ثم انبرى صاحب الصولة فيرومارس وقال: لا تتسرعوا يا إخوان، لم نزل في أول الجهاد، لم يزل النصر للمستقبل.
فقال ميديوموس: لم أعن أن جهادنا قد انتهى هنا، ولا أن مهمتي قد انتهت؛ لأن عملية الاستعمار لو نجحت لباء وزراؤكم بالفشل، ولكن يستحيل أن تنجح ما دام نجاحها لقوم لا يكون إلا على حساب هلاك قوم آخرين؛ ولذلك كاد حمير المطامع يفطنون إلى أن الوطن المعبود إن هو إلا آلة في أيدي القادة، كما كان الدين المفسود آلة في أيديهم؛ لأن إله الوطن ولد إلها جديدا أقوى من كل إله؛ إله المال، والفضل في ولادته لدهاء زميلنا صاحب الأبهة أرجنتوس وزير المال، وهو يشرح لكم لاهوته.
فوقف أرجنتوس وقال: أشكر لصديقي صاحب الحنكة ميديوموس تنويهه هذا، فهو قد استمر بتمهيد الطريق الذي شقته لنا سيدتنا ذات الدهاء، وأرجو أن لا تظنوا أن عمله قد انتهى هنا.
فقالت فينوموس: إني عالمة أن صاحب الحنكة ميديوموس لم يشرح لنا تفاصيل عمله، وإنما أجمل نقطه الأساسية، فأرجو منه أن يتم شرحه.
فقال ميديوموس: كنت أعتمد في عملي دائما على سلاح الشهوات، ولم يبق من نقطه الأساسية شيء غير مشروح سوى نقطة واحدة، وهي أني كنت أقيم من أمكر أهل الأرض سفراء لنا ينفذون دسائسنا؛ ولذلك أنشأت نظام الجاسوسية، ووكلت أمره لهؤلاء السفراء الذين خدموا جهادنا جليل الخدم، ولا متسع لذكر أبطالهم وخدمهم، وإنما أذكر واحدا منهم كان أدهى الدهاة، وقد استشهد في سبيل خدمه، وجاء إلينا يستقيل من منصبه بالرغم منه، فأقدمه لكم عسى أن تكافئوه جزاء عمله وتشجيعا لغيره، هو الأخ رسبوتين الراهب الروسي الداهية العظيم.
وأومأ ميديوموس إلى رسبوتين، فتقدم هذا، وقدمه إلى الرئيس بعلزبول قائلا: بارك يا سيدي عبدك الأمين.
فبسط بعلزبول يده قائلا: مرحى مرحى يا عزيزي رسبوتين، باسم دولة جهنم أشكرك وأمنحك الجنسية الجهنمية وأرقيك إلى رتبة رجيم، وأقلدك حسام الرجامة، فأنت منذ الآن في مصف الرجماء، ولك جميع حقوق الرجامة الجهنمية.
فقبل رسبوتين يدي بعلزبول وغمغم بكلمة شكر، ورمق فينوموس بنظرة حادة، فبسطت له يدها فقبلها قبلة حارة.
عند ذلك قال بعلزبول: نسمع الآن تقرير عزيزنا صاحب البهاء أرجنتوس وزير المال.
الفصل السادس
Página desconocida