La Revolución Cultural China: Una Introducción Muy Corta
الثورة الثقافية الصينية: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
ما العلاقة بين الثورة الثقافية والصين التي حققت طفرة جديدة في اقتصادنا العالمي المعاصر؟ تشير الروايات التقليدية إلى أن الثورة الثقافية كانت الطرف المقابل للعولمة، وأن فوضى الخوف من الأجانب والدمار الاقتصادي اللذين استمرا على مدى عقد كامل لم يصححا إلا حين أدرك دنج شياو بينج الواقع بحكمة وحصافة، وأعاد دمج الصين في الاقتصاد العالمي.
أما علاقتها بالإصلاحات، فهو أمر أكثر تعقيدا. فقد كانت الثورة الثقافية، خاصة في مرحلتها الراديكالية المبكرة، قد سجلت ارتفاعا في حدة التعصب والحماس في مقاومة الرأسمالية العالمية. وبالطبع سوف يحتفل المنتصرون الغربيون بدحر هذه المقاومة، غير أن تفسير التغيرات في الصين بأنها مجرد استجابات للغرب يظل تفسيرا غير دقيق ونرجسيا.
وعلى كل أخطائهم الفادحة، فقد أقام الماويون منشآت تحتية وموارد بشرية كانت أساسية ولا غنى عنها للنمو السريع الذي حدث لاحقا. والتقليل من شأن إسهامات الثوريين الذين جروا أمتهم للاندماج في العالم الحديث، وقضوا على الأمية، وكافحوا الأمراض المزمنة، ووضعوا البنية التحتية للتصنيع، هو ضرب من الحمق والضلال؛ فعلى الرغم من العيوب الكثيرة التي شابت الصين الماوية، فإن الانتعاش الاقتصادي اللاحق يبني أيضا على إنجازاتها، بما في ذلك التحرر القومي والاجتماعي.
وعلى الرغم من أن الثورة الثقافية كان من الممكن أن تبلي بلاء أفضل في الاقتصاد، فمن التضليل أن نعتبرها مجرد عقد ضائع بالنسبة لتطور الصين. وقد وجدت الصين فرصا دولية أعظم بعد الثورة الثقافية عن ذي قبل، وعاد التكامل والاندماج بين الصين والرأسمالية العالمية حين طلبت الأخيرة الاستعانة باحتياطيات الصين الهائلة من العمالة، وهو ما لم تفعله في النطاق الأصغر للاقتصاد العالمي في منتصف الستينيات.
تبلورت الليبرالية الجديدة في جزء منها كرد فعل للمقاومة ضد الرأسمالية العالمية في فترة الستينيات والسبعينيات، وكان الاتجاه إلى العمالة الصينية المنظمة، والمتعلمة، وغير المكلفة مثيرا للسخرية؛ فقد استخدمت الشركات في الولايات المتحدة، وأوروبا، واليابان الإنتاج الخارجي في الصين لتأديب العمال في بلادهم عن طريق التهديد بفقدان وظائفهم، في ظل ركود الأجور وضعف النقابات العمالية.
وبغض النظر عن مدى التحرر الذي طال الاقتصاد جراء برنامج الإصلاح، فقد ظل مغامرة موجهة من قبل الدولة وليس فتحا ساذجا لأبواب الصين أمام الرأسمالية. لقد كونت ثورة الصين، بما فيها الثورة الثقافية، حركة طويلة المدى لتقوية الصين من أجل المنافسة في العالم الأوسع، وكان تأجير ذخيرتها من العمالة الرخيصة للرأسمالية العالمية استراتيجية محسوبة، مثلما كان الحال مع الجهود الماوية الأولى لتسخير نفس هؤلاء العمال من خلال الحملات السياسية.
استفادت الصين بقوة من هزيمة الفيتناميين للولايات المتحدة؛ إذ أجبر الأمريكيون على إعادة تقييم استراتجيتهم الآسيوية، مما خلق ثغرة لماو لتخفيف عزلة الصين. كانت إصلاحات دنج شياو بينج في حقبة ما بعد ماو ضخمة، لكنها خرجت من رحم سياسات ماو، وشو إن لاي، ودنج شياو بينج ذاته خلال الثورة الثقافية. ومع مشارفة الثورة الثقافية على الانتهاء، أتاح انفراج التوتر مع الولايات المتحدة القيام بتجارب اقتصادية أكبر، وارتفاعا منتظما في التجارة الخارجية.
إن هذا لا يعني أن ماو كان يقود دفة الصين بدراية على المسار الذي اتبعته منذ وفاته. لقد كان ماو في شدة الوجل والقلق من ممثلي الرأسمالية الذين «تسللوا» إلى مواقع السلطة، كما أوضح في إعلان 16 مايو الذي أعلن عن بداية الثورة الثقافية: «بمجرد أن تكون الظروف مهيأة، سوف يستولون على السلطة السياسة ويحولون ديكتاتورية البروليتاريا إلى ديكتاتورية البرجوازية. لقد كشفنا بعضهم بالفعل، ولكن لم نكتشف البعض الآخر. لا يزال البعض منهم يحظى بثقتنا ويدربون ليكونوا خلفاءنا؛ فلا يزال أشخاص، مثل خروشوف على سبيل المثال، قابعين بجوارنا.»
خلال زيارة للصين إبان الثورة الثقافية، استقل أكاديمي أمريكي ومستشار تجاري القطار من هونج كونج بصحبة صحفيين من إحدى المجلات الأمريكية الراديكالية، ولدى وصوله إلى الصين، ابتهج كثيرا حين رأى صحفيي الجناح اليساري يقتادون لاستقلال حافلة صغيرة، بينما اصطحب هو في سيارة ليموزين، فيما اعتبر مؤشرا لتغيير وشيك.
كان الاستثمار الأجنبي، بالنسبة للصين، يتطلب وضع قيود على المؤسسات الاشتراكية، وكان شعار «الاعتماد على النفس» أقرب لرونالد ريجان أو مارجريت تاتشر منه لماو. وقد أسقط الشعار، ولكن المفهوم طبق على العمال الصينيين بشكل فردي، وتم تفكيك النظام الجماعي في الزراعة بحلول عام 1983، وبعدها بفترة قصيرة، استعانت بعض المصانع بأجانب لأداء العمل «التطوعي» الذي طلبته الدولة، مما أظهر الخواء المتزايد الذي أصاب الاشتراكية. وأصبحت سياسة «صحن الأرز الحديدي» التي تضمن الوظيفة مدى الحياة، والتي اعتبرت يوما ما أحد إنجازات دولة العمال، عقبة أمام المنافسة في الاقتصاد العالمي. وأسفر الانفتاح على التجارة الخارجية، والخصخصة، والاستثمار الأجنبي عن نمو سريع في الدخول، وأصبحت الصين أقل فقرا إلى حد كبير، ولكنها أيضا صارت أقل مساواة وسلبية سياسيا.
Página desconocida