Revolución del Islam y el Héroe de los Profetas: Abu al-Qasim Muhammad ibn Abdullah
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
Géneros
وأنذر عشيرتك الأقربين (سورة الشعراء).
فخرج حتى علا المروة ثم قال: يا آل فهر. فجاءته قريش، فقال أبو لهب بن عبد المطلب: هذه فهر عندك. فقال: يا آل غالب. فرجع بنو محارب وبنو الحارث ابنا فهر، فقال: يا آل لؤي. فرجع بنو تيم الأردم بن غالب، فقال: يا آل كعب بن لؤي. فرجع بنو عامر بن لؤي، فقال: يا آل مرة بن كعب. فرجع بنو عدي بن كعب وبنو سهم وبنو جمح أبناء عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي، فقال: يا آل كلاب بن مرة. فرجع بنو مخزوم بن يقظة بن مرة وبنو تيم بن مرة، فقال: يا آل قصي. فرجع بنو زهرة بن كلاب، فقال: يا آل عبد مناف. فرجع بنو عبد الدار بن قصي وبنو أسد بن عبد العزى بن قصي وبنو عبد قصي، فقال أبو لهب: هذه بنو عبد مناف عندك فقل. فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : «إن الله قد أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، وأنتم الأقربون من قريش، وإني لا أملك لكم من الله حظا ولا من الآخرة نصيبا إلا أن تقولوا لا إله إلا الله فأشهد بها لكم عند ربكم وتدين لكم بها العرب وتذل لكم بها العجم».» (ص53-54، ج1، طبقات ابن سعد).
حياة الجاهلية في ضوء البحوث التاريخية والاجتماعية
حياة الأمم كحياة الأفراد، عبارة عن مسابقة شاقة ينال فيها كل بحسب استعداده وعلى قدر اجتهاده. ومن حيث إننا نتكلم عن الشعوب لا على الأفراد، وعلى الوسائل التي تتوسل بها هذه الشعوب لأجل النهوض من الحضيض الأوهد إلى السنام الأمجد، كان بديهيا أن نقول إن رأس وسائل النجاح في هذه المسابقة هو العلم والأخلاق، ليس في ذلك نزاع.
ولا تكون حضارة بغير علم وأخلاق، ولا مدنية بغير أرزاق مضمونة، ومعايش مكفولة في أرض خصيبة، وأن يكون الشعب على نصيب من الذكاء والفطنة ومكارم الأخلاق والاستعداد للتقدم؛ فكان عرب الجاهلية مضرب الأمثال في الجهل والغفلة وسوء الخلق حتى وصلت أخبارهم إلى الملوك، فتحدثوا بها وأثبتوها في سجلاتهم وجبهوا بها أعيان العرب ورؤساء وفودهم في عواصمهم.
قال كسرى مخاطبا حاجب بن زرارة سيد بني تميم: «إنكم - معشر العرب - غدر، حرصاء على الفساد، فإن أذنت لهم أن يكونوا في حد بلادي حتى يعيشوا ويحيوا، أفسدوا البلاد وأغاروا على الرعية وآذوهم» (انظر بلوغ الأرب، ص123، ج1). وقال كسرى نفسه لغيلان بن سلمة الثقفي الشاعر الجاهلي: «أنت من قوم جفاة لا حكمة فيهم، فما غذاؤك؟» قال: «خبز البر!» قال: «هذا العقل من البر لا من اللبن والتمر» (العقد الفريد، ص175، ج1). وقال كسرى للحارث بن كلدة: «فما تصنع العرب بطبيب مع جهلها وضعف عقولها وسوء أغذيتها؟ ولو عرفت الحلم لم تنسب إلى الجهل!» فلم يعترض الحارث على تلك الصفات، بل قال: «إن كانت العرب كذلك فهي أحوج إلى من يصلح جهلها وضعف عقولها ويقيم عوجها ويسوس أبدانها ويعدل أمشاجها» (بلوغ الأرب، ص328، ج3). فهذه شهادة كسرى أعظم ملوك زمانه، بل من أعظم ملوك العالم في حق عرب الجاهلية، أداها عن خبرة.
وقد كانوا من الفاقة وسوء الحال في معظم أوقاتهم بحيث تتوالى الجدوبة والقحط على القبائل سنوات عدة حتى يكادون يهلكون وإن لم يكن الذنب في ذلك ذنبهم، غير أن الجوع والإملاق كانا يحولان بينهم وبين المدنية (نقائض جرير والفرزدق، ص462، ج1). وكانوا طغاة بغاة جناة سراقا شواذ، يقطعون الطريق ويسطون على الضعفاء ويفتخر أحدهم بالجنايات على أهله والخلاعة والفتك فيسير ذكره في القبائل ويفتخر به (انظر «فتكة البراض» في ابن الأثير، ص360، ج1) وكان معظم أدبهم أدب معدة (على حد تعبير الأستاذ أحمد أمين)؛ فقد جاء في الأغاني، ص113، ج9، أن عمة المحلق، وهو لقب عبد العزى بن حنتم بن كلاب بن ربيعة، وكان مفلسا فقالت له: «يا ابن أخي، هذا الأعشى (ميمون بن قيس أحد الأعلام من شعراء الجاهلية وفحولهم، هلك مشركا قبل الفتح بعام) قد نزل بمائنا، وقد قراه أهل الماء، والعرب تزعم أنه لم يمدح قوما إلا رفعهم ولم يهج قوما إلا وضعهم، فانظر ما أقول لك واحتل في زق من خمر عند بعض التجار وأرسل إليه بهذه الناقة والزق وبردي أبيك، فوالله لئن اعتلج الكبد والسنام والخمر في جوفه ونظر إلى عطفيه في البردين ليقولن فيك شعرا يرفعك به.» فكان كما نصحت العمة إلى ابن أخيها، وقال أعشى قيس في المحلق بن حنتم شعرا لم يقل قط مثله، وهو الذي فيه:
أرقت وما هذا السهاد المؤرق؟
وما بي من سقم وما بي معشق!
Página desconocida