مقارنة بين بعض الصلوات وبعض المزامير، فاتفقت المعاني بينهما اتفاقا لا ينسب إلى توارد الخواطر والمصادفات، ومن أمثلتها قول إخناتون:
إذا ما هبطت في أفق الغرب أظلمت الأرض كأنها ماتت، فتخرج الأسود من عرائنها والثعابين من جحورها.
ويقابله المزمور الرابع بعد المائة وفيه: «إنك تجعل ظلمة فيصير ليل يدب فيه حيوان الوعر وتزمجر الأشبال لتخطف ولتلتمس من الله طعامها.»
ويمضي المزمور قائلا: «تشرق الشمس فتجتمع وفي مآويها تربض، والإنسان يخرج إلى عمله وإلى شغله في المساء ... ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت، والأرض ملآنة من غناك وهذا البحر الكبير الواسع الأطراف ... وهناك دبابات بلا عدد صغار مع كبار، هناك تجري السفن، ولوياثان - التمساح - خلقته ليلعب فيه ...» «ومثله في صلوات إخناتون: ما أكثر خلائقك التي نجهلها! أنت الإله الأحد الذي لا إله غيره، خلقت الأرض بمشيئتك وتفردت فعمرت الكون بالإنسان والحيوان الكبار والصغار ... تسير السفن مع التيار وفي وجهه وكل طريق يتفتح للسالك لأنك أشرقت في السماء، ويرقص السمك في النهر أمامك وينفذ ضياؤك إلى أغوار البحار، وتضيء فتزول الظلمة ... وقد أيقظتهم فيغتسلون ويسعون ويرفعون أيديهم إليك ويمضي سكان العالم يعملون».
وأيا كان مصدر هذه المزامير المتشابهة، فالواقع المقرر أن إخناتون سبق داود بأكثر من ثلاثة قرون، وأن العبريين لم ينشئوا هذا المذهب في الصلوات الدينية قبل شعوب العالم في جوارهم، ولا في غير ذلك الجوار. •••
على أن الجوار الملاصق لمساكن العبريين حيث تنقلوا بين أرض آرام وأرض كنعان لا يشير إلى غير علاقة واحدة بينهم وبين جيرانهم، وهي علاقة التابعين بالسابقين عليهم في الثقافة الدينية على التخصيص، وفي الثقافات الفكرية على الإجمال.
فمن قبل أيام موسى كان النبي العربي «أيوب» في أرض تيماء يدين بالتوحيد وينكر عبادة الكواكب والأوثان، ويدعو إلى المساواة بين الحر والعبد قائلا متسائلا: أليس صانعي في البطن صانعه وقد صورنا واحد في الرحم؟
والشراح ومؤرخو العهد القديم متفقون على سبقه إلى نزاهة التوحيد وتفضيل كتابه في هذا المعنى على كتب الأنبياء أصحاب الأسفار في العهد القديم، ومن هؤلاء الشراح إسرائيليون كالمستشرق مرجليوت الذي يقول في كتابه عن العلاقات بين العرب والإسرائيليين: «إن أسلوب المتكلمين عن التوحيد في هذا السفر أنزه من أسلوب الأنبياء الإسرائيليين الذين كانوا يضطربون في بيئة وثنية، خلافا للمتكلمين في سفر أيوب؛ فإن البديل من الوحدانية عندهم هو الإلحاد والجحود.»
ويحقق بعض المؤرخين زمان أيوب - عليه السلام - بمراصد الفلك مما ذكره في أسماء النجوم والمنازل كالنعش والجبار والثريا ومخادع الجنوب وعين الثور، وقلب العقرب، فيرجحون على رأي أشهرهم هالس
Hales
Página desconocida