{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا، ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا} هذا عطف على ما تقدم من قوله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} وقد تضمن هذا الكلام النهي عن قتل الأولاد خشية الإملاق :وهو الفقر؛ لأن الجاهلية كانوا يئدون البنات خشية الفاقة، وخشية نكاحها غير الكفء.
قال الحاكم: ويدخل في هذا قتل الأجنة في البطن بالأدوية.
وفي الآية: دلالة على كبر هذه الخطيئة، والنهي عن الزنا، وذلك معلوم تحريمه، ضرورة من الدين، والنهي عن قتل النفس التي حرم الله، وذلك أيضا معلوم تحريمه.
وقوله تعالى: {إلا بالحق}
يعني : - سبب - خصلة تبيح القتل؛ وذلك نحو ما ورد في الحديث: ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزنى بعد إحصان، وقتل نفس بغير حق)) ففي هذه الأشياء ليست بمحرمة، وكذلك القتل مدافعة، والبغي على الإمام، ونحو ذلك مما حصل فيه دليل الإباحة.
وقوله تعالى:{فقد جعلنا لوليه سلطانا}
وذلك الولي : هو الوارث.
وبيان السلطان : ما ورد في الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إن شاءوا قتلوا وإن شاءوا أخذوا الدية)). واستدل أبو حنيفة بهذه : على أنه يقتل الحر بالعبد، وهذا محتمل . وإن دخل في العموم فهو مخصص بقوله تعالى:{الحر بالحر}
وقوله تعالى:{فلا يسرف في القتل} في ذلك وجوه للمفسرين:
الأول: أنه راجع إلى الولي، بمعنى أنه لا يقتل غير القاتل، ولا يقتل الجماعة بالواحد، كما كانت الجاهلية تفعل.
وقيل: لا يمثل بالقاتل.
وقيل: نزلت في أهل مكة، كانوا يقتلون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقيل: إن هذا راجع إلى القاتل الذي هو الظالم.
وقيل: لا يسرف في القتل بأن يقتل برجل ليس بولي له.
وقوله تعالى:{إنه كان منصورا}
يعني الولي، وذلك بما جعل له من الولاية في القصاص، أو أخذ الدية.
Página 158