Revolución del Islam y el Héroe de los Profetas: Abu al-Qasim Muhammad ibn Abdullah
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
Géneros
ومنهم من يعلم نبأ زواج مخطوبته من غراب يفحص التراب بوجهه (الأغاني، ص34، ج9)!
فقلت له ماذا ترى في سوانح
وصوت غراب يفحص الوجه بالترب
فقال جرى الطير السنيح يبينها
ونادى غراب بالفراق وبالسلب
ولم نذكر هذين البيتين إلا لأنهما من شعر كثير المسكين مفتون عزة، فلما يئس منها وكان عاشقا معدما أحب ثيبا من خزاعة اسمها أم الحويرث فضحكت عليه! ومن أعظم البلاء أن هذه المعتقدات تأصلت في نفوس العرب وتغلغلت في وجدانهم حتى أدركتهم في الإسلام فلم يعرفوا كيف الخلاص منها (ديوان الحماسة، ص31، ج1) وقيل إن غرابا بشر بموت الحجاج (الفرج بعد الشدة، ص114، ج1). ولم يكن الزجر خاصا بالطير إنما هو لون منه، وأصل الزجر العيافة والتكهن، والزاجر بمثابة المنجم والساحر والمنبئ بالغيب والمتحدث عن المستقبل (المحاسن والمساوئ، ص349).
وكانت نفوسهم مشربة بالشر مولعة بالإجرام؛ فمنهم غربانهم وهم صعاليك سود الوجوه اشتهروا بالقتل وسفك الدماء (ورد ذكرهم في الكلام على عنترة) ومنهم قطاع الطرق (أهل الكنيف، ص67، كتاب الشهاب الراصد) ومنهم مشهورو العدائين والسراق (تأبط شرا وأمثاله) ومنهم خاطفو النساء بغير حرب، والخطف غير السبي؛ فإنه لما مات ليث بن مالك أخذت بنو عبس فرسه وسلبه ثم مالوا إلى خبائه فأخذوا أهله وسلبوا امرأته خماعة بنت عوف بن محلم، وكان الذي أصابها شقيان، هما عمرو بن قارب، وذؤاب بن أسماء، وكانت حياة النساء معرة على الأخلاق؛ لأنها ما زالت تستمتع بحقوق الحضانة وسلطان الأم (ماترياركا) حتى مع أفضل الرجال كما حدث لحاتم طيء مع زوجه ماوية؛ فقد لبثت عنده زمنا ورزقت منه أولادا كبارا، ولكنها كانت امرأة لعوبا فاحتال عليها ابن عم حاتم وأغراها فلم يزل بها حتى طلقت حاتما. جاء في ذيل الأمالي للقالي (ص153) ما نصه - وهو يؤيد نظرية الحضانة والأمومة: وكان النساء أو بعضهن يطلقن الرجال في الجاهلية، وكان طلاقهن أنهن يحولن أبواب بيوتهن، إن كان الباب إلى المشرق جعلته إلى المغرب، وإن كان الباب قبل اليمن جعلته قبل الشام! فإذا رأى ذلك الرجل علم أنها قد طلقته فلم يأتها!
وما زال هذا الحق في الإسلام إلى يومنا هذا، فالمرأة الغنية أو القوية أو الفاجرة تحتفظ بعصمتها؛ أي حق تطليق زوجها متى شاءت. وفي الغالب أن اللواتي يطلقن أزواجهن في هذا العصر يغيرن باب الخباء قبل الطلاق بزمن طويل دون أن يلحظ الزوج المنكوب!
وكانوا أسوأ ما يحكمهم الملوك المستبدون كالنعمان بن المنذر الذي جعل لنفسه يوم نعيم ويوم بؤس ليظهر طغيانه وجبروته ويتصرف في عباد الله تصرف الخالق في مخلوقاته فيسعد ويشقي ويحيي ويميت.
حتى قال: «والله لو سنح لي في هذا اليوم القابوس (وهو ابنه) لم أجد بدا من قتله» (أمثال الميداني، ص46، ج1). فلا يجد من يحاسبه ولا من يردعه أو يزعه، فإذا خاف الرادع أو الوازع من هجاء شاعر أو سوء سمعة (لا من ضمير أو دين وعفة) احتال وغدر، كما وقع من عمرو بن هند الذي آل إليه الملك بعد قتل أبيه وقد ولي إمارة الحيرة من سنة 563-578م، في غدره بالمتلمس وابن أخته طرفة بن العبد، وقد صار حديث «صحيفة المتلمس» مثلا كصفحة من كتاب ماكيافلي، وقد ذهب ضحيتها طرفة بن العبد وهو ما زال في مقتبل العمر وميعة الشباب تغريه الآمال وتزجيه المطامع (بلوغ الأرب، ص374، ج3). وقد يحسد الملك أحد رعيته كما نفس النعمان على سعد بن مالك فصاحته وذرب لسانه فأمر وصيفه بلطمه ثلاثا، وإنما أراد أن يتعدى في القول فيقتله فهو يحرض فردا من الخاضعين لظلمه على جريمة العيب في ذاته الملكية فيعاقبه بالقتل على جناية هو الفاعل الأصيل فيها! فكان يستفزه ليبطش به (الأمثال، ص33، ج1). وهذا قليل من كثير من معرات هذه الأمة الجاهلية.
Página desconocida