360

Facilitación de la Exégesis

تيسير التفسير

Géneros

[5.91]

فدعاه فقرأه عليه، فقال: انتهينا يا ربنا، وقال صلى الله عليه وسلم

" من كان عنده شئ من الخمر فلا يطعمها ولا يبعها "

أكد الله جل وعلا تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام بالجملة الاسمية وبالحصر بإنما المفيدة قصرهن على صفة هى كونهن رجسا كائنا من عمل الشيطان قصر موصوف على صفة، كأنه قيل ليس لهن من الصفات إلا كونهن رجسا من عمل الشيطان، وأكد تحريمهن أيضا بأنهن رجس وأنهن من عمل الشيطان، فالاشتغال بهن شر خالص لأن الشيطان كافر متمرد لا غرض له سوى مخالفة الله، والرجس مستقذر عقلا ونجس، وأكد تحريمهن بالأمر بالاجتناب وبترتيب الفلاح على اجتنابهن فلا يحصل الفلاح معهن وأكد تحريمهن بتحريم أعينهن ولو كان المراد تحريم معاملتهن فإن تحريم عين الشئ أبلغ من تحريم معاملته والانتفاع به، وكم شئ مرغوب في عينه محرم الانتفاع به كلبس الرجل الذهب والحرير، وزاد في تحريم الخمر والميسر تأكيدا بقربهما بالأصنام تشبيها بها، كما قال صلى الله عليه وسلم:

" شارب الخمر كعابد وثن "

، وكثيرا ما يسب شاربها الله عز وجل ويقارف ألفاظ الشرك وكلاهما كعبادة الصنم في ارتكاب المحرمات، وأكد تحريمها بالحصر بأنه ما أراد الشيطان بهما إلا إيقاع العداوة والبغضاء من أمور الدنيا والصد عن ذكر الله والصد عن الصلاة من أمور الدين، إذا شرب الخمر سب الناس ولا سيما إن شربها مع غيره، وتحصل العداوة بالسب، وقد يشربون معا تأكيدا للألفة ويئول أمرهم إلى أعظم عداوة وبغضاء بالتنازع، وقد يتقامرون ليحصل لهم مال يجودون على الفقراء ويئول أمرهم إلى ذهاب أموالهم كلما صار مغلوبا أعاد لعله يكون غالبا فلا عدو له أعدى ممن تغلب على ماله، وقد يقامر حتى لا يبقى له شئ فيقامر لجاجا وأنفة وطمعا في الغلبة بولده وأهله، فلا أعدى له ممن يأخذ ذلك منه، ويلهو المقامر والشارب عن الصلاة والذكر، وفي شربها سكر وطرب ولذة فيغفل عنهما، وفى المقامرة استغراق الكفر فيما يكون به غالبا، وخص الخمر والميسر بالذكر ثانيا مع ذكر العداوة والبغضاء والصد عن الصلاة والذكر؛ لأنهما مما يأنفه المؤمنون، وأنها المقصود بالذات في الآية الأولى، وأما الأنصاب والأزلام فليست مما يتعاطاه المؤمنون، وإنما ذكرت تأكيدا لقبح الخمر والميسر وإظهارا لكونهما كالأنصاب والأزلام، والصلاة داخلة في الذكر إلا أنها خصت باسمها تعظيما لها وإشعارا بأن الصاد عنها كالصاد عن الإيمان؛ لأنها عماد الدين، وليس بين العبد والكفر إلا تركه الصلاة، ويدل على أن المراد بالذات في النهى عن الخمر والميسر المؤمنون قوله تعالى

يا أيها الذين آمنوا

[المائدة: 90] وفي ذكر الانتهاء إيذان بأن الأعذار انقطعت ولم يبق إلا الانتهاء عن الخمر والميسر؛ لأن العداوة والبغضاء والصد يوجبن الكف عنهما. واللفظ استفهام والمراد الأمر، أى أتقيمون عنهما مع تلك المفاسد الدنيوية والدينية أم لا، انتهوا ولكونه بمعنى الأمر عطف الأمر عليه في قوله.

[5.92-94]

{ وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول } فيما أمر به الله ورسوله، { واحذروا } المخالفة في أمر الله ورسوله وفيما نهى الله ورسوله عنه كالخمر والميسر والأنصاب والأزلام، فهذا تأكيد لتحريمهن بذكر الله ورسوله معا وتكرير الإطاعة وذكر الحذر تعميما لهن ولغيرهن، وزاد تأكيدا آخر بقوله: { فإن توليتم } عن الإطاعة والحذر فجزاؤكم علينا لا على الرسول، ولم تضروا بتوليكم الرسول { فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين } أى تحصيل البلاغ للوحى، فهو مصدر، أو التبليغ فهو اسم مصدر، وقد بلغ فما ضررتم إلا أنفسكم، ولما ألفوا الخمر تحرا وشربا وإزالة للهم بشربها كان تحريمها تدريجا فنزل قوله تعالى

Página desconocida