب؟! لقد كذبت على التاريخ وعلى الحق وعلى نفسك ومستمعيك الكرام!
وتجد في غير أسواق الذهب على لسان رجل من الطائف «أن للعرب أنفسا سخية وقلوبا جرية ولغة فصيحة وألسنا بليغة وأنسابا صحيحة وأحسابا شريفة.» فيسمع كسرى هذا القول باسما؛ لأنه قد كون فكره فيهم قبل أن يسأل الرجل، إنما دعاه للسمر، وليصف له محاسن النساء (بلوغ الأرب، ص327، ج3) فيضحك كسرى حتى تختلج كتفاه، وهو أعلم بأخلاق عرب الجاهلية من مادحيهم.
كان فيهم كرام كحاتم ومعن بن زائدة، ولكن هذا الأخير لم يجد قط بعشر ماله، وقد بزه في الكرم عبد أسود تبعه ليعتقله وهو هارب من وجه الملك، فحاول معن رشوته بجوهر قيمته ألف دينار فقال له العبد: «أنا والله رجل فقير ورزقي عشرون درهما وهذا الجوهر قيمته ألف دينار وقد وهبته لك ووهبتك لنفسك ولجودك المأثور بين الناس، ولتعلم أن في الدنيا من هو أجود منك؛ فلا تعجبك نفسك ولتحقر بعد هذا كل شيء تفعله ولا تتوقف عن مكرمة.» ثم رمى بالعقد إليه وخلى خطام الجمل وانصرف (نهاية الأرب، ص211، ج3). ولم يأت هذا العبد بخير مما فعل حوذي مع فيكتور هيجو وهو هارب من وجه نابوليون الثالث سنة 1851 (انظر ص4، تاريخ جريمة تأليف فيكتور هيجو) فقد خفف لحيته وأخفى وجهه بقبعة سميكة وتزيى بزي عامل وركب عربة إلى محطة الحديد وكان نابوليون وضع لرأسه ثمنا مائة ألف فرنك، فلما بلغ ترجل ودفع للحوذي الفقير أجره مضاعفا فأباه وقال: «مثلي على فقره، لا يقبل من موسيو هيجو أجرا على نقله!» فأسقط في يد الشاعر الثائر، ولكن الحوذي حياه وحث خيله على السير. فإذا كان الأسود قد أخجل معنا حتى قال: «والله فضحتني! ولسفك دمي أهون علي مما فعلت! فخذ ما دفعته إليك فإني عنه في غنى. فضحك ثم قال: أردت أن تكذبني في مقامي هذا! فوالله لا آخذه ولا آخذ لمعروف ثمنا أبدا. ومضى» فقد والله بزهما الحوذي الفرنسي وهو على شفا الجوع وبين يديه جائزة تغنيه وأحفاده، ولكن وطنيته ومروءته وشرف نفسه أبت عليه الخيانة في سبيل المال الذي رصده الإمبراطور المغتصب ثمنا لرأس الشاعر الثائر ودمه. وهذه قصة صحيحة بسند تاريخي، وقصة معن رواية أدبية حبذا لو صدق راويها!
أكان بنو إسماعيل أول من عبد الحجارة؟
في رواية بعض مؤرخي العرب وأهمهم الأزرقي أن بني إسماعيل لما خرجوا من مكة للأسباب الاقتصادية أو السياسية التي ذكرناها، احتملوا معهم من حجارة الحرم تعظيما له وصبابة بمكة وبالكعبة، حيثما حلوا وضعوا فطافوا به كالطواف بالكعبة إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة، فلما خلفت الخلوف وتباعدت الأنساب نسوا ما كانوا عليه من دين إبراهيم واستبدلوا غيره به فعبدوا الأوثان، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم، ومنهم جماعة يتنسكون، وقد مزجوا بين عبادة الأوثان وبين بقايا دين إبراهيم فيحجون ويعتمرون ويقفون بعرفة والمزدلفة، وأدخلوا في هذا الدين ما ليس منه. وبعبارة أخرى صار دينهم مزيجا من بقايا دين إبراهيم وشعائر الحج ومن عبادة الأحجار والأصنام؛ فاندثرت الحنيفية شيئا فشيئا إلى أن زالت تماما، ورأى عمرو بن لحي أن يعوضهم عنها عبادة الأوثان فنصبها حول الكعبة بعد أن جلبها من خارج الجزيرة. ومن الصور الطريفة التي وصفها القصاصون واستقى منها دانتي وأمثاله أن عمرا سيكون في جهنم لابسا على رأسه فروة وهو يجر أمعاءه وراءه، ويسأله النبي
Página desconocida