Facilitación de la Exégesis

Qutb Atfayyish d. 1332 AH
200

Facilitación de la Exégesis

تيسير التفسير

Géneros

فأخذه أبو دجانة، سماك ابن خرشة الأنصارى فضرب به حتى انحنى، فلا يلقى أحدا إلا قتله به، وقاتل على قتالا شديدا، ورمى سعد بن أبى وقاص حتى اندق قوسه، ونثل له رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانته، ويقول له:

" أرم، فداؤك أبى وأمى "

، وأصيبت يد طلحة ابن عبيد الله ووقعت عين قتادة على وجنته، فردها صلى الله عليه وسلم، وكانت أحسن مما كانت ولا ترمد { وسنجزى الشاكرين } الله بالثبات فى أمر الدين، ومنه القتال والثبات يوم أحد، ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر أو ملك، وذلك تعريض بمن أكبوا على الغنائم حبا للدنيا، وتركوا المركز حتى قتلوا من ورائهم.

[3.146]

{ وكأين } تكثير ككم الخبرية، وأصلها كاف التشبيه، وأى الاستفهامية، كتب تنوينها فى الخط، وقيل، كاف التشبيه، وأوى بوزن ضرب مصدر، أوى بمعنى انضم، قلبت الواو ياء، وأغمت، والنون فى الخط تنوين حدث لها معنى التكثير بالتركيب، ككذا، حدث لها معنى ذلك لما ركبت من كاف التشبيه وذا الإشارية { من نبى } مرسل، من للبيان، أى كل فرد من ذلك الكثير نبى { قاتل } فى الجهاد فى سبيل الله، أو قتل فى الله بلا قتال ، وعن الحسن البصرى وسعيد بن جبير كما أخرجه عن ابن المنذر، ما سمعنا بنبى قتل فى الحرب، وهو نفى لقتله فيها، وللعلم به مع إمكانه { معه } فى الجهاد أو في دين الله { ربيون } أحياء بعده، لم يقتلوا معه، أى علماء أتقياء، أو معه عباد منسوبون إلى الرب سبحانه، لعلمهم وتقواهم، بكسر الراء، من شذوذ النسب، وكذا قراءة الضم، وقرىء بالفتح على القياس، وقيل الكسر، نسبة إلى الربة بالكسر، وهى الجماعة، وقيل ذلك كله العلماء، وقيل الأتباع والربانيون الولاة { كثير } ومعه ربيون جملة نعت لنبى، وقى قاتل ضمير نبى، أو حال من ضمير قتل ومن قال، لا تقتل الأنبياء فى الحرب، خص الآية بغير موتهم فى الحرب، بأن قاتل قومهم دونهم، أو جعل ربيون نائب فاعل قتل، عاب على المنهزمين بأحد وهنهم وضعفهم وخضوعهم بكثرة من لم يضعف ولم يهن ولم يخضع فى الأمم السابقة بعد قتل أنبيائهم، كما قال { فما وهنوا } مافتروا عن الحدة التى فيهم بموت نبيهم، وما استولى عليهم الخوف، وإن قلنا المقتول الربيون وحدهم أو مع نبيهم، أى معه فى القتل، فضمير وهنوا للأحياء بعدهم، دل عليه المقام، ونفى الوهن أو ما وهنوا حال رؤي بعض بعضا، يقتل أو أسند القتل لمن حضر معهم { لمآ أصابهم فى سبيل الله } من الجراح وقتل أنبيائهم وأصحابهم { وما ضعفوا } فى دينهم بالشكوك والشبهات حتى أرادوا الرجوع عن دينهم لدين الكفر، ولا عن الجهاد بطلب الصلح وإعطاء الدنية لم يفعلوا ذلك مع مشاهدتهم قتل أنبيائهم، فكيف فعلتم أنتم إذ سمعتم بقتل نبيكم مجر سماع لا تحقق معه، بل هو حى، وأردتم طلب الأمان من أبى سفيان بواسطة ابن أبى { وما استكانوا } استفعل من الكون، فالأصول الكاف والواو والياء المبدلة ألفا والنون، والكون والكين الذل أو السوء، أو الكون بمعنى الحصول، أى ما طلبوا من أنفسهم أو من غيرهم أن تكون لعدوهم، أو افتعل من السكن نحو الدار، فالأصول السين والكاف والنون، وأما الألف فللإشباع على غير قياس، وهو وجه ضعيف، لأنه فى غير الأخير، يختص بالشعر وبالشاذ، وقد وجدنا منه مخلصا { والله يحب } يثبت أو يمدح أو ينصر أو يعظم { الصابرين } على البلاء على العموم، أو الربيين، عبر عنهم بالصبر مدحا.

[3.147]

