واعلم أن مذهب أئمة أهل البيت - عليهم السلام- ,والشافعي ,ومالك :تحريم ما أسكر كثيره وقليله من الخمر وغيره، لما ورد من صريح الأخبار نحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما أسكر كثيره فقليله حرام)) وغير ذلك.
وقال أبو حنيفة: دون المسكر من غير الخمر حلال، واحتجوا بظاهر الآية وبما رواه البخاري عنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((حرمت الخمر لعينها والسكر من غيرها)).
قلنا: قد روي والمسكر من غيرها.
قالوا: روي عن ابن مسعود أنه قال: شهدت تحريم النبيذ كما شهدتم، ثم شهدت تحليله فحفظت ونسيتم.
وعن أبي موسى بعثني النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنا ومعاذ إلى اليمن فقلنا: يا رسول الله إن بها شرابين من البر والشعير أحدهما يقال له المزر، والآخر يقال له البتع، فما نشرب؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((أشربا ولا تسكرا)) هكذا في النهاية.
قلنا: هذا لا يعارض الصريح وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم ((ما أسكر كثيره فقليله حرام))، وأيضا فإنا نعضد ما قلنا بالقياس على دون المسكر من الخمر، وأيضا فإن نقول كل مسكر خمر كما ورد في الخبر.
قال جار الله: وقد صنف شيخنا أبو علي الجبائي غير كتاب في تحليل النبيذ، فلما شيخ وأخذت منه السن قيل له: لو شربت منه ما تتقوى به فأبى، فقيل له: فقد صنفت في تحليله؟ فقال: تناولته الدعارة فسمج في المروة، وأراد بالدعارة: أهل الفسق ,والخبث .
والسكر، يطلق على الشراب المسكر ,ويطلق على المصدر، ويطلق على الطعم، قال الشاعر:
جعلت أعراض الكرام سكرا
ويطلق على السكون فيقال: ليلة ساكرة أي : ساكنة،
وقوله تعالى: {ورزقا حسنا}.
قيل: أراد بذلك ما حل كالرب (1) ,والخل ,والتمر ,والزبيب ,:عن ابن عباس، وابن مسعود، وغيرهم.
وقيل: السكر: ما يشرب, والرزق :ما يؤكل.
Página 121