نعم، إن الحياة أشد تعقيدا من صيغة جبرية، ولكن هل نحن ملزمون بالإذعان لقواها العميقة الغامضة؟ أم على العكس الواجب علينا أن نفهمها وأن نفيض عليها نورا وعقلا ونرفعها إلى مستوى العقل؟
أعتقد أنا أنه ما من زمن كان أنسب لرسالة ديكارت اليوم؛ أي من عصر أنكر فيه الفكر الإنساني قيمته أنه مجرد صورة للمجتمع أو مجرد وظيفة للحياة؛ عصر عاد العالم فيه إلى القلق، فرأينا الإنسان يطلب بكل ثمن يقينا جديدا يشتريه مغتبطا بحريته وحرية عقله، عصر تجددت فيه الأساطير وقامت سلطات معصومة فوجب علينا أكثر من أي وقت مضى الطاعة لوصية ديكارت التي تحظر علينا أن نسلم إلا ما نرى بوضوح أنه حق، والأمانة لرسالة ديكارت التي إذ نعلن ما للعقل والحقيقة من قيمة عظمى تحظر علينا الإذعان لسلطان مهما يكن ما خلا العقل والحقيقة.
Página desconocida