{ وما كان قولهم } مع ثباتهم وقوتهم فى الدين، وكونهم ربانيين بعد قتل نبيهم { إلآ أن قالوا } حرف المصدر والفعل بحسب التأويل كالمضمر، فإن ذلك لا يضمر ولا يوصف به ولا يوصف، وأنه أعرف للدلالة صريحا على الإسناد إلى المرفوع وزمان الحدث بخلاف المصدر المضاف فإنه يعلم أنه مضاف للفاعل أو المفعول بالدليل، فكان أن قالوا أحق بأن يسند إليه قولهم، فالمعنى، ما كان قولهم ربنا اغفر لنا إلا قولا معتادا لهم، بل يصح لغيره أن يكون قولهم وما زاد تعريفه، فهو أحق بالابتداء، فيكون اسما لكان مثلا، والمقدم يدل على تكرير قولهم المذكور بقوله تعالى { ربنا اغفر لنا ذنوبنا } والذنوب هنا الصغائر { وإسرافنا } فعلنا الكبائر مجاوزة للحد { فى أمرنا } فى مطلق أحوالنا، أو فى معصيتنا إذ بالغنا فيها بالكبائر، أو المراد بالذنب والإسراف واحد، الصغائر والكبائر، إلا أنهم ذكروها باسم مفهومه العتاب والعقاب، وباسم مفهومه مجاوزة الحد وذلك هضم لأنفسهم، لأنهم متصفون بأنهم ربيون، أو نظرا إلى حال تقدمت لهم، وفى ذلك تلويح إلى أن ما أصابهم إنما هو لذنوبهم { وثبت أقدامنا } ألق علينا الصبر وأزل الخوف عنا، ووفقنا فى مواطن الحرب الحاضرة هذه التى قتل فيها نبى، والآتية وفى سائر دينك، وقدموا الاستغفار على مقصودهم الأهم بحسب الحال، وهو الصبر والنصر، سعيا ورغبة فى تحصيل النصر، لأن الدعاء فى خضوع وطهارة قلب أقرب إلى الاستجابة، وقيل، قدموا المغفرة لأنها تخلية، وهى قبل التحلية، وقبل، ليستحقوا طلب الثبات والنصر { وانصرنا على القوم الكافرين } بإلقاء الرعب فى قلوبهم أو بتقويتنا عليهم، أو بما شئت، كرجم وخسف، وذلك تعريض بمنهزمى أحد، والاستغفار سبب لتثبيت الأقدام، وتثبيتها سبب للنصر غالبا، ومناجاتهم أحسن من مناجاة قوم طالوت.

[3.148-149]

{ فآتاهم الله } لاستغفارهم وطلب التثبيت والنصر على أهل الكفر لكفرهم، كما دلت له الفاء { ثواب الدنيا } النصر والعز والفتح وحسن الذكر فى الدنيا، والغنيمة بأن يتغلبوا عليهم حتى يأخذوها، ولو كانوا لا يأكلونها بل تنزل نار فتأخذها أمارة على قبول جهادهم والرضا عنهم، ولا تأكل الحيوان والعبيد بل تبقى لهم دون أنبيائهم،وأكل الغنيمة مخصوص بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته { وحسن ثواب الأخرة } ثواب الآخرة كله حسن، بفتح السين والحاء، وفى كله حسن بضم الحاء وإسكان السين، وأكد بجعله هو نفس الحسن، بضم فإسكان، أو حسنة بالضم والإسكان، التفضل المحض فوق ما جعله الله بفضله مستحقا لأعمالهم وثوابا لها، وعلى كل حال فهو الحشر فى أمن، والتسهيل فى الموقف ورضى الله عز وجل، والجنة ونعيمها، والإسراع إليها فضلا واستحقاقا بلا وجوب، ولم يصف ثواب الدنيا بالحسن لأن ما فى الدنيا يزول ويتكدر بالمشاق والآلام والآفات، وقد يعد الغفران من ثواب الآخرة الحسن، أو ذو الحسن { والله يحب المحسنين } مطلقا ومنهم هؤلاء، علمنا الله معشر الأمة أن نقتدى بهؤلاء فى ترك ما لا ينبغى فى الحرب، والإنصاف فيها بما ينبغى، فننال فوق ما نالوا، ونزل فى قول المنافقين المؤمنين فى هزيمة أحد، ارجعوا إلى الشرك وفى النزول على حكم أهل الشرك مطلقا، وفى طلب المؤمنين الضعفاء، ابن أبى أن يأخذ لهم الأمان من أبى سفيان، قوله عز وجل:

{ يآيها الذين ءامنوا إن تطيعوا الذين كفروا } تهتموا بطاعتهم أو تصمموا عليها، وذلك غير الرد على الأعقاب فلم يتحد الشرط والجواب، وأيضا قد تعتبر المخالفة باعتبار الخسارة من الجواب، وهى ضر الدنيا والآخرة، وهى غير الإطاعة، هم هؤلاء المنافقون القاتلون للمؤمنين، ارجعوا إلى الشرك وإلى إخوانكم، وطاعة الذين كفروا شاملة للنزول على حكم أبى سفيان بالأمان، فهو وأصحابه داخلون فى الذين كفروا، وقيل اليهود والنصارى، إذ يقولون، لو كان محمد رسولا لم يغلب، وقيل، الكفار مطلقا { يردوكم على أعقابكم } أى الشرك بعد كونكم فى التوحيد، كما يرد ماش إلى ورائه، فمحط الكلام فى تشبيه الرجوع إلى الشرك المحض الصريح من المنافقين المضمرين للشرك بالمشى إلى الوراء مجازاة على ظاهرهم، وإن خوطب من ضعف إيمانه فمحط الكلام فى الرد إلى الشرك هكذا، وهو أنسب بقوله يأيها الذين آمنوا { فتنقلبوا } ترجعوا إلى باقى دنياكم وإلى آخرتكم، أو تنزلوا عن مراتبكم الدينية المحقة { خاسرين } فى الدنيا والآخرة، بأن تنزلوا منازل المسلمين فى النار ومنازلكم، ويفوتكم منازلكم فى الجنة وغيرها، فتكون للمؤمنين، وتذالوا فى الدنيا، وتكونوا تحت القهر، ومن أشق الأشياء الإذعان للعدو وإظهار الحاجة إليه.

Página desconocida